ملفات وتقارير

توسيع العمليات العسكرية بسيناء: الدوافع والتداعيات

يوم الجيش المصري بإزالة المنازل قرب الحدود مع غزة

بالتوازي مع خوض العالم حربا ضد ما يسمى بتنظيم "الدولة الإسلامية"، تخوض مصر منذ أكثر من عام عمليات مفتوحة ضد المسلحين في مناطق بشمال سيناء بهدف القضاء عليهم.

الغريب في الأمر أن نشاط هؤلاء المسلحين مستمر، وعمليات استهداف قوات الجيش متواصلة، ولا يمر أسبوع دون أن تطالعنا الصفحة الرسمية للمتحدث العسكري بخبر مذيل بعدة صور عن قتل وضبط وتدمير وحرق...

يقول الخبير الاستراتيجي اللواء محي الدين نوح لـ"عربي 21": "إن مثل هذا النوع من العمليات يحتاج إلى وقت طويل بسبب حساسية الأوضاع في شمال سيناء، ومن أجل تجنب سقوط ضحايا من المدنيين" حسب قوله.

غياب الحقوق والحريات

وهنا تكمن الأزمة، فمع استمرار العمليات التي لا يلوح في الأفق إطار زمني لنهايتها، يدفع الأهالي في سيناء ثمن الصراع دون رقيب أو حسيب، أو تواجد فعلي حقيقي للمنظمات الحقوقية والإنسانية.

يقول مسؤول ملف سيناء في المجلس القومي لحقوق الإنسان، في حديث لـ"عربي 21": "يتم إبلاغنا من وقت لآخر عن وجود قتلى وجثث مقطوعة الرأس وإصابات بطلقات نارية جميعها من مصادر مجهولة، ولا نعلم من؟ وأين؟ ولماذا؟ حدث ذلك، فما بين المطرقة والسندان يسقط ضحايا كثر".

استطاع الجيش المصري أن يدخل آليات عسكرية وطائرات آباتشي إلى المنطقة الحدودية مع قطاع غزة ومناطق التماس مع أراضي فلسطين 48، وأن ينشر عددا أكثر من الجنود لمساندة القوات التمركزة هناك في محاربة المتشددين، على غير ما تنص اتفاقية السلام الموقعة مع إسرائيل.

بقاء المسلحين أو الإبقاء عليهم من أسس اللعبة

في الوقت الذي تقول فيه السلطات المصرية إنها تحمي الأمن القومي المصري، وتسعى للقضاء على الإرهاب، تعد إسرائيل تلك العمليات حماية لها من هجمات المسلحين.

ويعد بعض المحللين أنه طالما استمرت العمليات العسكرية، استمر تواجد تلك القوات والآليات العسكرية، فيظل بقاء المسلحين أو الإبقاء عليهم تحت المجهر من أسس اللعبة.

وفاقمت إطالة أمد العملية العسكرية في شمال سيناء، حيث تتمركز معظمها في منطقتي الشيخ زويد ورفح وأحيانا جنوب مدينة العريش، دون تحقيق نتائج ملموسة على الأرض؛ من وضع أهالي سيناء السيئ في تلك المناطق، فعادة ما تنتهك حرماتهم وحرياتهم، بل وتستباح حياتهم نتيجة القصف العشوائي من كلا الجانبين، سواء بقذائف المسلحين أو صواريخ الجيش.

يقول اللواء محي الدين نوح: "المجموعات الإرهابية عادة ما تندس بين الأهالي حتى يحدث خسائر بين المدنيين عندما يضرب الجيش، ويعد ذلك نقطة قوة لهم، ونقطة ضعف لدى الجيش. ولكن عندما تأتي نيران من تلك الأماكن فعلى الجيش أن يضرب ويتوخى الحذر أيضا".

تجاوزات بحق أهالي سيناء

يعزو البعض إطالة أمد تلك العملية العسكرية لعدم وجود استراتيجية واضحة في مواجهة تلك العناصر المسلحة، بحسب الصحفي المتخصص في الشأن السيناوي أحمد أبو دراع.

ويقول أبو دراع في حديث لـ"عربي21": "استطاع المسلحون أن يستفيدوا من سقوط ضحايا مدنيين بنيران الجيش بأن كسبوا بعض التعاطف، والسماح لهم بالاختباء لديهم". وأشار إلى وجود تجاوزات يومية بحق الأهالي من خلال المداهمات المستمرة والاعتقالات التي تطال المواطنين بشكل عشوائي، وعدم احترام الحقوق والحريات لهم.

لا يستطيع أهالي المعتقلين في شمال سيناء السؤال عن أبنائهم، ويظل مكان أو سبب احتجازهم سرا، بل ويخشى البعض السؤال حتى لا تطاله يد الاعتقال، كما لا توجد وسيلة تواصل معهم حقوقيا أو إنسانيا بسبب الإجراءات الأمنية المشددة، بحسب أهالي المعتقلين.

ما يزيد الطينة بلة، عملية تجريف الأراضي الزراعية على الطرق للمزارعين، وتدمير مزارعهم، وحظائرهم دون صرف أي تعويضات مادية لهم، أو إيجاد بدائل.

كما بدأت السلطات بمحافظة شمال سيناء المصرية قبل أيام عملية إخلاء منطقة الشريط الحدودي مع قطاع غزة بمدينة رفح المصرية من السكان، بحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية المصرية.

وقالت المصادر إنه "تم منح القاطنين على الحدود لمسافة 300 متر فرصة للإخلاء والانتقال إلى مكان آخر". وأضافت أن "هذه المرحلة يتلوها مرحلة أخرى لاستكمال عملية إخلاء المنطقة الحدودية حتى مسافة 500 متر".

حقيقة أرقام قتلى العناصر المسلحة

يقول مسؤول ملف حقوق الإنسان في سيناء الدكتور صلاح: "تصلنا شكاوى شفوية متعددة من مواطنين تُدَمر منازلهم ومزارعهم ويموت منهم أعداد كبيرة، ونقوم برفعها  لوزارة الدفاع.. ولكن لم يصلنا رد على أي منها حتى الآن".

ويشكك البعض في حقيقة الأرقام التي تعلنها السلطات في مصر حول أعداد المسلحين الذين يتم تصفيتهم في شمال سيناء، ويشير البعض إلى تناقض الصور التي يتم نشرها للمسلحين القتلى مع العدد أو مع طبيعة قتلهم وظروفها المناخية .
  
ويشير أبو دراع إلى أن وجود قوات عسكرية لم يكن يسمح لها بالتواجد سابقا وضعٌ قائم لا يُراد له أن ينتهي، بل يعمل الجيش على تعزيزه من أجل إحكام قبضته الأمنية على المنطقة،  بحسب أبو دراع.