سياسة دولية

غزل إيراني مصري.. هل ينبئ بتحالفات جديدة بالمنطقة؟

مصر وإيران يسيران بشكل حثيث نحو تعزيز علاقاتهما - أرشيفية
أوصل الحراك الدبلوماسي بين مصر وإيران إلى تنامي الفرص بتحسين العلاقة بين البلدين، بعد سنوات من القطيعة والتوتر، في محاولة من نظام السيسي إلى التماهي مع السياسة الخارجية الإماراتية من جهة، والضغط على واشنطن للحصول على دعم أمريكي أكبر لهذا النظام.
 
ويرى مراقبون في التصريحات الصادرة من طهران حول آمال إيران "باستعادة مصر لدورها المحوري في المنطقة"، والاحتفاء الإعلامي المصري بهذه التصريحات، إلى أن البلدين يسيران بشكل حثيث نحو تعزيز علاقاتهما وتعاونهما في عدد من الملفات الساخنة في العالم العربي.

واهتمت وسائل إعلام حكومية مقربة من النظام المصري بتصريحات المستشار السياسي للمرشد الأعلى في إيران علي أكبر ولايتي، التي أكد فيها أن بلاده "تحترم إرادة الشعب المصري في اختيار من يحكمه".

ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الحكومية تصريحات ولايتي التي أدلى بها أثناء لقائه مع وفد صحفي مصري مقرب من الحكومة زار طهران منذ أيام، وأكد فيها ولايتي إن إيران "ترحب بأي خطوة إيجابية وبناءة لدعم العلاقات مع مصر صاحبة التاريخ العريق والدور المحوري في منطقة الشرق الأوسط".

وأضاف ولايتي أن بلاده تحترم خيارات الشعب المصري في الثلاثين من حزيران/ يونيو عام 2013، معربا عن أمله في تجاوز البلدين للقضايا "غير الجوهرية" التي تعرقل تحسين العلاقات بينهما.

وتأتي زيارة الوفد الإعلامي المصري التي لا تعتبر الأولى منذ الانقلاب العسكري وسط مؤشرات عديدة على تحسين العلاقات بين البلدين، تمثلت بخطوات وقرارات اتخذها النظام المصري، تتوافق في جوهرها مع سياسات إيران في المنطقة.

فقد قام النظام المصري منذ الانقلاب بحملة ضد المعارضين واللاجئين السوريين في مصر، فيما تتهم بعض أطراف المعارضة السورية النظام المصري بتقديم الدعم السياسي لنظام الأسد ومده بالسلاح الذي يستخدمه ضد المعارضة المسلحة في البلاد.

وعلى صعيد ذي صلة، عمل النظام المصري على مد جسور التعاون مع حكومة المالكي التي كانت مدعومة من إيران قبل الإطاحة بالمالكي وتكليف حيدر العبادي بتشيكل الحكومة العراقية الجديدة، وقد نفذت زيارات على مستوى عال بين البلدين، كان أهمها زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري لبغداد في الحادي عشر من تموز/ يوليو الماضي، وزيارة نائب رئيس الوزراء العراقي السابق خضير الخزاعي للقاهرة في التاسع من حزيران/ يونيو الماضي، وهما الزيارتان اللتان عبر خلالهما الطرفان عن تعميق التعاون في "مكافحة الإرهاب" والحفاظ على بناء موقف موحد من القضايا المشتركة.

وينظر إلى هذه الزيارات كمحاولة من نظام السيسي لإحداث اختراق في العلاقات المصرية-الإيرانية، باعتبار المالكي حليفا رئيسيا لطهران، وهو الأمر الذي ينطبق أيضا على رئيس الوزراء العراقي الجديد حيدر العبادي.

وفي أخبار ذات دلالة، نشرت مصادر إخبارية عربية أنباء عن استعداد السيسي لتزويد العراق بأسلحة تساعد حكومة بغداد على مواجهة الخطر الداهم المتمثل بـ"تنظيم الدولة" الذي بات يسيطر على أراض واسعة من العراق.

وقال خبير في الشؤون الخارجية العربية لـ "عربي21" إن سياسة السيسي الساعية لتعميق العلاقات مع إيران من خلال دعمه لحلفائها الرئيسيين في دمشق وبغداد؛ تهدف إلى التماهي مع السياسة الإماراتية في المنطقة العربية، نظرا لدور أبو ظبي الكبير والمعلن في دعم السيسي منذ بدء الإعداد لانقلاب 3 يوليو وحتى اليوم.

وأضاف الخبير الذي طلب من "عربي21" عدم الكشف عن هويته، أن أبو ظبي بالرغم من خلافها المعلن مع إيران، إلا أنها تحالفت عمليا مع سياستها في سوريا من خلال دعم نظام الأسد، مشيرا إلى أن بعض الشركات الإماراتية تعرضت لعقوبات دولية بسبب تعاملها مع نظام الأسد في مخالفة واضحة للقرارات الدولية المتعلقة بالمقاطعة الاقتصادية على النظام السوري، مدللا على ذلك بفرض عقوبات أمريكية على شركة "بانغيتس" الإماراتية بسبب بيعها منتجات نفطية لنظام الأسد، قالت وزارة الخزينة الأمريكية إنها استخدمت على الأرجح لأغراض عسكرية.

ونوه الخبير بالشؤون العربية الخارجية إلى وجود أنباء عن علاقات تجارية قوية بين محمد بن زايد وشقيقه منصور من جهة والمالكي من جهة أخرى، مضيفا أن الإمارات كانت الدولة الخليجية الأولى التي رحبت بالتقارب الإيراني الأمريكي بعد التوصل إلى صفقة النووي بين طهران والدول الست الكبرى في جنيف قبل أشهر.

وقلل الخبير العربي من إمكانية تشكيل حلف استراتيجي بين طهران والقاهرة وأبو ظبي، ولكنه قال لـ "عربي21" إن السيسي يسعى، بالإضافة إلى إرضاء أبو ظبي، للضغط على الولايات المتحدة من خلال التلويح بتحسين علاقاته مع طهران وموسكو، بهدف دفع واشنطن لتقديم المزيد من الدعم لنظامه، وللحفاظ على مستوى الدعم الأمريكي السياسي والعسكري والاقتصادي له، مشيرا إلى أن مصر هي الدولة الثانية في منطقة الشرق الأوسط من حيث حجم المساعدات والدعم الأمريكي.

من جهته قال المحلل الإيراني محمد صادق الحسيني إن تقاربا كبيرا حصل بين مصر وإيران خلال الفترة الأخيرة، مشيرا إلى الزيارات المتبادلة، وآخرها زيارة وفد إعلامي مصري إلى طهران، وإرسال موفد أمني كبير من القاهرة إلى طهران سرا.
وأضاف الحسيني، في تصريحات لنشرة أخبار المسائية على قناة الميادين في الأول من سبتمبر الجاري، إن زيارة الموفد الأمني تحديدا تعني أن مصر تريد فتح علاقة مع طهران متقدمة عما هو عليه الآن، وهو الأمر الذي فشلت فيه حكومة مرسي، حسب قوله.