عندما أطاح الجيش
المصري بالرئيس المنتخب محمد
مرسي في 3 تموز/يوليو حذر المحللون من تداعيات عودة العسكر وإمكانية عودة
الإخوان المسلمين لخيار الجهاد الذي غالبا ما انتقدتهم الجماعات المتطرفة لعدم تبنيه.
وقال المراقبون في حينه من أن الإطاحة برئيس الإخوان المنتخب سيدفع الإخوان للتخلي عن العملية الديمقراطية والتحالف مع الجماعات المتطرفة التي تشن حربا لا هوادة فيها ضد النظام في شبه جزيرة سيناء المصرية.
وبعد مرور ثمانية أشهر على الغاء الجيش العملية الديمقراطية وسجن قادة الإخوان والرئيس مرسي لم تتحقق النبوءة ولا توجد أية أدلة عن تورط الإخوان المسلمين في العمليات الإرهابية التي تقوم بها جماعات في سيناء والمدن المصرية واستهداف مؤسسات الامن المصرية والتي قتل منذ تموز/يوليو الماضي أكثر من 300 ناشط وجندي ورجل أمن في المواجهات الدائرة، رغم مسارعة الحكومة المدعومة من العسكر لتحميل الإخوان المسؤولية، وحظر نشاطاتهم واعتبارهم جماعة إرهابية.
ويؤكد إريك تريغر، الزميل الباحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، في مقال له نشر على موقع المعهد لا توجد أدلة عن انضمام الكثير من الإخوان المسلمين إن كان هناك أحد للجماعات الجهادية. ويرى أن الإخوان بدلا من ذلك تبنوا استراتيجية أخرى "فوسط القمع الذي أدى لمقتل أكثر من 1000 من مؤيدي مرسي فالإخوان المسلمين لا يديرون خدهم الأيمن لكي يضرب الأيسر، ويقومون مسلحين بأسلحة بدائية مثل العبوات النارية وقنابل المولوتوف بإدارة حملة عنف بمستوى صغير ضد أهداف حكومية متعددة وتهدف لإثارة الفوضى وبالتالي إضعاف نظام ما بعد مرسي".
والمفارقة أن الإخوان المسلمين يستخدمون نفس الأساليب التي تبناها المتظاهرون من معارضي مرسي بعد إعلانه الدستوري في تشرين الثاني/نوفمبر 2012 وعملوا على إسقاطه.
ويقول تريغر إن الإخوان يعتمدون في الترويج ونشر جهود العنف هذه على إعلام التواصل الإجتماعي ويقومون كما يشير بإنشاء حسابات
فيسبوك والتي جذبت إليها ألالاف "المعجبين". مثل "حركة إعدام" والتي يقول معجب "حركة إعدام تأسست للإنتقام من كل قاتل ومجرم" وظهرت الصفحة في إيلول/سبتمبر ودعت لموت كبار قادة الإجهزة الامنية. وطلبت من المؤيدين لها أي الحركة وعددهم حوالي 3.000 لحرق سيارات الشرطة "هناك 34.750 عنصر شرطة في مصر.. 80%يملكون سيارات" حسبما ما كتب على الصفحة في 26 كانون الثاني/يناير "إذا قمنا باستغلال الفوضى وحرقنا 1000 عربة شرطة، فستقوم الحكومة بتعويضهم وهو ما سيؤثر على الميزانية أو تتركهم بدون سيارات مما سيؤدي للتاثير على معنويات الشرطة وأدائها"، وعلى ما يبدو فعربات الشرطة هي الهدف الرئيسي لهذه الجماعة.
