تحولت
الجامعات المصرية إلى ساحات للتظاهر رفضا للانقلاب العسكري وممارسات السلطات القمعية.
فقد شهدت غالبية الجامعات احتجاجات يومية منذ بداية العام الدراسي، تحول بعضها إلى مواجهات عنيفة بين الطلاب وقوات الأمن، فيما فشل القمع الأمني أو الإجراءات الاستثنائية في منع النضال الطلابي داخل الجامعات، وهو ما وصفه مراقبون بـ"ثورة الطلاب".
تصاعد القمع
وبعد أن كان طرد الحرس الجامعي أحد أبرز مكتسبات ثورة يناير، بدأت حكومة الانقلاب في إطلاق يد الأمن لقمع احتجاجات الطلاب بشكل متدرج. وبدأت تلك الخطوات في نهاية تشرين الأول/ أكتوبر الماضي حين سمحت الحكومة للشرطة باقتحام الجامعات في حالة وجود ما أسمته "أعمال شغب أو تهديد للأمن" إذا طلبت إدارة الجامعة ذلك وبإذن من النيابة.
وبعدها بثلاثة أسابيع، قررت الحكومة السماح للشرطة بدخول الجامعات لمواجهة التظاهرات دون إذن مسبق، وذلك عقب اندلاع مواجهات بين الطلاب وقوات الأمن داخل المدينة الجامعية للأزهر، واقتحام الأمن المدينة لملاحقة الطلاب. وأطلق الأمن الغاز والخرطوش مما أدى إلى مقتل الطالب في كلية الطب عبد الغني حمودة.
وكان القضاء المصري قد قضى في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بالسجن 17 عاما بحق 12 طالبا أزهريا بعد قيامهم بالتظاهر أمام مشيخة الأزهر، كما أصدرت محكمة في القاهرة أحكاما بالسجن 18 شهرا بحق 38 من طلاب جامعة الأزهر لاتهامهم بالمشاركة في أعمال عنف" في الشهر ذاته.
استشهاد طالب الهندسة
لكن حادثة مقال الطالب محمد رضا داخل كلية الهندسة بجامعة القاهرة الخميس الماضي، خلال فض الشرطة لمظاهرة منددة بالانقلاب، أعطى زخما كبيرا لاحتجاجات الطلاب وأدى إلى تصاعد
المظاهرات، حيث انضمت إليها قطاعات جديدة من طلاب ينتمون لتيارات سياسية مختلفة، بالإضافة إلى طلاب وأساتذة غير مسيسين وأعضاء في إدارات الجامعات شملت أيضا كثير ممن أيدوا الانقلاب العسكري.
وبينما اتهم الطلاب الشرطة بقتل زميلهم، برأت النيابة العامة في بيان لها الاثنين الماضي الشرطة من قتل الشاب واتهمت زملاءه الطلاب المتظاهرين بقتله.
ويواصل الطلاب بعدة جامعات إضرابهم، تنديدا بمقتل رضا وللمطالبة بفتح تحقيق عادل، والقصاص من قتلة زميلهم.
وقدم الطلاب لرئيس جامعة القاهرة مجموعة من المطالب تشمل سحب القوات الأمنية نهائيا من محيط الجامعة، وإخلاء سبيل الطلاب المعتقلين، وتقديم بلاغ رسمى يتهم وزير الداخلية بقتل الطالب محمد رضا، على حد قول البيان.
ودعا اتحاد الطلاب كافة الأطياف بالجامعة الوقوف على قلب رجل واحد بعيدا عن أية انتماءات سياسية، وأكدوا أنهم لن يتهاونوا فى حق اكتسبوه من ثورة 25 يناير، كما هدد الطلاب بالمزيد من الخطوات التصعيدية التى تبدأ بالاعتصام داخل حرم الجامعة حتى تحقيق مطالبهم.
الطلاب في التحرير
وكان الطلاب قد تمكنوا الأحد الماضي من إحداث مفاجأة كبيرة لقوات الأمن حينما نجحوا في دخول ميدان التحرير والتظاهر داخله، بالرغم من إغلاق الجيش والشرطة للميدان منذ الانقلاب.
وأعلن حازم طارق، المتحدث باسم حركة "طلاب ضد الانقلاب" عن خروج مظاهرات طلابية جديدة خارج أسوار الجامعة، متوعدا قادة الانقلاب بالظهور في ميادين أخرى من ميادين الثورة.
ودعا اتحاد طلاب مصر في بيان له الأسبوع الماضي؛ طلاب الجامعات إلى المشاركة في ما أسماه بـ"ثورة طلابية" ضد "التدخل الأمني" الذي يمنع كل صوت حر مهما كان انتماؤه، "وسط تواطؤ معظم إدارات الجامعات عن طريق أمن الجامعة مع البلطجية ليقوموا بالاعتداء على الطلاب ومحاولة كسر إرادتهم".
وبحسب بيان الاتحاد، فإن عدد "شهداء الحركة الطلابية منذ الانقلاب بلغ 141 شهيدا، و362 معتقلا".
تطبيق قانون التظاهر داخل الجامعات
وفي مواجهة الحراك الطلابي شدد المجلس الأعلى للجامعات، بعد اجتماع مشترك مع مجلس الوزراء حضره حسام عيسي وزير التعليم العالي ورؤساء الجامعات المصرية، على عدم السماح بتعطيل الدراسة، مؤكدا أن "الحرم الجامعي هو محراب للعلم ولا بد للعمل السياسي داخلها أن يسير وفقا للضوابط الجامعية".
ووفقا لبيان صدر بعد الاجتماع الأربعاء، قال مجلس الوزراء إن التجاوزات من جانب بعض الطلاب سيتم اتخاذ إجراءات رادعة حيالها قد تصل إلى حد الفصل، وطالب بعقد ندوات توعية لطلبة الجامعات، منعا لانسياقهم وراء "الدعوات الهدامة" ورغبة بعض القوى في "استخدامهم كأدوات للتخريب وتعطيل العملية التعليمية" على حد قوله.
والمجلس الأعلى للجامعات، يتشكل من رؤساء الجامعات ووكلائها، ويتولى تخطيط السياسة العامة للتنظيم الجامعي والبحث العلمي والتنسيق بين الجامعات في أوجه أنشطتها المختلفة.
وفيما يبدو أنه ذروة التصعيد الأمني، أعلن رئيس جامعة عين شمس الدكتور حسين عيسى أنه تم تشكيل لجنة من أساتذة الحقوق لدراسة تطبيق قانون التظاهر داخل الحرم الجامعي على الطلاب.
وشدد عيسى، في بيان صحفي، على أنه فى حالة مخالفة الطلاب قواعد التعبير السلمى عن الرأي سيتم تطبيق القانون عليهم وتحويلهم إلى مجالس تأديب، مشيرا إلى أنه سيتم قريبا تعيين مئات من أفراد الأمن المدني للسيطرة على الأوضاع داخل الجامعة.