سياسة عربية

برلمان مصر المقبل.. هل سيكون أداة بيد النظام؟

البرلمان
في كل مرة يلتقي فيها بمسؤولين أمريكيين، يحرص المشير عبد الفتاح السيسي على التأكيد لهم على إجراء انتخابات مجلس النواب، بهدف كسب المزيد من الشرعية الدولية برغم التجاذبات الداخلية، تارة حول ضرورة إجرائها وتارة أخرى حول تأجيلها لبعض الوقت.

أول حديث عن موعد البدء في إجراءات الانتخابات البرلمانية كان خلال لقاء السيسي بوزير الخارجية الأمريكي جون كيري أواخر يونيو الماضي، حيث قال: "سيتم الإعلان عن البدء في إجراءات عقد الانتخابات البرلمانية قبل الثامن عشر من يوليو القادم". وبالرغم من ذلك، لا يزال موعد الانتخابات مجهولا حتى الآن.

 لجنة الانتخابات: لا يوجد سقف زمني لإجراء الانتخابات البرلمانية

 وعن موعد إجراء الانتخابات، قال المتحدث باسم لجنة الانتخابات البرلمانية المستشار مدحت إدريس لـ "عربي 21": "لا يوجد سقف زمني، أو تاريخ محدد لدعوة الناخبين للانتخابات"، مشيرا إلى أن "اللجنة منوط بها تنفيذ القانون فقط، وأنها بصدد الانتهاء من الإجراءات اللازمة في الوقت المناسب". 

 ونفى المتحدث باسم اللجنة وجود أي معوقات أمام اللجنة، مضيفا أنه "لا يوجد تأخير في إجراء الانتخابات، ونحن في انتظار قانون تقسيم الدوائر الانتخابية، التي تعد خطوة كبيرة نحو تحديد موعد إجرائها".

واتهم القيادي بالجمعية الوطنية للتغيير الدكتور أحمد دراج، اللجنة بالتأخر والتباطؤ، وقال في حديث لـ "عربي 21": "إن طريقة تفكير القائمين على لجنة الانتخابات البرلمانية هي السبب الحقيقي في تأخير إجراء الانتخابات البرلمانية".           

 وأشار دراج إلى أن تصورهم بأن البرلمان المقبل سيعمل ضد رئيس الجمهورية مجرد أوهام، قائلا: "الحقيقة، أنه لن يقف أمام رغبات الرئيس سوى جماعات المصالح الشخصية، والمحتكرون الكبار، ورجال الأعمال، وأصحاب رؤؤس الأموال الذين سيقفزون داخل المجلس المقبل".

 برلمان بصلاحيات واسعة.. وأحزاب وشخصيات ضعيفة
 
 وبحسب الدستور الجديد، فإن مجلس النواب يتمتع بصلاحيات واسعة وقوية من شأنها مزاحمة الرئيس في العديد من القرارات المهمة، إلا أن وضع الأحزاب يبدو ضعيفا ومهترئا وغير قادر على مواجهة الرئيس ولن يستفيد من تلك القوة الدستورية.

 أستاذ القانون الدستوري وعضو اللجنة العليا للإصلاح التشريعي الدكتور صلاح فوزي رجح في تصريح لـ "عربي 21" "أن يعمل البرلمان المقبل من خلال التعايش مع الحكومة، أو مع بعضه البعض في ظل غياب تحالفات حزبية كبيرة، وهو ما يرجح أن ينجم عنه اتجاه عام يعمل بالتوافق مع سياسات الدولة دون معارضة قوية"، مشيرا إلى أن "الدستور أرسى مبدأ التعددية وليس الحزبية".

وخلال الفترة الماضية ظهرت أحزاب جديدة على الساحة السياسية بشخصيات غير مؤثرة سياسيا حاولت تكوين كيانات أو تكتلات كبيرة فشل معظمها في تكوينها ومعظم هذه الأحزاب ترغب في الانضواء تحت مظلة تحالف سياسي قويا سياسيا وماليا ويكون في إطار دعم الدولة وعلى رأسها السيسي، من أجل تمرير برامجه.

 أغلب الأحزاب السياسية - التي تخطى عددها الثمانين حزبا - ضعيفة أو حديثة العهد بالعمل السياسي وليس لديها قاعدة شعبية تذكر، وغالبية الشعب ليس على دراية بوجودها أو بنشاطها أو باتجاهها.

 في هذا الصدد قال أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية طارق فهمي: "التحالفات الحزبية بها حالة من السيولة بسبب وجود شخصيات غير مؤثرة، وقد أخفق الكثير في تكوين تكتلات لها ثقلها".

 وأضاف الدكتور فهمي في حديث لـ "عربي 21" أن "البرلمان المقبل غير واضح المعالم، وسيكون انتقاليا، ولن تكون له هوية، ولن يكون سياسيا، ولن يتمتع بغالبية، ولن تكون هناك معارضة حقيقية، وسيكون عمره قصيرا بسبب التشرذم ، والدعاوى القضائية التي ستطعن في شرعيته".

 فيما اعتبر الدكتور أحمد دراج أن البرلمان المقبل سيكون مخيفا، ولن يفرز قوى وطنية حقيقية، وستكون الغلبة فيه لأصحاب المصالح منتقدا قانون الانتخابات، وضعف الأحزاب المتواجدة على الساحة السياسية.
 
البرلمان المقبل سيتم تطويعه

 وقد أقرت مصر في حزيران/ يونيو الماضي قانونا يسمح للمرشحين بالنظام الفردي بالحصول على أغلبية المقاعد في البرلمان، ما أثار انتقادات الكثير من الأحزاب السياسية التي قالت إن هذا الإجراء سيضعفها. وسينتخب 420 عضوا من جملة 540 عضوا بالبرلمان بالنظام الفردي.

 ومن المتوقع أن تشرذم البرلمان المقبل سيسهم في تشكيل جبهات ضعيفة متناحرة، وغير قادرة على مواجهة أي قرارات للرئيس ما يعزز من قبضته على السلطة، بحسب رأي بعض المحللين.

 ويذهب كثير من المراقبين إلى القول بأن المجلس النيابي المقبل سيتم تطويعه، ولن يستطيع ترجمة النصوص الدستورية على أرض الواقع، مشيرين إلى أن البعض يحاول العمل بشكل دءوب على تأسيس دولة الفرد من أجل تحقيق مصالح شخصية بحتة تبقي على نفوذهم، وإفراغ العملية السياسة في البلاد من مبدأ المعارضة أو المكاشفة، أو المحاسبة.