كتاب عربي 21

حول خرافة اتحاد يهود العالم لدعم "إسرائيل"

1300x600
كثير منا يعتقد أن اليهود العاملين في الاعلام، والوظائف الاكاديمية، وغيرها يعملون جميعا في انسجام لخدمة المشروع الصهيوني والدفاع عنه. نعتقد انه يوجد دعم أمريكي لا محدود لإسرائيل - في المقام الأول - بسبب جهود اللوبي اليهودي الذي لا يكل للتأثير على السياسة الخارجية الأمريكية، ونعتقد أيضا إن إسرائيل جزء رئيسي من الهوية اليهودية لدرجة أن يهود العالم مستعدون للتضحية بنقودهم وراحتهم لدعم الدولة اليهودية.

وككل الخرافات فإن هذه الفكرة لا يمكنها الصمود أمام الفحص الدقيق. 

بادئ ذي بدء يمكن القول إن التزام اليهودية العالمية تجاه إسرائيل هي من قبيل الالتزام المتردد على أحسن تقدير. ويبلغ تعداد اليهود عالميا 14 مليون، 6 مليون منهم إسرائيليون، يعيش منهم 5 ملايين فقط في "إسرائيل"، وهو ما يعادل تقريبا ثلث يهود العالم. ومن بين هؤلاء الخمسة ملايين، فإن 40 - 60% تقدموا بالفعل أو يخططون للتقديم للحصول على جنسية أخرى. 

ويشكل اليهود حوالي 75% من الدولة اليهودية؛ وهذه المشكلة الديموجرافية هي الاكثر الحاحا بالنسبة للمشروع الصهيوني، لانه من المستحيل الحفاظ على استمرار هذه النسبة. بدأت اسرائيل في البحث بعيدا و بشكل موسع عن المجتمعات اليهودية النائية في الهند وامريكا اللاتينية حتى تجد مهاجرين محتملين لتعزز من نسبة اليهود وتغيير التشكيلة الديموجرافية. ويشير الواقع إلى أن معظم اليهود الذين انتقلوا الى اسرائيل خلال العشرين عاما الماضية كانوا مهاجرين لاسباب اقتصادية بالدرجة الاساسية، وليس لأسباب أيدولوجية أو دينية. وقد شكّل المهاجرون اليهود من الاتحاد السوفييتي سابقا النسبة الكبرى من المهاجرين خلال السنوات الحديثة، محاولين الهروب من الكساد الاقتصادي والبحث عن فرص جديدة.

بالطبع فإن اسرائيل تفهم ذلك، ولذا فإنها تبحث الآن عن أفقر اليهود في اسيا وإفريقيا. ومن المعروف إن أكبر جالية يهودية في العالم موجودة في الولايات المتحدة الامريكية، وهي بلد يمتلك فرصا أفضل لليهود من إسرائيل، وبالتالي فإن هذا الوضع سيصعب من فرص هجرة اليهود من أمريكا إلى إسرائيل، كما أنه يقوض المبدأ الذي قامت عليه الصهيونية ودولة إسرائيل؛ وهو إن اليهود يعانون من اضطهادات لا نهائية عندما يعيشون ضمن مجتمع ذي أغلبية غير يهودية.

يهجر عشرات الالاف من الاسرائيليين الدولة باحثين عن ظروف مادية وحياتية وفرص عمل واحتراف افضل بالخارج، ويهاجر معظم هؤلاء إلى الولايات المتحدة او أوروبا، وهم - بصورة واضحة - غير راغبين في التخلي عن رفاهيتهم المادية لمصلحة القضية الصهيونية.

وبالنظر إلى اللوبي اليهودي، فإن تلك المنظمات الموالية لاسرائيل أنفقت ما مجموعه 3 مليون دولار في العام الماضي؛ وهو ما يفوق قليلا ما أنفقه لوبي الدواجن ولكنه أقل من نصف ما أنفقه لوبي منتجات الحليب!

إن دعم التجربة الصهيونية لا يتم فرضه على السياسيين ضد رغبتهم باستخدام لوبي يهودي يملك كل أدوات القوة، إنها كذبة! حيث توجد شبكة معقدة من المصالح تستفيد من دعم الولايات المتحدة لاسرائيل، ومن الضروري أن نعلم إن المنظمات ذات التوجه الإسرائيلي ليست حتى ضمن أفضل 50 لوبي في الانفاق للتأثير على اعتمادات الميزانية، بل- في الحقيقة - ليست حتى من ضمن أفضل مئة.

إن ما ينفقه اللوبي اليهودي للضغط على الحكومة الامريكية يعادل 0.025 % مما تنفقه صناعة الدفاع، وهي الصناعة التي تعتبر المستفيد الاول من المساعدات الامريكية لاسرائيل.

إننا نتحدث كثيرا عن منظمة آيباك، ولكن الحقيقة انها لا تملك تقريبا أي تأثير من أي نوع كان على دعم الولايات المتحدة لاسرائيل، فإذا ما أدارت شركات مثل لوكهيد مارتن وبوينج والتكنولوچيا المتحدة ظهرها لاسرائيل، لن تكون آيباك بدون قوة في مواجهتهم فقط؛ بل من المحتمل أن تبدأ آيباك نفسها في شجب اسرائيل!