اقتصاد دولي

خبير اقتصادي يصف النحاس بـ"النفط الجديد".. ما علاقة الذكاء الاصطناعي؟

الذكاء الاصطناعي يعمل على تضخيم الطلب على النحاس- CC0
نشر موقع "فورتشن" الأمريكي تقريرًا تحدث فيه عن مستقبل أسعار النحاس ودور الذكاء الاصطناعي والطاقة الخضراء في ارتفاعها، مع توقّعات ارتفاع الطلب على النحاس بسبب استخدامه في مراكز البيانات والطاقة المتجددة.

ونقل الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، تصريحات جيف كوري، أحد كبار محللي السلع الأساسية وكبير مسؤولي الإستراتيجية في شركة "إنيرجي باثواي" في كارلايل، أن النحاس يبرز باعتباره السلعة الصناعية التالية التي لا غنى عنها، مما يعكس صعود النفط في العقود السابقة.

وأوضح الموقع أنه برزت قوى جديدة في الاقتصاد - خاصة بعد ظهور الذكاء الاصطناعي، وانفجار مراكز البيانات، وثورة الطاقة الخضراء - تساهم في تعزيز الطلب على النحاس، بينما يضيف تطوير أسلحة جديدة إليه أيضًا، وذلك وفقًا لكوري. وقال كوري لـ "بلومبيرغ": "النحاس هو النفط الجديد"، مشيرًا إلى أن محادثاته مع المتداولين تعزز أيضًا اتجاهه الصعودي. وأضاف: "إنها أعلى تجارة تتمتع بالثقة رأيتها على الإطلاق".

وأكد الموقع أن النحاس كان منذ فترة طويلة رائدًا صناعيًا رئيسيًا حيث تتراوح استخداماته على نطاق واسع من التصنيع والبناء إلى الإلكترونيات وغيرها من منتجات التكنولوجيا المتقدمة. وأورد كوري أن مليارات الدولارات التي تتدفق على الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة تمثّل جزءًا جديدًا نسبيًا من توقعات النحاس، معترفًا بأنه قدّم تنبؤًا مماثلاً في سنة 2021 عندما كان محللاً في بنك غولدمان ساكس.

وأضاف كوري: "أنا واثق من أن هذه المرة هي مرحلة الإقلاع، وأعتقد أننا سنرى المزيد من الزخم وراءها". الأمر المختلف هذه المرة هو أن هناك الآن ثلاثة مصادر للطلب - الذكاء الاصطناعي، والطاقة الخضراء، والجيش - بدلاً من الطاقة الخضراء فقط قبل ثلاث سنوات. وأشار كوري إلى أنه على الرغم من ارتفاع الطلب، إلا أن العرض لا يزال محدودًا، حيث قد يستغرق تشغيل مناجم النحاس الجديدة ما بين 12 إلى 26 سنة.

ويتوقّع كوري أن يؤدي ذلك في النهاية إلى ارتفاع الأسعار إلى 15 ألف دولار للطن. ووصلت أسعار النحاس بالفعل إلى مستويات قياسية حيث تبلغ الأسعار القياسية في لندن حوالي 10000 دولار للطن، أي أكثر من الضعف من أدنى مستوياتها في عصر الوباء في أوائل سنة 2020.

وأشار الموقع إلى أن السعر سوف يرتفع، في مرحلة ما، إلى الحد الذي سيؤدي إلى "تدمير الطلب"، مما يعني أن المشترين سيحجمون عن دفع الكثير، لكن كوري لا يعرف ما هو هذا المستوى. وأضاف كوري: "لكن بالعودة إلى العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كنت متفائلاً بشأن النفط في ذلك الوقت كما أنا الآن بشأن النحاس اليوم"، مذكرًا بأن سعر النفط الخام ارتفع من 20 دولاراً إلى 140 دولاراً للبرميل في ذلك الوقت. وقال: "لذا فإن الاتجاه الصعودي للنحاس هنا مهم للغاية".

