قضايا وآراء

الأقصى مشروعكم من بيوتكم .. فهل أنتم له منتصرون؟

1300x600
اليوم أقدم لكم مشروعا لنصرة الأقصى من بيوتكم وليس "دعم" المسجد الأقصى، لأن الدعم هو في اتجاه واحد غير متعاضد، بل ما أدعو إليه هو مشروع نصرة بسيط في تكوينه ونمائه، عملي في تطبيقه على قدر ما تطيقون، ومن بيوتكم دون رقيب يرهقكم ومرتعش يبدد أعصابكم.
 
ولكن قبل هذا …
 
دعونا نقبل أياديهم بل نقبل أقدامهم …
 
هم فتية.. هم شيب.. هن نساء شابات ومسنات.. هم أطفال لم يبلغوا حلمهم ..
 
إنهم جميعا آمنوا بربهم، فزادهم إيمانا وهدى وإصرارا على أن المسجد الأقصى هو جزء من عقيدتهم، كيف لا؟
 
لقد عملوا بعد أن أدركوا السر في الربط بين الإسراء من المسجد الحرام في مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى، الذي بارك لله حوله في القدس الشريف وما حول القدس الشريف، لتتسع دائرة مباركته دوائر متزايدة في أقطارها، لمن أراد الرباط فيه ومن حوله إلى يوم الدين (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) (الإسراء)).
 
لقد أدركوا السر في مشيئة الله بهذا الربط، فلم يُعرج برسول الهدى عليه أفضل الصوات والتسليم، من مكة المكرمة، ولكن الله عز وجل أرادها إسراء من مكة، ومعراجا من الأقصى إلى السماواتِ العُلى، إلى سدرة المنتهى.. لقد أدركوا سر تلك التوأمة فعلمِوا سرا من أسرار عقيدتهم فعمِلوا تبعا لما أدركوا.
 
إنهم جميعا دافعوا ويدافعون عن المسجد الأقصى وبصدورهم العارية، أمام أعتى قوة عنصرية صهيونية مدججة بأعتى أنواع الأسلحة، الممولة ممن يدعون إلى نبذ ومحاربة الأرهاب وهم في الإرهاب مشترِكون، بل إن حِمل ووِزر من مول وغذى القاتل أكبرُ وأمرُ وأولى أن يُحاسب هو وقتلته الذين هم خاصته.
 
نحن أمة الرحمة بالإنسانية، ونعلم يقينا أن لا مساحة للإرهاب الذي يدعونه في ديننا، وإن ابتلينا بفكر ضال مضل. بالطبع نحن لا إلى هؤلاء ولا هؤلاء، بل إلى الصراط المستقيم متبعين، لأننا أمة الخيرية والتعاونية والإحسان التي ترأف بالإنسان والحيوان والنبات والبيئة وكل شئ حي وغير حي.
 
بالأمس واليوم وكل يوم، نراهم يدافعون عن المسجد الأقصى، والرصاص والنيران تتطاير إليهم ومن حولهم ومن أعلاهم وأسفلهم.
 
رأينا من قبل فتياتنا اللواتي لم تتعكر تربيتهن ولا قيمهن بقيم فكر الفلول ومخادع الشر والفساد، رأيناهن بحجابهن الذي ينطق بما في قلوبهن، كما نطقت أحجبة أمهات الشهداء في غزة العزة الأبية.. رأيناهن وهن يدفعن بفلذات أكبادهن نحو الدفاع عن النفس وتراب الوطن.
 
رأينا ممن وهن العظم منهم واشتعلت رؤوسهم شيبا، ولم يكونوا أشقياء أبدا بدعائهم لربهم تضرعا إليه أن يحمي الأقصى.. رأيناهم يحملون أمتعتهم وسجاداتهم قادمين من أرجاء مترامية من فلسطين الحبيب.. من يافا عروس البحر وما جاورها، ومن أم الفحم وما حولها. نعم رأيناهم يأتون يقيمون الليل في رمضان، ويصلون الجمعة والجماعة. رأيناهم يأتون ويلبون النداء دفاعا عن الأقصى شيبا وشبانا وأطفالا.
 
