ما زال العدوان الإسرائيلي على قطاع
غزة مستمرا منذ 8 تشرين أول/ أكتوبر 2023، وشمل هذا العدوان قصفا جويا وبريا وبحريا عشوائيا طال كل شيء من بيوت ومبانِ حكومية.
وشمل القصف والعدوان الإسرائيلي مستشفيات ومؤسسات صحية وطواقم طبية وسيارات إسعاف، ما أدى إلى خروج معظم مستشفيات القطاع عن الخدمة.
وكانت مجزرة مستشفى المعمداني، التي حدثت نتيجة قصف محيطه في 17 تشرين أول/ أكتوبر أولى الهجمات الإسرائيلية التي طالت القطاع الطبي، وتبعه بعد ذلك هجوم واسع ضد بقية المستشفيات وعلى رأسها مجمع الشفاء الطبي، وهو المجمع الأكبر في قطاع غزة.
ولتبرير هجومه على المستشفيات، ادعى
الاحتلال أنها مراكز عسكرية وتحوي مقارّ لقيادات المقاومة، وعلى الرغم من عدم مقدرته على إثبات ذلك، وما زال يصر على مهاجمة واقتحام هذه المستشفيات، ما أدى إلى خروج أكثر من 30 مستشفى عن الخدمة.
وقام الاحتلال الإسرائيلي باستهداف ممنهج للطواقم الطبية، حيث قتل عدد كبير منهم، كما أنه اعتقل عدد من مدراء المستشفيات، وقصف عدد كبير من سيارات الإسعاف، ومنع وصول الكثير منها لنقل الجرحى.
ولتقييم وضع القطاع الصحي والطبي في قطاع غزة، التقت "عربي21" بالمتحدث باسم وزارة الصحة
الفلسطينية في قطاع غزة، الدكتور أشرف القدرة، والذي أكد أن الاحتلال الإسرائيلي ما زال يستخدم كل الأساليب العدائية لاستكمال تدمير المنظومة الصحية في قطاع غزة.
وقال القدرة، إن الاحتلال قتل خلال استهدافه للطواقم الطبية 340 من كوادرها، وخاصة من الطواقم الطبية المتخصصة، مشيرا إلى أن هناك الآلاف من الجرحى والمرضى يحتاجون للخروج من قطاع غزة للعلاج، نظرا لفقر القطاع وحاجته للكثير من الاحتياجات الطبية وحاجته أيضا لكوادر طبية تخصصية.
وتاليا نص الحوار كاملا:
ضعنا في صورة الوضع الطبي والمؤسسات الطبية في قطاع غزة والمنظومة الصحية ككل؟
الاحتلال الإسرائيلي ما زال يستخدم كل الأساليب العدائية لاستكمال تدمير المنظومة الصحية في قطاع غزة، حيث استهدف العدوان الإسرائيلي 150 مؤسسة صحية وقام بإخراج 30 مستشفى و 53 مؤسسة للرعاية الأولية عن الخدمة.
أيضا تم استهداف وتدمير 123 سيارة إسعاف، إضافة إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى الآن إلى اخراج مستشفى الأمل التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في خانيونس عن الخدمة.
ويسعى كذلك لإخراج مجمع ناصر الطبي عن الخدمة، نتيجة الاستهداف المُركز والحصار الذي دام حتى اللحظة 21 يوما.
بالتالي فالاحتلال الإسرائيلي ما زال يركز عدوانه المستمر على المنظومة الصحية، والتي قتل 340 من طواقمها الطبية وخاصة الطواقم الطبية المتخصصة، والتي تشكل عصب الخدمات الصحية التخصصية.
واستهدف الطواقم الطبية من خلال الاعتقال، حيث تم اعتقال 99 فردا من الكوادر الطبية على رأسهم مدراء مستشفيات شمال قطاع غزة بشكل كامل، حيث تم اعتقال مدراء مجمع الشفاء الطبي ومجمع كمال عدوان ومستشفى العودة.