وهناك جماعة أخرى يقول الكاتب إنها مؤيدة للإخوان وهي "حركة مولوتوف ضد
الإنقلاب" والتي ظهرت نهاية عام 2013 وتقدم تقارير عن الهجمات التي يقوم بها المعجبون بالصفحة وأحيانا تعطي للمعجبين تعليمات كيفية عمل قنبلة مولوتوف. وزادت شهرتها في نهاية كانون الثاني/يناير عندما أعلنت مسؤوليتها عن سلسلة من الهجمات. ووصل عدد المعجبين بالصفحة 70.000 قبل وقت من إغلاقها بتهمة التحريض على التخريب وذلك في منتصف شباط/ فبراير. وعادت الحركة بالظهور من جديد حيث أنشأت صفحات فيسبوك محلية وأعلنت مسؤوليتها عن عدد من الحوادث منها حرق نقطة جيش في مدينة 6 أكتوبر في 18 شباط/ فبراير، ومركز شرطة في الإسكندرية في 19 شباط/ فبراير وثلاث عربات تعود لمركز شرطة الجيزة في 21 شباط/ فبراير.
ويشير الكاتب لصعوبة السيطرة على هذه الصفحات حيث قام فيسبوك والحكومة المصرية بمحاولة لاحتوائها إلا أن المؤيدين للإخوان أو من يقفون وراءها لديهم القدرة على إعادة انشاء أخرى. وهو ما حدث بالضبط في شباط/ فبراير بعد اعتقال 24 شخصا يزعم أنهم من ناشطي "حركة مولوتوف" حيث تراجعت نشاطاتها بشكل واسع، وتم ترحيل المواد إلى موقع آخر "مصر الإسلامية" ولديه 554.000 "معجب" وإلى "حركة 18" ولديها 58.000 معجب والتي دع للهجوم على سيارات الشرطة ومحطة التلفزيون والعربات والطرق.
وشجعت هذه المواقع المعجبين بها لمواصلة مواجهة النظام الحالي.
ويقول الكاتب فالاخوان من ناحية تقنية يستهدفون اصولا مادية وليس حياة الناس، وهو تفريق على ما يبدو غير صحيح لأن الناس قد يتضررون من الهجمات ولكن هكذا يفرق أصحاب هذه المواقع والصفحات ويبررون لأعمالهم. وبحسب أحد الشبان الذين تحدثت إليهم نانسي يوسف مراسلة موقع "ماكلاتشي" الإخباري "لا نحاول قتلهم، إنها لكمة لإخفاتهم".
وهناك بعض الصفحات التي يقول إنها مؤيدة للإخوان مثل "حركة باتمان" والتي يتبعها 1900 "معجب" فقد دعت أتباعها لضرب مصور تلفزيوني قالت إنه عميل للمخابرات. وقام الموقع بنشر أرقام هواتف وعناوين بيوت ضباط قالت إنهم متورطين في قتل المتظاهرين. ونشر قائمة بأسماء ضباط في أسيوط قال الموقع إنهم مطلوبين "أحياء أو أموات" .
ويشير التقرير إلى "كتائب الشهداء" والتي نشرت أول بيان لها عبر صفحة "حركة مولوتوف" في 10 شباط/ فبراير وحذرت فيها أنها ستلاحق " كل المتورطين في قتل الشهداء من بداية الإنقلاب وحتى اليوم". وبعد ستة أيام أعلنت مسؤوليتها عن قتل "بلطجي" في المنصورة وأنشأت صفحتها الخاصة في 1 آذار/ مارس ووعد بالإنتقام.
ويختم الكاتب بقوله إن حملة العنف ذات الوتيرة البطيئة ستستمر لمدة طويلة وقد تزداد سوءا لأن شباب الإخوان المسلمين ليس أمامهم أي وسيلة أو طرق للتعبيرمن خلالها عن أيديولوجيتهم. وفي الوقت الذي يخشى فيه العسكر والحكم الذي يدعمونه عودة الإخوان للإنتقام إن سمح لهم بالعودة للحياة السياسية، إلا أن الأخوان أنفسهم ليسوا راغبين بالقبول بالواقع لأنه يعني قبولا بالإطاحة بمرسي.
ويتوقع الكاتب نتيجة لهذا النزاع هو حالة من الجمود فلا الإخوان قادرون على هزيمة نظام ما بعد مرسي من خلال الإستراتيجية الحالية ولا النظام قادر على تحقيق الإستقرار للبلاد.