سياسة عربية

لأول مرة في تاريخها.. ماذا يعني إدراج مصر ضمن الدول التي تجند الأطفال عسكريا؟

يشمل مصطلح "تجنيد الأطفال" أي شخص يقل عمره عن الـ18 عامًا
سلط إدراج الولايات المتحدة الأمريكية الحكومة المصرية لأول مرة في قائمة الحكومات التي تستخدم الجنود الأطفال في العمليات العسكرية، الضوء على نوع جديد من انتهاكات حقوق الإنسان وتحديدا في شمال سيناء حيث تواجه جماعات مسلحة منذ قرابة عقد من الزمن.

وأرجعت الحكومة الأمريكية قرار وضع مصر على القائمة السوداء إلى ما تم توثيقه ونشره من قبل إحدى المنظمات الحقوقية غير الحكومية، وذكرت في بيان لها، أنه "خلال الفترة المشمولة بالتقرير، أفادت إحدى المنظمات غير الحكومية أن الحكومة نسقت وأجرت عمليات مشتركة مع مليشيا في شبه جزيرة سيناء يُزعم أنها قامت بتجنيد واستخدام الأطفال، وصلت إلى حد استخدام بعضهم في أعمال عدائية مباشرة".

واعتبرت منظمات حقوقية معنية بأوضاع حقوق الإنسان في شمال سيناء أن إدراج مصر ضمن التقرير السنوي للاتجار بالبشر الصادر في 15 أيلول/ سبتمبر 2023 عن الحكومة الأمريكية، يعد خطوة هامة نحو توثيق ومحاسبة الانتهاكات التي تقع هناك منذ سنوات بلا رادع.

وأكدت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، في بيان، أنها وثقت بشكل دامغ وشامل في تقرير صدر في آب/ أغسطس 2023 استخدام الجنود الأطفال ضمن صفوف المليشيات القبلية المسلحة الداعمة للجيش في شمال سيناء في حربها ضد عناصر تنظيم "ولاية سيناء" التابع لتنظيم الدولة.

يُجرم القانون الدولي تجنيد الأطفال تحت سن الـ18 عاما، ويعتبر أن تجنيد من هم تحت سن الـ15 جريمة حرب، يُساءل القائمون عليها دوليا.

كما أن هذا النوع من التجنيد محظور وفق نص القانون 127 لسنة 1980 بشأن الخدمة العسكرية والوطنية في مصر الذي ينص على أن سن التجنيد الإجباري يبدأ بعد إتمام الثامنة عشرة.

أين وكيف تم تجنيد الأطفال؟
وأشار البيان إلى أن العديد من المليشيات المسلحة القبلية في شمال سيناء استخدمت الأطفال كمسلحين بشكل غير قانوني ودستوري في العمليات القتالية واللوجستية تحت إشراف وتشجيع ودعم رسمي من قبل قوات الجيش المصرية.

يبدأ تاريخ تعاون المجموعات المسلحة القبلية الداعمة للجيش بالظهور منتصف عام 2015، لدعم الجيش المصري في حربه على تنظيم ولاية سيناء في مهمات استكشاف واستطلاع، ومنذ منتصف عام 2020 تلقت المجموعات القبلية تسليحا وتدريبا واسعين، ومنذ ذلك الوقت فإنها انخرطت في نشاط مسلح ضمن صفوف القوات المسلحة الرسمية.



يشمل مصطلح "تجنيد الأطفال" أي شخص يقل عمره عن الـ18 عامًا ويشارك بشكل مباشر في الأعمال العدائية كعضو في القوات المسلحة الحكومية أو الشرطة أو قوات الأمن الأخرى؛ سواء كان هذا التجنيد إجباريا أو طوعيا أو من قبل مجموعات مسلحة.

وينص قانون حظر استخدام الجنود الأطفال الأمريكي على وقف أي مساعدات عسكرية أو أمنية تقدمها الحكومة الأمريكية للحكومات الضالعة في استخدام الجنود الأطفال إلا في الحالات التي يقوم فيها البيت الأبيض بالتنازل عن تلك الاشتراطات إن كان ذلك في مصلحة الأمن القومي الأمريكي.
 
بداية إثارة القضية دوليا

عملت مؤسسة سيناء طوال أكثر من عام على القضية وتوثيقها، واعتبر مديرها التنفيذي الدكتور أحمد سالم، أن "إدراج الولايات المتحدة الأمريكية الحكومة المصرية في قائمة الحكومات التي تستخدم الجنود الأطفال في العمليات العسكرية خطوة مهمة لتوثيق تلك الجرائم من أجل محاسبة المسؤولين عليها، وهو ما رصدناه في تقارير سابقة زودناها بمقاطع مصورة توثق مثل تلك الجرائم".

وبشأن أين وكيف ومتى تم استخدام هؤلاء الأطفال، أوضح لـ"عربي21" أن "البداية كانت بالاستعانة بالقبائل في شمال سيناء منذ عام 2015 والتعاون معهم في جمع المعلومات ومراقبة الأرض، وتطورت العلاقة بين الطرفين إلى الانخراط في تدريبات عسكرية وتسليح عدد منهم بأسلحة خفيفة والاستعانة بالأطفال وتسخيرهم وتجنيدهم بالمخالفة للقانون والدستور".

إلا أن القانون الأمريكي، بحسب سالم، يمنح الرئيس الحق في التنازل عن تطبيق الحظر الوارد في مواد القانون في ما يتعلق ببعض الدول مثل مصر وتركيا لاعتبارات تتعلق بالمصلحة الوطنية للولايات المتحدة، "وبالتالي فإنها لن تتأثر مصر كثيرا من تبعات وضعها على القائمة أمريكيا، ولكنها سوف تتأثر حقوقيا على المستوى الدولي وتجعل القيادات تحت طائلة القانون". 
 
 
 
انتهاكات النظام لا تتوقف
من جهته، قال الكاتب والسياسي المصري المعارض، محمد سعد خير الله، الذي نشر حلقة عبر برنامجه "شباك خير الله" على موقع "يوتيوب" عن موضوع استخدام الجيش المصري للأطفال في العمليات العسكرية في شمال سيناء، وقال: "تحدثت في يوم 14 أيار/ مايو 2022 عن الموضوع والتي جاءت بعنوان "السيسي يلقي بأطفال أهالي سيناء في حقول الألغام"، ودعمنا الحلقة بمقاطع مصورة".

وأوضح في حديثه لـ"عربي21" أنه "من خلال حركة 2 أكتوبر السياسية تواصلنا مع مسؤولين في مجال حقوق الإنسان بالأمم المتحدة ولدى المنظمات الدولية المعنية في أوروبا والولايات المتحدة، من أجل الوقوف على هذا النوع الجديد من الانتهاكات غير المسبوق في جزيرة الفيروز، لأن استعانة الجيش بالأطفال وتجنيدهم هو جريمة وليس انتهاكا وأسوأ أنواع الاستغلال لأنه من قبل دولة لا مليشيات".

وأشار خير الله، وهو أيضا عضو رابطة القلم السويدية، إلى "تواصل المعنيين مع الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال والنزاع المسلح فيرجينيا غامبا والتي زارت مصر في وقت لاحق وتحديدا في حزيران/ يونيو من عام 2022 والتقت وزير خارجية مصر، سامح شكري، وأثارت معه ضرورة حماية الطفل والتعاون مع مصر بشكل أكبر.