وذكر الموقع أن النحاس كان أيضًا حافزًا رئيسيًا في عرض شركة "بي إتش بي" للاستحواذ على شركة "أنجلو" الأمريكية، وهي صفقة بقيمة 40 مليار دولار من شأنها إنشاء أكبر منتج للنحاس في العالم، لكن شركة "أنجلو" رفضت العرض وأعلنت مؤخرًا عن خطط لإعادة هيكلة المجموعة، بما في ذلك بيع شركة الماس التابعة لها "دي بيرز".

وفي السياق نفسه، نشر موقع "بزنس إنسايدر" الأمريكي تقريرًا تطرق فيه إلى تصريحات كوري؛ بشأن مشكلات إمدادات النحاس التي تجعل المعدن أكثر تكلفة بكثير.

وأرجع الموقع السبب الرئيسي لذلك إلى أن النحاس يمر بمخاض اختلال غير مسبوق بين العرض والطلب.

وذكر الموقع ثلاثة أسباب لعدم كون هذا "موضة عابرة"، كما يقول كوري. ويبدو أن الطلب على هذه السلعة سوف يتعمق، ولكن الاستثمار والإنتاج ما زالا مفقودين. أولًا، أشار كوري إلى أن المجموعات ذات الدخل المنخفض كانت منذ فترة طويلة المستهلك الأكبر للسلع. لذلك، ستكون السياسة التي تعيد توزيع الثروة على هذه الفئة بمثابة رياح خلفية لمواد مثل النحاس.

ثانيًا، أدى تزايد السياسة البيئية إلى إطلاق سباق على مستوى الصناعة على النحاس. ويلعب هذا المعدن، الذي يُستخدم في كل شيء بدءًا من الطاقة الشمسية وحتى بطاريات السيارات الكهربائية، دورًا رئيسيًا في عملية إنشاء اقتصادات صديقة للبيئة في جميع أنحاء العالم.

ونقل الموقع عن كوري قوله: "جزء من سبب ارتفاع أسعار النحاس مؤخرًا، كان نمو رأس المال الأخضر الصيني أكثر من 100 بالمائة في السنة الماضية، و30 بالمائة هذه السنة". وذكر كوري أن الذكاء الاصطناعي يعمل أيضًا على تضخيم الطلب في الصناعة. ففي نهاية المطاف، تعتمد التكنولوجيا الصاعدة على شبكة كهرباء محسنة، وهو الأمر الذي سيتم تحديده فعليًا بواسطة النحاس.

ثالثًا، قال كوري إن تراجع العولمة أصبح موضوعًا أكبر بكثير مما يتصوره المحللون. ويترجم ذلك إلى ارتفاع الإنفاق العسكري، حيث خصصت الولايات المتحدة 95 مليار دولار للذخائر.

وأفاد الموقع بأن هذا لم يعجّل بعد في ظهور طفرة في جانب العرض. فضلا عن ذلك، لم يجد تراجع المخزونات أي مساعدة من إنتاج التعدين الذي توقف وسط تحديات سياسية ومالية. وفي أحد الأمثلة، ظل منجم بنما المسؤول عن 1.5 بالمائة من الإنتاج العالمي خاملاً منذ تشرين الثاني/ نوفمبر.

من وجهة نظر كوري، يرجع بعض هذا إلى أن اللاعبين الكبار في القطاع ما زالوا غير راغبين في الاعتماد على استثمارات جديدة، بدلاً من الاستحواذ على المناجم الموجودة مسبقًا من خلال عمليات الدمج والاستحواذ.

وأوضح كوري أن هذا أمر طبيعي في هذه المرحلة من الدورة، في إشارة إلى نمط مماثل في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. في تلك الفترة، استغرق الأمر سنوات قبل أن يصبح المستثمرون أكثر جدية في هذا المجال.