ملفات وتقارير

مصر على أعتاب برلمان بلا معارضة و"النور" تحت المقصلة

قائمة "في حب مصر" الموالية للنظام الأقرب للفوز - أرشيفية
قبل ساعات من انطلاق الماراثون الانتخابي لتشكيل مجلس النواب في مصر، تتسابق الأحزاب السياسية لاقتناص نصيب الأسد من أحد أهم الدورات البرلمانية في تاريخ مصر الحديث، بعدما ظلت البلاد لأكثر من عامين بدون مجلس نيابي.

خبراء ومراقبون رأوا أن قائمة "في حب مصر" التي تنفي اتهامات دائمة بأنها تابعة للنظام، هي صاحبة الحظ الأوفر في تلك الانتخابات. فيما تبدو فرص الحزب الإسلامي الوحيد (حزب النور- الذراع السياسية للدعوة السلفية) المشارك في الانتخابات ضئيلة لصالح التكتلات والأحزاب المؤيدة للنظام الحاكم.

من جانبه، قال الدكتور سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع السياسي، إن قائمة "في حب مصر" هي صاحبة الحظ الأوفر، نظرا "لكون الدولة في حالة حرب.. والتوجهات الحالية تتجه لمساندة النظام للخروج من المرحلة الحرجة الحالية"، على حد قوله.

وأشار صادق إلى أن حزب النور السلفي "لن يستطيع حصد أكثر من أصوات الناخبين السلفيين"، مستبعدا أن يؤدي الهجوم على الحزب السلفي إلى رد فعل عكسي في الانتخابات المرتقبة.

وقال إن "رجال الأعمال ورجال الدولة العميقة هم من يحركون الانتخابات البرلمانية لصالح النظام، نظرا لأن الاضطرابات التي تشهدها المنطقة تدفع البعض لدعم النظام والسياسات الحكومية".

وأوضح أن برلمان 2015 سيكون نسخة من برلمان 2010 (آخر برلمان في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك)، منوهًا إلى أن البرلمان المقبل سيغلب عليه المؤيدون للنظام، سواء من أصحاب القوائم أم من المستقلين، لافتا إلى أن الحضور الجماهيري لن يكون كبيرا نظرا لحالة الملل التي تسيطر على المواطنين من الحياة السياسية، لا سيما الانتخابات.

وقال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن فرص قائمة "في حب مصر" هي الأقرب لحصد أصوات الناخبين، نظرًا لهشاشة التحالفات الأخرى والصراعات الداخلية بينها، مرجعا سبب تراجع حظوظ القوائم الانتخابية الأخرى أيضًا إلى فقدانها الشخصيات الجماهيرية والمشهورة.

وأشار فهمي إلى أن "التربيطات" ستكون هي سيد الموقف في البرلمان المقبل، وأن فرص المرشحين المستقلين في المحافظات الإقليمية ستكون مرتبطة بمدى جماهيرية المرشح أكثر منه ببرنامجه الانتخابي، مشددًا على أن البرلمان المقبل سيكون داعمًا للنظام لمواجهة التحديات السياسية والأمنية الحالية.

"النور" تحت المقصلة

وفي خضم التسابق الحزبي، طرح حزب النور، نفسه على أنه حزب سياسي غير إسلامي وهو الوصف الذي يراه الحزب "اتهامًا" بينما يستغله خصومه السياسيون لإثبات أنه حزب قائم على أساس ديني، فيما ترفع تلك الأحزاب شعارات مدعومة بتوجهات حكومية مفادها أنه لا مستقبل للأحزاب الدينية في مصر.

الحزب، الذي يمثل  الذراع السياسية للدعوة السلفية (تأسست في الإسكندرية في سبعينيات القرن الماضي) أكد في أكثر من مناسبة أنه قائم على أساس القانون والدستور، وليس على أساس ديني، فتارة يدفع بشخصيات مسيحية على قوائمه الانتخابية وتارة أخرى تثبت أفعاله السياسية المتوافقة مع الإدارة السياسية أنه معادٍ للأحزاب والحركات الإسلامية وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين.

الحزب السلفي الذي حصد ثاني أكثر المقاعد في البرلمان السابق خلفا للحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، يسعى من خلال الخدمات الجماهيرية تارة وبطرح رؤى جديدة تارة أخرى، لاقتناص حوالي 65% من مقاعد البرلمان وفقًا لتصريحات أشرف ثابت نائب رئيس الحزب للأناضول.

حركات وأحزاب سياسية أطلقت خلال الفترة الماضية العديد من الحملات الجماهيرية التي تهدف لإقصاء الحزب من الصراع الانتخابي، وعلى رأسها حملتي "لا للأحزاب الدينية" التي أطلقتها مجموعة قالت إنها غير حزبية، وحملة "لو انتخبتوهم"، التي دشنها "التحالف الشعبي".

من جانبه، قال يحيي الجعفري أمين الإعلام بالتحالف الشعبي إن غرض حملة "لو انتخبتوهم" التي أطلقها حزب التحالف الشعبي، هو "التوعية بعدم انتخاب أي من أحزاب الإسلام السياسي الممثل في حزب النور بالانتخابات المرتقبة".


وأضاف الجعفري أن حملة لو "انتخبتوهم" لا مركزية تهدف إلى الوصول لأكبر عدد من الناخبين من الشباب، متوقعًا أن يغلب على البرلمان المقبل السلطة والنفوذ بسبب قانون الانتخابات، وبالتالي فإنها ستكون فئة غير قادرة علي مناقشة القوانين والتشريعات ويغلب عليها المال السياسي.

ما سبق حلقات مما قال الحزب إنها حملة إعلامية تدار ضده لإقصائه عن الحياة السياسية، بينما يظل متمسكًا بحقه كحزب سياسي في خوض السباق البرلماني.

