كتاب عربي 21

لجنة الأشقياء: " فؤاد رياض وشركاه"!

1300x600
من أراد أن يقف على معنى سوء الخاتمة، فلينظر للقاضي السابق فؤاد عبد المنعم رياض، رئيس لجنة ما يسمي بتقصي الحقائق عن أحداث ما بعد 30 يونيو، بعد الانقلاب العسكري على الحكم المنتخب!.

فقد تمكن المذكور بالتقرير الذي وضعه، من أن يدخل وأعضاء لجنته التاريخ، ولكن بظهورهم، عندما قبلوا بإرادتهم الحرة، أن يزينوا لقائد الانقلاب سوء عمله ليراه حسناً، بعد أن مكنه بالتزييف من براءة، مشكوك فيها، بل إن الأدلة تتراكم على أنه ارتكب جرائم أقرب لجرائم الحرب. و"رياض" صاحب خبرة بها باعتباره كان قاضياً في المحكمة الجنائية الدولية لجرائم الحرب في يوغسلافيا السابقة!.

تشكيل اللجنة كان كاشفاً منذ البداية، عن هذه النتيجة، التي تزيد الاحتقان، ولا تنزع فتيل الأزمة، ولن تقنع أي "صريخ ابن يومين"، وبدا فيها أعضاء اللجنة مع الجناة، كما لو كانوا قد أعدوا التقرير لأنفسهم، لعلمهم أنها لجنة فاقدة للثقة والاعتبار، فلم تشكلها جهة محايدة، وإنما كانت "عقدة النكاح" فيها بيد من ارتكبوا المذابح ونصبوا المحارق للمتظاهرين السلميين!.

فرئيس اللجنة "فؤاد عبد المنعم رياض" صاحب موقف منحاز لصالح الانقلاب، وضد الحكم المنتخب بالإرادة الحرة للمصريين، وقد قبل أن يكون عضواًً فيما سمي بالمجلس القومي لحقوق الإنسان، بقرار من السلطة الغاشمة التي جاءت على ظهر دبابة، فهو يفتقد للحياد المفترض ابتداء.

واللافت أن من ضمن من قام بترويجه أعضاء المجلس القومي لحقوق الإنسان في "زفة جنيف" أن هذا المجلس صار مستقلاً الآن، بعد أن كان يجري اختيار أعضائه من مجلس الشورى في السابق، في محاولة يائسة لإدخال الغش والتدليس على الحضور، كما لو كان اختيارهم تم في عهد الانقلاب بالانتخاب الحر المباشر، وليس عبر الديمقراطية غير المباشرة، باختيار "الغرفة الثانية للبرلمان" لهم.

لقد كان طبيعياً، والاختيار كذلك، أن يأتي تقرير ما سمي بلجنة تقصي الحقائق، وهو ينظر إلى ما أطلق عليه بـ "التجمعات" في "رابعة" وغيرها، على أنها عمل مجرم، وليس مظاهرات احتجاجية ضد الانقلاب، الذي قالوا أنه جاء بإرادة الناس التي تمثلت في مظاهرات جماهيرية، في وقت يستنكرون فيه مظاهرات مضادة خرجت لتعبر عن "وجهة النظر" الأخرى!.

لقد بنى تقرير "لجنة الأشقياء" مقدمته، على أن هذه التجمعات عمل إجرامي بالأساس، ليصبح من الطبيعي أن تتدخل الشرطة لفضها، باستخدام القوة في فض هذه التجمعات، بل وتصدر توصية في التقرير تطالب بالتدريب الكافي لرجال الشرطة على فض مثل هذه التجمعات، حتى لا تقع أخطاء بسيطة كتلك التي وقعت في التعامل مع "رابعة" وأخواتها!.

اللافت أن تقرير اللجنة سالفة الذكر، لم يذكر قوات الجيش التي كانت حاضرة عمليات الفض، فقد تم حصر الأمر في الشرطة، ثم تولي تبرئتها بأنها لم تكن أكثر من رد فعل، على استخدام المتظاهرين للسلاح؛ وكان أول قتيل من جانب الشرطة، التي "تدرجت" في استخدام الوسائل، ولم تلجأ للقوة إلا بعد منتصف النهار، وهو أمر تكذبه أعين كل من شاهد عملية الفض عبر شاشة قناة "الجزيرة"، التي عوقب مراسلها بالاعتقال لأنه نقل الحقيقة للعالم، وعوقب وزير الإعلام في عهد الدكتور مرسي بالسجن أيضاً، لأنه سمح لسيارة البث الحي أن تنتقل إلى "رابعة" قبل الانقلاب، وعندما وقع تعامل معها المتظاهرون على أنها غنيمة حرب.

قتل من كانوا في "رابعة" بدأ مبكراً وبعد وصول القوات مباشرة، وتم الانتهاء من "تجمع النهضة" سريعاً، وقبل الساعة العاشرة صباحاً كان أحد الصحفيين هناك، واتصل بي ليخبرني أن الميدان لم يعد به أحد من المتظاهرين، وأنه يرى أمامه جثثاً محروقة. فلا حديث عن التدرج في استخدام القوة كما قال تقرير "لجنة الأشقياء".