وفي نفس الوقت، رأينا وسمعنا الفلول وأصحاب ثقافة "ازرع زيتون، ازرع تفاح.. مقاومتنا بدون سلاح"، بأغانيهم الهابطة، واللذين صدئت فلاترهم، فلم يعد يرشح منها إلا بهتانهم الذي هو بضاعتهم التي ردت إليهم، بنفس المقدار ولكن في عكس الاتجاه، فكانت محصلتهم صفر اليدين وكأنهم يتيهون في السبات، دون قصد في تطبيق قانون نيوتن الثالث لمحصلات القوى.
 
اليوم نرى أفعال هؤلاء الصهاينة في عدوانهم على المسجد الأقصى، فتجعل ولدانهم شيبا وبالتأكيد لا وِلدانِنا أبدا.
 
نعم رأينا ذلك بأم أعيننا، ونرى النصر قادم بإذن الله. ولكن لا يأتي بعض منا، ويعلق وهنه على الأوضاع السياسية وموازين القوى والحدود والحواجز أبدا !!!
 
نقول لمن أصابه الوهن، وينتظر الغير أن يمد له يده فيصب له الماء، بل ليسقيه ذلك الماء الضرار في فمه. نقول لهؤلاء: ألستم من أمة "وأعدوا لهم ما استطعتم"؟ ماذا استطعتم أن تفعلوا، بشرط أن يكون هو حد ومنتهى استطاعتكم الأعلى؟
 
اليوم أقدم لكم مشروعا لنصرة المسجد الأقصى من بيوتكم، وربما قدمه غيري اقتراحا - ولا يهم من - فلنا ولكم الأجر جمعا إن شاء الله.. لا تخافوا ولا تلتفوا يمنة ويسرة، فلن تفعلوا شيئا يغضب أحدا أبدا، بل بإذن الله سيرضي ربكم ورسولكم.
 
إنه مشروع إضاءة الأقصى من بيوتكم، فلكم الحق أن تسألوا عن الكيفية حتى لا أُوصف بالخطابية دون التطبيقية البتة أو المثالية. نعم، هو من بيوتكم أنتم أمتي، وليس من بيوت فلاترهم ولا تفاحهم.
 
إنه من بيت حبيبكم محمد صلى الله عليه وسلم الذي دعاكم أن تُهدوا المسجد الأقصى زيتا، عندما لا تستطيعون المجيء إليه، كما في الحديث الشريف عن ميمونة مَوْلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم التي قَالَتْ: "يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَفْتِنَا فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَقَالَ: " أرض المنشر والمحشر، ائتوه فصلوا فيه فإن صلاة فيه كألف صلاة فيما سواه". قالت: أرأيت إن لم يطق أن يتحمل إليه أو يأتيه ؟ قال: " فليهد إليه زيتا يسرج فيه فإن من أهدى له كمن صلى فيه ".
 
مشروع "الأقصى من بيوتكم"، وبكل سهولة ويسر يتكون من ثمانية مكونات في عملية مترابطة، تتعاضد لتبني لبنة فوق لبنه كالتالي:
 
أولا: نربي الناشئة منذ الصغر على أن المسجد الأقصى جزء لا يتجزأ من عقيدتنا.
ثانيا: أن ننشئ صندوقا لدعم الأقصى في بيوتنا، نبدأه كما تبدأ تجمع في حسابك في البنك القروش والملاليم.
ثالثا: أن يتم دعم الصندوق من الكبير قبل الصغير، وبشكل يومي ولكن بالقليل جدا مثل الريال والقروش وأصغر الوحدات، كل على قدرته.
رابعا: أن يُشجع الصغار والذراري، فكلما كان لهم مساهمات كُبرى كلما تعاظم حبكم لهم ومكافأتكم لهم.
خامسا: أن يفرغ ما في الصندوق أسبوعيا، وأن يُعمل رسما بيانيا على مدار الأسابيع والشهور، فنراقب تحسن أداء الصندوق وكأنه محفظة بنكية.
سادسا: أن يسند ما جُمع أو فُرغ من الصندوق لهيئة خيرية معتبرة، تعنى بشئون المسجد الأقصى والقدس وإعمار القدس ودعم أهلها وصمودهم، وإن تعذر يقوم أناس على عمل مشاريع خيرية في القدس، تنفق ما يجمع في مصارفها كما سأذكر تاليا، لدعم الأقصى وتذليل صعوبات العيش حوله.
سابعا: أن تتم صلوات قيام ليل شهرية، أقل أو أكثر، ويكون فيها الدعاء للأقصى والقدس وكل فلسطين والأمة في مآسيها، في الوتر مع الأهل والأحباب.
ثامنا: أن يتم توليد الفقرات من أولا إلى سابعا، من أسرة إلى أخرى.
 