كما أن الاحتلال الإسرائيلي ما زال مستمرا في عملية تقويض المنظومة الصحية بعد تدميرها من خلال السيطرة على المساعدات الطبية التي تدخل إلى قطاع غزة، حيث إنه ما زال يتحكم في كمية ونوعية ومسار المساعدات التي تدخل القطاع، والتي تدخل خارج احتياجات وزارة الصحة.
وإن الطواقم الفنية التي تراقب المساعدات الطبية التي تدخل إلى القطاع، أفادتنا بأن أقل من 30 في المائة هو حجم الاستفادة من مجمل المساعدات الطبية التي وصلت إلى القطاع.
بالتالي فإن هناك 70 في المائة مما دخل إلى قطاع غزة هو خارج احتياجات وزارة الصحة وسيبقى رابضا دون استفادة منه في قطاع غزة، خاصة أن مجمله كان عبارة عن لوازم كورونا وأكفان وبعض المستهلكات الطبية غير المستخدمة، بالتالي فإن الاحتلال الإسرائيلي ما زال يستخدم كل الأساليب العدوانية لتدمير المنظومة الصحية.
كما أن الاحتلال الإسرائيلي يلوح الآن باجتياح مدينة رفح، وأساسا الخدمات الصحية فيها هشة للغاية، ولا تستطيع تحمل تبعات هذا الاجتياح، حيث إن مستشفى أبو يوسف النجار وهو المستشفى الحكومي الوحيد في هذه المدينة قدرته الاستيعابية 63 سريرا فقط وهو أصلا مكتظ، وبالتالي فهو لا يستطيع تحمل تبعات الاجتياح البري.
أيضا يوجد في المدينة المستشفى الإماراتي وهو مخصص للنسائية والتوليد فقط، إضافة لوجود المستشفى الكويتي وهو صغير جدا، ولا يمكن أن يلبي أقل من الحد الأدنى للاحتياجات اليومية للمواطنين، وبالتالي إذا أقدم الاحتلال الإسرائيلي على اجتياح مدينة رفح، فستكون هناك مجازر وإبادة جماعية مُحققة سيذهب ضحيتها آلاف المواطنين.
ما زال الاحتلال يحاصر مجمع ناصر الطبي وهو الأكبر في جنوب القطاع، ما دلالة حصار الاحتلال له ومحاولة إخراجه عن الخدمة؟
نعم، ما زال الاحتلال الإسرائيلي يحاصر مجمع ناصر الطبي منذ 21 يوما، وهو المجمع الأكبر في جنوب قطاع غزة ويشكل العمود الفقري للقطاع الصحي هناك، ولهذا فإن خروجه عن الخدمة سيشكل خطورة بالغة على حياة آلاف المرضى والجرحى، وكذلك النساء الحوامل والأطفال الخُدج والعناية المكثفة ومرضى الفشل الكلوي.
ونحن هنا نتحدث عن أكثر من 300 ألف نسمة ما زالوا موجودين في مدينة خانيونس، وبالتالي فإن إخراج هذا المستشفى عن الخدمة سيشكل إعداما حقيقيا لآلاف الجرحى والمرضى.
واستمرار استهداف مستشفى ناصر ومحيطه وكذلك منع إدخال الوقود والأدوية والطعام يشكل خطورة بالغة ويضع كافة الموجودين فيه في دائرة الموت، وما زال يوجد فيه 300 من الكوادر الصحية و 450 من الجرحى والمرضى، إضافة إلى أكثر من عشرة آلاف نازح ما زالوا موجودين داخل هذا المجمع، وبالتالي فالوضع الإنساني والصحي فيه كارثي للغاية.
في ظل الاستهداف المتواصل للمنظومة الصحية، ما هي أهم الاحتياجات حتى يمكن تفادي الأزمة التي قد تتسبب في قتل الآلاف من الناس؟
بالمقام الأول المطالبة بوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بشكل كامل، ثانيا وزارة الصحة رفعت كشوفات منذ اللحظة الأولى للعدوان الإسرائيلي بكل احتياجاتها للأطراف والمؤسسات الدولية، ولكن للأسف، فإنه حتى اللحظة يتعمد الاحتلال منع إدخال احتياجاتنا الملحة، ويقوم بإدخال الأدوية والمستهلكات الطبية خارج احتياجات وزارة الصحة وبكميات محدودة وما زال يرفض وصولها إلى شمال قطاع غزة.
