كتاب عربي 21

أميركا تعيد تشكيل النظام الدولي والإقليمي: أين الإسلاميون والقوميون؟

1300x600
"الحرب على داعش" هو عنوان التحالف الدولي-الإقليمي-العربي الجديد لإعادة تشكيل النظام الدولي والإقليمي الجديد، والدول العربية والإسلامية وخصوصا العراق وسوريا هي ساحة الصراع الجديدة والذي تخوضه أميركا عبر قيادة التحالف وبالتعاون مع حوالي 40 دولة، وما يجري ليس جديدا على الصعيد الدولي والعربي، فهذه المنطقة العربية والإسلامية كانت محور الصراع منذ أكثر من مائة عام من خلال إسقاط السلطنة العثمانية وسيطرة المستعمرين على بلادنا وتطبيق اتفاقية سايكس-بيكو وإقامة الكيان الصهيوني وتقسيم المنطقة إلى دويلات وكيانات خاضعة للسيطرة الغربية أو الشرقية، وكل عشر أعوام أو أكثر كنا نشهد هجوما أو حربا دولية أو إقليمية على هذه المنطقة لإعادة تعزيز السيطرة الدولية والاستعمارية على بلادنا مع تغيير الأساليب والوسائل وأسماء الدول والحجج لتبرير التدخل الغربي.

لكن الأمر الملفت اليوم أنه طيلة الحروب الماضية وفي مواجهة التدخلات الغربية أو الشرقية كنا نشهد مقاومة أو رفضا أو اعتراضا على هذه التدخلات وكان الاستعمار الغربي والشرقي مرفوضا ومدانا من غالبية أبناء الأمة العربية والإسلامية، واذا لم يكن بالإمكان مقاومة الاستعمار أو التدخل بالسلاح والقوة والمقاومة كنا نشهد مبادرات ومشاريع عمل لتوحيد الأمة أو القوى الحية في الأمة.

فبعد حرب الخليج الثانية بعد دخول صدام حسين إلى الكويت واحتلال أميركا وحلفائها المنطقة مجددا نشأ المؤتمر القومي العربي ومن ثم نشأ المؤتمر القومي- الإسلامي ومؤتمر الأحزاب العربية وسابقا برزت المقاومات الوطنية والإسلامية والقوى والتيارات الجهادية في كل العالم العربي والإسلامي ونشأت أيضا حركات وجماعات وجمعيات إسلامية إخوانية وسلفية ودعوتية ويسارية وقومية وكلها تدعو لمقاومة المحتل أو المستعمر أو العمل لإنقاذ الأمة من براثن التخلف والرجعية والديكتاتورية والظلم والعمل لتطبيق المشروع النهضوي العربي والإسلامي.

وأما اليوم فها هو التحالف الدولي-الإقليمي-العربي يتشكل تحت عنوان محاربة "داعش" وهو يجد ترحيبا وقبولا من معظم الدول العربية والإسلامية ومن يرفضه يرفضه لأنه ليس جزءا منه أو تخوفا من أن يدفع الثمن، وباستثناء أصوات قليلة تحذر مما يجري وتتخوف من أهداف هذا التحالف لا نجد مواقف جدية للمقاومة أو المواجهة أو لقطع الطريق عليه عبر مواجهة التطرف والعنف الموجود في بلادنا.

وأما الإسلاميون والقوميون فهم الغائب الأكبر عن الصورة باستثناء بعض البيانات أو المواقف الخجولة، وقد كان مقررا أن ينعقد المؤتمر القومي-الإسلامي هذا الشهر في تونس لبحث أوضاع الأمة وإعادة توحيد الموقف مما يجري، لكن لأسباب لوجيستية وعملية وبسبب استمرار الخلاف بين القوميين والإسلاميين حول العديد من الملفات تأجل المؤتمر إلى شهر كانون الأول/ ديسمبر من العام الحالي أو شهر كانون الثاني/ يناير من العام المقبل، وبانتظار انعقاد المؤتمر لم نسمع عن اجتماع للقيادات القومية والإسلامية لبحث ما يجري واتخاذ الموقف المناسب أو تحديد الرؤية عما ينتظرنا في الأيام المقبلة.

قد يكون صحيحا أن القوى الإسلامية والقومية قد لا تستطيع تغيير خريطة الأوضاع والوقوف بوجه التحالف الدولي-الإقليمي-العربي الجديد وهي محرجة بين رفض الحرب الجديدة وبين السكوت عن أعمال داعش وتطرفها، لكن على الأقل ليقل لنا الإسلاميون والقوميون والعروبيون واليساريون والليبراليون والديمقراطيون موقفهم مما يجري، وهل يوافقون على الاحتلال أو الاستعمار الجديد لبلادنا؟ وكيف نواجه التطرف الذي تمثله داعش والذي كبر ونما بسبب الظلم والديكتاتورية والأخطاء التي يرتكبها الظالمون من بلادنا؟ وإلى أين نحن نتجه بعد كل ما حصل في بلادنا منذ حوالي الأربع سنوات؟.

نحن اليوم بحاجة إلى رؤية جديدة ومراجعة شاملة لما يجري وغياب الإسلاميين والقوميين عن المشهد السياسي يكشف عن عمق الأزمة التي نعانيها وبدل أن نتوحد في مواجهة المخاطر المختلفة ها نحن نغرق مجددا في الخلافات والانقسامات، لكن يبقى الأمل في هذه الأمة وفي الشعوب فاذا لم تجد من يقودها لا بد أن تنهض وتنتفض يوما ما ضد الاستعمار وضد التخلف والتطرف معا.