من جانبه، أشار شعبان عبدالعليم الأمين العام المساعد لحزب النور، إن "وسائل إعلام تقود حملة لتشوية صورة الحزب على المستوى الشعبي".

وأشار عبد العليم أن الحزب لم يتأثر بـ"حملات التشويه" ولا يزال يحافظ على دعم جماهيري قوي، نافيًا الإتهامات المتداولة بشأن استغلال الحزب للمرشحين الأقباط لإثبات أنه حزب غير إسلامي، قائلاً: "المرشحون الأقباط على قوائم حزب النور لهم كافة الحقوق السياسية وهم ليسوا "كمالة" عدد أو أن الحزب يستغلهم كما يدعي البعض".

وأضاف عبد العليم: "حزب النور دفع بـ256 مرشحًا على المقاعد الفردية في كافة المحافظات بالجمهورية، و60 مرشحًا على القوائم، منهم 15 بغرب الدلتا و45 بقطاع القاهرة وشمال الدلتا".

ومن جانبه، قال نادر الصيرفي، أحد المرشحين الأقباط على قائمة حزب النور، إن الحملات المضادة سيكون لها مردود عكسي لصالح الحزب، لافتًا إلى أن الانتقادات التي توجه لحزب النور تترك مساحة للرد وكشف الحقيقة، واصفًا تلك الحملات بأنها "دعاية مجانية".

وبشأن الاتهامات المتوجهة للحزب بأنه يستغل المرشحين الأقباط لإثبات أنه حزب غير إسلامي، قال الصيرفي إنه مرشح الحزب وعضو اللجنة القانونية فيه، مشيرًا إلى وجود 40 قبطيًا من مؤسسي حزب النور وهو ما ينفيه، بحسب قوله، كون الحزب مؤسس على أساس ديني.

وأعلن المتحدث باسم القوات المسلحة المصرية العميد محمد سمير، الخميس، أن الجيش دفع بأكثر من 185 ألفًا من القوات المسلحة للاشتراك مع الشرطة المدنية لتأمين العملية الانتخابية على مستوى محافظات المرحلة الأولى لتأمين 18945 مقرا انتخابيًا.

وبدعم من حزب النور، فقد جرت الإطاحة في الثالث من تموز/ يوليو 2013 بأول رئيس مدني منتخب، الدكتور محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان، في خطوة يعتبرها أنصاره "انقلابا عسكريا"، ويراها معارضون له "ثورة شعبية".

ورصدت منظمات حقوقية وجمعيات أهلية مخالفات وخروقات دعائية لمرشحي انتخابات مجلس النواب المقرر إجراؤها غدًا السبت في الخارج، كان أهمها "استغلال دور العبادة والمناسبات القومية، ورأس المال السياسي".

ومن أبرز المرشحين لخوض الصراع الانتخابي هم مرشحون كانوا يتبعون الحزب الوطني المنحل، حزب الرئيس الأسبق حسني مبارك ، وحزب "النور" السلفي، وحزب "المصريون الأحرار"، والوفد (ليبرالي)، بالإضافة إلى قائمة "في حب مصر" التي تنفي اتهامات دائمة لها بأنها تتبع الدولة ويأتي على رأسها اللواء الاستخباراتي السابق سامح سيف اليزل.

ويقاطع الانتخابات جماعة الإخوان المسلمين التي تعتبرها السلطات تنظيما إرهابيا بقرار حكومي في  كانون أول/ ديسمبر 2013، وتراها الجماعة سلطات انقلابية أطاحت بمحمد مرسي أول رئيس مدني منتخب في 3 يوليو/ تموز 2013، وحزبا "الوسط" و"مصر القوية" المعارضان.

وأعلنت اللجنة العليا للانتخابات النيابية في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر، أنها استعانت بـ16 ألف قاضٍ للإشراف على الانتخابات، مشيرة إلى أنها أخرجت تصاريح لـ17 ألفًا و465 مراقبًا محليًا و717 أجنبيًا لمرحلتي الانتخابات التي تجري في تشرين الأول/  أكتوبر.

وكان من المقرر إجراء الانتخابات النيابية في شهر آذار/ مارس الماضي، إلا أنها أُجلت بعدما قضت المحكمة الدستورية العليا (أعلى هيئة قضائية في البلاد) بعدم دستورية قانون الانتخابات، ثم أعلنت اللجنة العليا للانتخابات في مصر (هيئة قضائية مسؤولة عن تنظيم الانتخابات)، في وقت سابق، انطلاق انتخابات مجلس النواب يومي 17 و18 تشرين الأول/ أكتوبر، خارج البلاد، وفي 18 و19 من الشهر نفسه داخلها، على أن ينعقد المجلس نهاية العام.

والانتخابات النيابية هي ثالث الاستحقاقات التي نصت عليها "خارطة الطريق"، والتي تم إعلانها في 8 تموز/ يوليو 2013، عقب إطاحة الجيش بمحمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا، وتضمنت أيضا إعداد دستور جديد للبلاد (تم في كانون الثاني/ يناير 2014)، وانتخابات رئاسية (تمت في حزيران/ يونيو 2014).

وأقر الدستور المصري الجديد، نظام "الغرفة البرلمانية الواحدة"، وتمت تسميتها بـ"مجلس النواب"، وأُلغيت الغرفة الثانية التي كان يشملها الدستور السابق، وهي ما كانت تُعرف بـ"مجلس الشورى"، ووفق قوانين الانتخابات، ويبلغ عدد مقاعد مجلس النواب 567 مقعدا (420 يتم انتخابهم بالنظام الفردي، و120 بنظام القائمة، و27 يعينهم رئيس البلاد)‎.