مقالات مختارة

روسيا وإسرائيل اتفقتا علينا

1300x600
كتب جهاد الخازن: وسط كل أخبار الموت والدمار في سوريا كان هناك خبر لقي اهتماما قليلا رغم دلالاته المخيفة هو إقامة "خط مباشر" بين روسيا وإسرائيل تجنبا لأي حوادث بين طائرات البلدين في المجال الجوي السوري.. يعني اتفقتا علينا.

روسيا بدأت غاراتها الجوية في سوريا مع نهاية الشهر الماضي، وإسرائيل شنّت بضع عشرة غارة جوية منذ 2013 استهدف أكثرها عمليات نقل سلاح لحزب الله.

الاتفاق الروسي - الإسرائيلي يظهر أن بنيامين نتانياهو كان صادقا ولو مرة واحدة في حياته عندما تحدث بعد زيارة روسيا الشهر الماضي واجتماعه مع الرئيس فلاديمير بوتين عن اتفاق ثنائي على تنسيق العمليات العسكرية في سوريا، تجنبا لقيام حالات "سوء فهم" قد تؤدي إلى مواجهات. وتردّدت أنباء عن "خط ساخن" بين مطار اللاذقية وإسرائيل بدأ العمل.

الآن روسيا تتحدث عن اتفاق قادم مع الولايات المتحدة لضمان سلامة الطلعات الجوية، وعن مذكرة نهائية. المذكرة يدرسها محامون روس وأمريكيون وستوقّع قريبا جدا وفق تقرير وزارة الدفاع الروسية. وكانت روسيا أجرت اتصالات مماثلة مع الجيش التركي لتجنب وقوع حوادث بين الطائرات الحربية للبلدين.

كل ما سبق تزامن مع سقوط خطة أمريكية بقيمة 500 مليون دولار لتدريب معارضة معتدلة في سوريا وتسليحها. ويبدو أن البنتاغون قرر بدء خطة بديلة هي إرسال أسلحة ومعدات إلى جماعات معارضة مختارة يثق الأمريكيون فيها.

لا يوجد سبب منطقي لتوقع نجاح الخطة الثانية، بل أغامر بالقول إنها ستسقط كما حدث مع الخطة الأولى. ويبدو أن بوتين قرر أن أوباما عاجز، وأنه يستطيع أن يستغل عجزه لتنفيذ طموحاته السياسية والعسكرية في سوريا.

الدوما في موسكو يؤيد بوتين، غير أن الكونغرس يعارض كل قرار لأوباما، ما جعل الناطق الرئاسي يزعم بعد انهيار مشروع تدريب المعارضة وتسليحها أن المشروع فرِض على الرئيس بالقوة، وهو حمّل تحديدا الكونغرس الجمهوري وهيلاري كلينتون المسؤولية.

هذا الكلام غير صحيح، ولكن حتى لو كان صحيحا فهو يكشف عجز باراك أوباما وتخبطه مقابل جرأة فلاديمير بوتين.

الآن تدور معركة كبرى قرب حلب، والروس يقومون بغارات جوية على مواقع المعارضة، في حين يقال إن لإيران ألوف المقاتلين على الأرض، وإن الجنرال قاسم سليماني، قائد لواء القدس، في المنطقة لإدارة العمليات الإيرانية.

الصورة السابقة على سوادها غير كاملة، فالنظام ودولة داعش يقتسمان إنتاج الغاز، وقرأت أن حصة الإرهابيين أكبر.

ومن المعلوم أن 90 في المئة من الطاقة المستخدمة في سوريا تعتمد على الغاز.

ونقطة أخيرة، ألمانيا ستستقبل مع نهاية السنة حوالي 800 ألف لاجىء، معظمهم من سوريا، والولايات المتحدة ستقبل بدخول 1500 لاجئ.

الولايات المتحدة سكانها 320 مليونا وألمانيا 82 مليونا، ومساحة الولايات المتحدة 27 ضعف مساحة ألمانيا.

أهم من المهاجرين السوريين للإدارة والكونغرس أن يزور هذه الأيام الجنرال جوزف دنفورد، رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الجديد، إسرائيل، ليطمئن على الحليفة، ويرى بأم العين كيف تقتل حكومة إرهابية الفلسطينيين بسلاح أمريكي ومال، وحماية من الفيتو في مجلس الأمن الدولي.

(عن صحيفة الحياة اللندنية، 21 تشرين الأول/ أكتوبر 2015)