لا شك، أن ثامنا هي أهم الخطوات في توليد مشروع "الأقصى من بيوتكم" وتكراره cloning or replicating، في عائلتك الصغيرة، أو عشيرتك والأصدقاء من حولك ومن في دائرتهم الأضيق فالأوسع، حتى تزداد الدائرة فيعم الخير على أقصانا، ولكن بعقيدة الأقصى هو جزء لا يتجزأ منها، فتكون أجيال لا تهزها رياح الضرار ولا سياج الفلاتر التي صدئت وتعفنت في مخدعها.
 
هذ هو ملخص مشروع "الأقصى من بيوتنا" الذي أطرحه، ولكن لنتذكر:
 
إننا لا نستطيع الآن أن نقوم إلى الأقصى ولا نأتيه كما يجب، ولكن هناك من في الدار مرابطون !!!
 
هناك من هم في الدار، عندهم بيوت تكاد تقع على ذويها !!!
 
هناك من هم في الدار، لهم مدارس ومعاهد وكليات ومستشفيات، تكاد لا تستوعب ولا تتسع لجزء من كفاية المقدسيين !!!
 
هناك من هم في الدار، عندهم مدارس للمكفوفين ودور أيتام وأصحاب الاحتياجات الخاصة !!!
 
هناك من هم في الدار، عندهم أسواق القدس القديمة وحوانيتها، تباع فيها الجنبيات والمصطبيات والتراثيات، لا حدود لها من أرض فلسطين الحبيه !!
 
هناك من في الدار، مؤهلون من الشباب الذكور والإناث، من يحتاجون الوظائف والمشاريع - التي تقيهم قوتهم فيصبروا ويصابروا ويرابطوا في القدس ويفعلوا الخير فيكونوا من المفلحين !!!
 
هناك من في الدار، كهولا ممن تضيق بهم سبل الحياة ولكنهم سدنة القدس وأقصاها !!!
 
هناك من في الدار من يحمون أقصاكم ويذودون عنه بصدورهم العارية أمام أسلحة وفتك الصهيونية العالمية !!!
 
هناك من في الدار من يرابط عنا وعن أهلنا وذرارينا، ونحن لاهون ساهون في حياتنا، بل بعضنا والغ في الترف.
 
ألا يستحق أولئك، أن نهدي لهم بزيت يضئ قدسنا وأقصانا بصمودهم في أرض المحشر والمنشر؟
 
يا ويلنا في يوم لا ظل له إلا ظله سبحانه !!!
 
يا ويلنا وقد سمعنا قرآنا يُتلى، فيه أوامر ربنا، وحديثا شريفا من رسول الهدى عليه أفضل الصلاة والتسليم، يأمرنا أن نأتي المسجد الأقصى فنصلي فيه !!!
 
يا ويلنا ونحن لا نستطيع أن نأتيه فلا نهدي إليه زيتا ولا مالا، يقي أهله من طرد المحتلين الصهاينة ويديم استمرارية صمود مقدسيتهم.. ليس ذلك فقط مطلوب من الفلسطيني، ولكنه واجب على كل من هو من أمة الخيرية والتعاونية والإحسان!!
 
ألا يستحق أولئك أن نبدأ تفعيل مشروع نصرة الأقصى من بيوتنا، من أسرتنا الصغيرة التي هي خاصتنا ونحن من نرعاها؟
 
فلنبدأ مشروع "الأقصى من بيوتنا"، ولنجعل نصرته تبدأ من بيوتنا وتستمر إلى أن يأخذ الله الأرض ومن عليها.
 
حفظ الله لنا ديننا الذي هو عزة أمرنا، وحفظ الله لنا أقصانا وفلسطين كل فلسطين.. أرض المحشر والمنشر وفتح عمر وصلاح الدين.. اللهم آمين.
 
اللهم إني بلغت اجتهادي وقلة حيلتي، اللهم فاشهد.
 
الكاتب رئيس مجموعة أبحاث هندسة البرمجيات، في جامعة غرب إنجلترا – بريستول- المملكة المتحدة