لقد شاهدنا استهداف المتظاهرين السلميين بالرصاص الحي، ورأينا هذا الذي يحمل مصاباً أو شهيداً، ويجري به، فإذا برصاص القناصة يستهدفه، ليلحق به شهيداً أو مصاباً، حتى لا يتمكن من نجدته بإسعافه إن كان على قيد الحياة أو بالحفاظ على جثمانه إن كان قد قتل برصاص الجناة.

هل نكذب أعيننا ونصدق "لجنة عبد الفتاح السيسي"؟.. عندما شاهدنا زميلاً يتكأ على ذراع زوجته، وقد طاله رصاص الجناة في أكثر من مكان، وبينما تساعده للانتقال بعيداً عن القنص وإسعافه، إذا بطلقة من قناص تصوب إليها فترتفع بها هي شهيدة، وبقي زوجها الزميل شاهداً على جرائم العسكر، الذين كانوا يتصرفون كقوة احتلال، وليس تعبيراً عن حكم يدعي حب الجماهير له. وبالصوت والصورة.

ما علينا، فرغم تطرق "لجنة الأشقياء" إلى ما لا يعنيها، وما هو خارج اختصاصها، فقد تجاهلت ما يمثل جزءاً مهماً من اختصاصها الأصيل، بل الجزء الأهم وهو قرار المسؤول عن خروج هذه القوات وذهابها لمكان هذه "التجمعات"، وأعداد هذه القوات بالاسم، وقرار الاختصاص المنظم لوظيفتها. وهي لم تنشغل بذلك لأن مثل هذه القرار سيمكن الضحايا من الوقوف على الجناة، ومؤكد أن وزير الداخلية لن يوافق على أن يظهر في الساحة وحده، ولو عملت اللجنة بعد ذلك على تبرئته من الجرائم المرتكبة، لأنه إذا كان الأمر اليوم قبضة قائد الانقلاب، فغداً لناظره قريب، سيكون الحساب، وستنصب المحاكمات الجادة، التي لا هزل فيها!.

اللجنة التي قصرت في اختصاصها، تصرفت كما لو كانت لجنة مكلفة لوضع حلول لمشاكل البلاد، فخرجت عن مقتضى الواجب الوظيفي المقرر لها على سبيل الحصر، بالحديث عن استكمال خارطة المستقبل، وأعادت انتاج تصريحات إبراهيم محلب رئيس حكومة السيسي، بضرورة إجراء الانتخابات النيابية في موعدها المحدد.. ليبق السؤال وما هو موعدها المحدد؟!.

فقد كان الموعد المحدد بنص دستور الانقلاب الذي خالفوه بأن تبدأ إجراءاتها في موعد أقصاه 18 يوليو الماضي، والسيسي يؤجل ويؤجل، لأن الانقلاب لم يعد على قلب رجل واحد، وهو يخشي من هيمنة رجال الأعمال وأحزابهم عليه، ويطلق "عواجيز الفرح" من عمرو موسى للجنزوري للقيام بترتيبات تمكنه من السيطرة على البرلمان، وقد فشلوا في المهمة إلى الآن!.

لقد دغدغت اللجنة مشاعر الأقباط، حلفاء الانقلاب بقرار الأنبا تواضروس، ودغدغت مشاعر الغربيين بالحديث عن الكنائس التي دمرها الإرهابيون، وخرجت عن دورها وطالبت بمنع التمييز ضد الأقباط صوره وأشكاله كافة، دون أن تحدده، لأن في تحديده ما يجعل السلطة هي المطالبة برفعه، لكن اللجنة تركت الأمور هكذا لدغدغت المشاعر ليس إلا.

لقد ذكر مطران المنيا في وقت الاعتداء على الكنائس عقب الانقلاب، أن بلطجية ومسجلين خطر، هم من قاموا بذلك وليس الإسلاميين، وأنهم طالبوا من الشرطة النجدة، لكنها لم تكترث، على نحو كاشف أن ما حدث كان يستهدف استمالة الغرب، بتأييد الانقلاب الذي جاء ليحمي الأقباط من النازيين الجدد.

اللجنة في تحديها للثوار الثكالى، بدت في ثقة جماعة لجنة السياسات في الحزب الوطني، وهم ينظرون إلى فاعليات أحزاب المعارضة ضد تزوير الانتخابات البرلمانية سنة 2010، إذ كانوا يظنون أنه لن يقدر عليهم أحد، وفي مواجهة "البرلمان الشعبي" سخر مبارك وهو ظالم لنفسه، في خطاب افتتاح برلمانه بقوله: "خليهم يتسلوا".. فكانت ثورة يناير، فحل البرلمان فقيل له بل أنت المطلوب بالرحيل!.

"بشرة خير"!