طب وصحة

عربي21 ترصد تردّي الخدمات الصحية الحكومية بالأردن

يعاني الأردنيون من نقص الأدوية والمواعيد الطويلة وعدم توفر الخدمة الطبية المناسبة ـ أرشيفية
تشهد المرافق والمستشفيات الصحية الحكومية الأردنية تراجعا على صعيد الخدمات المقدمة والسرعة في علاج المرضى المراجعين لها.

وقد يكون موعدك لمراجعة الدكتور لتشخيص وجعك الذي وصلت مسرعا إلى المستشفى من أجله بعد ستة شهور أو أكثر، وليس مستغربا بعد تفاقم حالة المريض الطبية أن يقول له الطبيب "أنت لست مريضاً" أو اتهام الطبيب للمريض بأنه "يتوهم" ويعود المريض ليبدأ رحلة طويلة من الآهات والأوجاع التي تزداد كل يوم.

فحوصات مخبريه غير متوفرة ومواعيد طويلة الأمد

أبو رعد في الأربعينيات من عمره شكا لـ "عربي21 " سوء الخدمات المقدمة في مستشفى حمزة الحكومي في منطقة "طبربور" بالعاصمة عمان، فـ"أغلب الفحوصات التي طلبها الطبيب غير متوفرة في المختبر الرئيسي للمستشفى"، يقول أبو رعد، ويتساءل "ما فائدة اتساع المستشفى إذا لم تتوفر فيه هذه الفحوصات الروتينية".

 ولم يخفِ المراجع أبو لؤي غضبه على حال "مستشفى الإيمان الحكومي" في محافظة عجلون عندما راجع الطوارئ لانتفاخ في اليدين والقدمين، وطلب الطبيب المناوب فحص "اليوريك أسيد"، إلا أن الفحص غير متوفر، وعندما طلب من الطبيب قياس فحص السكر التراكمي أجابه الطبيب بأن الفحص التراكمي أيضا غير متوفر، ليعود أبو لؤي إلى بيته في قرية تبعد 15 كلم عن المستشفى يصارع وجعه دون تشخيص.

وبتنهيدات متقطعة ممتزجة بعلامات التعب والمرض بدأت الحاجة أم جهاد تتحدث لـ "عربي21" التي تعاني من هشاشة العظام بالدعاء على مستشفى "البشير" (أكبر مستشفى حكومي في الممكلة)، حيث طلب منها الطبيب صورة رنين مغناطيسي، لتفاجأ أن الموعد بعد سبعة شهور ونصف، الأمر الذي أصابها باليأس والإحباط.

ويعاني الشاب علي من أعراض "ارتفاع درجة الحرارة والتوتر ونحول في الجسم"، فطلب منه الطبيب التسجيل لموعد للكشف عن حالته ليكون موعده بعد سبعة شهور؛ الأمر الذي دفعه للذهاب إلى طبيب خاص وإجراء فحوصات في مختبرات خاصة، ما كلفه مبلغا كبيرا من المال، وتبين أنه مصاب في الغدة الدرقية وأخذ العلاج اللازم أيضا على نفقته، رغم أنه مؤمّن صحيا.

ويتساءل الشاب علي عن حالة المريض الفقير الذي لا يستطيع العلاج على نفقته الخاصة في ظل التردي الواضح في الخدمات الصحية الحكومية.

أجهزة معطلة لفترات طويلة

وألغت أم طارق موعدها في مستشفى الأميرة بسمة في مدينة إربد (شمال)، بسبب تعطل جهاز الرنين المغناطيسي، ما دفعها للتوجه لمستشفى آخر لإجراء الفحوصات على نفقة إحدى الجمعيات الخيرية.

ويتكرر المشهد في مستشفى حمزة في العاصمة عمان من تعطل أحد أجهزة الأشعة، ما أصاب المراجعين بالإحباط، والأمر ذاته يشكي منه مراجعو مستشفى الزرقاء الحكومي، في مدينة الزرقاء (وسط).

نقص الأدوية

كما يعاني مراجعو المستشفيات الحكومية من نقص الأدوية، وعدم توافر الأدوية في أحيان أخرى، حيث يعود كثير من المراجعين إلى بيوتهم دون علاج لعدم توفره في الصيدلية الرئيسية للمستشفيات، ما يضطرهم لشرائه من الصيدليات التجارية.