أيضا نحتاج إلى إعادة إعمار المستشفيات والمراكز التي دمرها الاحتلال الإسرائيلي، ونحتاج إلى إرجاع كافة الطواقم الطبية إلى شمال قطاع غزة من أجل استعادة العافية وتشغيل أجزاء مما تبقى من المستشفيات هناك، من أجل تأمين الخدمة الصحية لأكثر من 600 ألف نسمة ما زالوا موجودين في منطقة غزة وشمال قطاع غزة.
كما أننا نحتاج إلى توفير الوقود بشكل كامل إلى كافة المستشفيات، وتوفير الاحتياجات الدوائية التي تضمن استمرار الخدمات الصحية أمام حاجة المواطنين، إضافة إلى ذلك فإن هناك أكثر من مليوني مواطن باتوا نازحين في مراكز الإيواء يفتقرون إلى أبسط المقومات المعيشية.
وهم يفتقرون إلى المياه الصالحة للشرب والتغذية السليمة ومياه النظافة الشخصية، أيضا يفتقرون إلى المتابعة الصحية، وتنتشر بينهم الأمراض المُعدية والأوبئة والأمراض الجلدية والجدري المائي والتهابات الكبد الوبائي وغيرها.
وبالتالي، فنحن نطالب المؤسسات الأممية بالوقوف عند مسئولياتها، لتوفير سبل الحياة الكاملة لهؤلاء النازحين وضمان عودتهم إلى أماكن سكناهم وتوفير الأطعمة المناسبة والشراب والمياه المناسبة، وأيضا توفير الرعاية الصحية الكاملة.
ونحن نتحدث هنا عن أكثر من 900 ألف طفل يحتاجون إلى تغذية سليمة وماء سليم وكذلك رعاية صحية سليمة، إضافة إلى أكثر من 60 ألف سيدة حامل تحتاج إلى متابعة طبية. أيضا هناك 350 من المرضى المصابين بالأمراض المزمنة يحتاجون إلى المتابعة الطبية وتوفير الأدوية، وهناك أكثر من 1100 من مرضى الفشل الكلوي يحتاجون إلى متابعة طبية.
وبالتالي فنحن نحتاج إلى دعم حقيقي للمنظومة الصحية هذا من جانب، ومن جانب آخر نحن نحتاج إلى تدفق المساعدات الطبية التي ما زالت عالقة في الجانب المصري من معبر رفح.
ونحتاج أيضا إلى خروج ومغادرة المرضى وجرحى العدوان الإسرائيلي إلى خارج القطاع، حيث إن لدينا 11 ألف جريح يحتاجون إلى خروج عاجل لإنقاذ حياتهم، ولدينا أكثر من عشرة آلاف مريض بالسرطان ليس لديهم علاج في القطاع. كما أننا نحتاج إلى توفير آلية ضامنة تضمن خروج مئات الجرحى يوميا إلى خارج قطاع غزة لعدم توفر العلاج لهم داخله.
في ظل العدد الكبير من الجرحى والمرضى في القطاع، هل توجهون دعوة للمؤسسات الدولية من أجل توفير كوادر طبية مساندة؟
بالتأكيد، فنحن فقدنا الكثير من الطواقم الطبية، حيث فقدنا المئات من الكوادر سواء بالاستشهاد أو الاعتقال أو الإصابة أو التشريد، ولهذا فحجم الكادر الطبي الذي يعمل الآن في مستشفيات القطاع هو فقط أقل من 5- 10 في المائة.
وبالتالي، فنحن طالبنا وما زلنا نطالب كافة دول العالم بتوفير الفرق الطبية المتخصصة وفق احتياجات وزارة الصحة، وتوفير المستشفيات الميدانية لتشكل إسنادا حقيقيا لمستشفيات قطاع غزة والمنظومة الصحية فيه.