وأخذت الحاجة أم علي في أروقة مستشفى الأمير حمزة تتذمر من أن الطبيب قد كتب لها ستة أنواع من الأدوية لا يتوفر أي منها في الصيدلية، متسائلة ما الفائدة من قدومها إلى المستشفى بعد موعد أربعة شهور ولا يوجد دواء لـ"عربي21"، الأمر الذي يزيد من تعقيد المشهد الصحي ونوعية الخدمات التي تقدم للمواطنين.

الاكتظاظ يعيق تقديم الخدمة الطبية اللائقة

وزير الصحة الأردني الدكتور علي حياصات رمى الكرة في مرمى الأزمة السورية وحركة اللجوء الكثيفة في المملكة.

وشدد حياصات في حديث خاص لـ"عربي21" على أن السوريين قد زادوا العبء على المرافق الصحية في مختلف مناطق المملكة، وأن ازدياد عدد السكان قد شكل فارقا في نوعية الخدمة الصحية المقدمة، من حيث الضغط على الأجهزة الطبية وأجهزه الأشعة وغيرها، مؤكدا على نقص الأدوية في المستشفيات، ومواعيد العمليات المتأخرة.

الأخطاء الطبية

وتعدّ الأخطاء الطبية حالة قد انتشرت في الآونة الأخيرة في الأردن، حيث توفي أحد الأشخاص
بعملية قسطرة للقلب نتيجة لزيادة مادة التخدير.

وتعدّ قصة إصابة الشاب عدي "24عاما" بالشلل الكامل نتيجة خطأ في التشخيص الطبي، حيث أصيب بتسمم في الدم بعد أقل من 12 ساعة من مراجعة الطبيب، حيث تم إعطاؤه 17 إبرة مضادة للتسمم "بالصفار"، ثم اكتشف فيما بعد أنه تم إعطاؤه العلاج الخاطئ وبجرعة خطيرة أدت إلى تلف في المخيخ بالكامل، حيث رفض المستشفى فتح تحقيق بالحادث.

وينفي وزير الصحة وجود تلك الأخطاء التي يتداولها البعض، مبينا أن البعض يشيع ويطلق الاتهامات جزافاً حسب تعبير الوزير.

مرافق ومواقع لا تتناسب وأسس العلاج

ويعتبر مواطنون أن مستشفى الأميرة بسمة (شمال)، ومستشفى الزرقاء الحكومي (وسط) ومستشفى جرش الحكومي (وسط) مثالا على سوء اختيار المكان اللازم للاستشفاء، والذي يجب أن تتوافر فيه المعايير الصحية من حيث البعد عن الاكتظاظ السكاني، والازدحام المروري، وتوفر أماكن فسيحة للمرضى والزوار.

وأقر حياصات بأن "مستشفى الزرقاء الحكومي" بحاله لا تتناسب وواقع الخدمة الصحية، منوها إلى مبنى جديد يجري نقل المستشفى إليه يتناسب مع المعايير الطبية ذات الجودة العالية، حيث إن المستشفى الجديد سيصبح قريبا في استقبال المراجعين من المرضى.

واسطات ومزاجية عاليه لدى الموظفين

إضافة إلى كل ما يعانيه القطاع الطبي يقف المواطن حائراً أمام سوء التعامل الذي يجده من الموظفين في المستشفيات الحكومية، التي لا تراعي حالة المريض الطبية، وفق ما رصد مراسل "عربي21".

ويعبّر معاذ الشاب العشريني عن امتعاضه من موظفة المحاسبة حيث أنها تعطي معظم وقتها للحوار والرد على الهواتف، وتسيير معاملات عن طريق الواسطة وأقارب لمعارفها على حساب الطابور الملتزم بالدور، منوها إلى أن البعض يأخذ صورة الأشعة في اليوم ذاته لأنه"مسنود" من أحد الموظفين في الإدارة أو الأشعة أو أحد الأطباء.

الصحه في الأردن بالأرقام

وتشير أرقام دائرة الإحصاءات العامة لسنة 2012 إلى أن عدد الأردنيين وصل الى 6,338,000 نسمة، ويتلقون العلاج في 106 مستشفيات موزعة على القطاعات الحكومية والعسكرية والخاصة.
 
ووفقا لدائرة الإحصاءات العامة لسنــــة 2012 فإن عـــــدد الأسرَّة الطبـــــية في المستشفيات الحكوميـــــة والخاصة والعسكرية يبلغ 12106 ســــــريرا بواقـــــع سرير لكل 528 مواطنا.