نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا ذكرت فيه أن تحذيرات
الولايات المتحدة للصين بشأن دعم
روسيا بالأسلحة تنذر بصدع عالمي، في الوقت الذي تؤكد فيه حكومتا البلدين أنهما لا تسعيان إلى حرب باردة جديدة.
وأوضحت الصحيفة في
تقرير ترجمته "عربي21"، أنه عندما ظهر كبار مسؤولي السياسة الخارجية من الولايات المتحدة والصين نهاية الأسبوع الماضي، في مؤتمر الأمن العالمي في أوروبا، فقد شدد كلاهما على أن حكومتيهما لا تسعيان إلى حرب باردة جديدة. ومع ذلك، فإن التحذيرات الجديدة من قبل المسؤولين الأمريكيين من أن
الصين ربما تستعد لمنح روسيا أسلحة وذخيرة لحربها على أوكرانيا تنذر بأسوأ ما في
الحرب الباردة القديمة.
في صراع الظل هذا الذي دام عقودا، فقد ضخت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي والصين أحيانا الموارد العسكرية في حروب طويلة حول العالم، وانخرطت في صراعات دموية بالوكالة من كوريا إلى فيتنام إلى أفغانستان.
يقول المسؤولون الأمريكيون إن الصين، على عكس إيران وكوريا الشمالية، امتنعت طوال عام الحرب في أوكرانيا عن تقديم مساعدات مادية لروسيا. أكد الرئيس بايدن لزعيم الصين شي جينبينغ، أن أي خطوة من هذا القبيل ستكون لها عواقب بعيدة المدى.
ليس هناك شك في أن دخول الصين إلى الحرب بهذه الطريقة من شأنه أن يحول طبيعة الصراع إلى صراع تاريخي يضم جميع القوى العظمى الثلاث الكبرى في العالم وشركائها من الأطراف المتعارضة؛ روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية تحالفت ضد الولايات المتحدة وأوكرانيا وحلفائها وشركائها الأوروبيين والآسيويين، بما في ذلك اليابان وكوريا الجنوبية.
وكشفت التحذيرات الموجهة إلى الصين من وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أن إدارة بايدن تعتقد أن بكين على وشك تجاوز الخط. وتظهر حقيقة تحدث بلينكن علنا عن يأس الولايات المتحدة وهي تحاول ثني، شي ومساعديه عن القيام بذلك.
يقول المسؤولون في واشنطن والعواصم الأوروبية، بما في ذلك في مدريد، أحد أقوى مقدمي المساعدات إلى كييف، إنهم يستعدون لهجوم روسي جديد في أوكرانيا هذا الربيع، وإنهم بحاجة إلى بذل كل ما في وسعهم هذا الشتاء لتقليل فرص تغلب روسيا على الدفاعات الأوكرانية.
واجه بلينكن كبير مسؤولي السياسة الخارجية في الصين وانغ يي، عندما التقى الاثنان مساء السبت على هامش مؤتمر ميونخ للأمن، وأخبره أن واشنطن تعتقد أن الصين "تفكر في تقديم دعم فتاك لروسيا في جهودها في أوكرانيا"، بحسب ما قال وزير الخارجية في مقابلة مع مارغريت برينان من سي بي أس نيوز.
وقال بلينكن: "لقد تمكنت من إخباره، كما أخبر الرئيس بايدن نظيره شي، عن العواقب الوخيمة التي قد تترتب على ذلك في علاقتنا".
وقال بلينكن إن المساعدة ستتألف من أسلحة وذخيرة، لكنه لم يقدم تفاصيل عن المعلومات الاستخباراتية الأساسية التي يفترض أن إدارة بايدن حصلت عليها.
قبل غزو روسيا لأوكرانيا في شباط/ فبراير الماضي مباشرة، كشفت موسكو وبكين النقاب عن بيان من 5000 كلمة يعلنان شراكة "بلا حدود"، ما أثار القلق في واشنطن وفي العواصم الأوروبية.
وحاولت الولايات المتحدة ثني الصين عن تقديم مساعدة عسكرية لروسيا جزئيا من خلال نشر نتائج استخباراتية، ما زاد في التدقيق العام العالمي في أي إجراءات صينية محتملة لدعم الروس.
في آذار/ مارس 2022، أخبر مسؤولون أمريكيون مؤسسات إخبارية، بأن روسيا طلبت من الصين المساعدة. حدث هذا الكشف مباشرة قبل أن يلتقي مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان، يانغ جيتشي، كبير مسؤولي السياسة الخارجية الصيني في ذلك الوقت، في روما.
لقد كان جزءا من مناورة استراتيجية أوسع تتضمن استخدام واشنطن للمعلومات الاستخباراتية لمحاولة إفشال حرب روسيا. في الأشهر التي سبقت بدء الرئيس فلاديمير بوتين غزوه، سرعان ما نشرت إدارة بايدن معلومات استخباراتية رفعت عنها السرية في محاولة لردعه عن إرسال قواته، لكنها لم تنجح في ذلك.
وكانت التعليقات العامة التي أدلى بها بلينكن خلال عطلة نهاية الأسبوع، والملاحظات الخاصة التي أدلى بها المسؤولون الأمريكيون للصحفيين، فصلا آخر في نفس استراتيجية الكشف عن المعلومات الاستخباراتية من قبل الأمريكيين. وحذرت نائبة الرئيس كمالا هاريس الصين من دعم روسيا في خطاب ألقته أمام مؤتمر ميونخ يوم السبت، وقال مسؤولون أمريكيون إنهم تبادلوا معلومات استخبارية مع الحلفاء.
يقول المسؤولون الأمريكيون إن الصين عمقت علاقاتها مع روسيا خلال الحرب. وفي يوم الخميس الماضي، عشية المؤتمر الأمني، قال وانغ وين بين، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، "إن بكين مستعدة للعمل مع روسيا لتعزيز شراكتنا الاستراتيجية الشاملة للتنسيق لعصر جديد".
ومن المتوقع أن يتوجه وانغ يي، مسؤول السياسة الخارجية، إلى موسكو، وهي رحلة يراقبها المسؤولون الأمريكيون عن كثب. وقالت روسيا إن شي سيزورها في وقت ما هذا العام.
قدمت الصين دعما دبلوماسيا لروسيا طوال الحرب، وروجت وزارة خارجيتها رسميا نظريات المؤامرة المعادية لأمريكا ولأوكرانيا التي يبدو أنها صيغت من موسكو وحلفائها وشركائها.
في كانون الثاني/ يناير، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شركة صينية لإعطائها صور الأقمار الصناعية لمجموعة فاغنر الروسية، والتي تقاتل في أوكرانيا وتنشط في أفريقيا والشرق الأوسط.
وقال مسؤولون أمريكيون إنها عاقبت أيضا عددا قليلا من الشركات الصينية الأخرى لانتهاكها قيود التصدير المفروضة على روسيا.
وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن الجيش الروسي لا يزال قادرا على الحصول على مسيرات تجارية صينية الصنع لاستخدامها في الحرب.
الولايات المتحدة لديها القليل من الأوراق الجيدة، إن وجدت، للعب مع الصين. وعلى الرغم من أن البلدين لا يزالان شريكين تجاريين قويين، إلا أن العلاقات في واحدة من أدنى مستوياتها منذ عقود، وتفاقمت بسبب الأزمة التي اندلعت بسبب بالون التجسس الصيني الذي دخل إلى الولايات المتحدة القارية في بداية هذا الشهر.
لم يذكر البيان المطول للاجتماع بين بلينكن ووانغ الصادر عن وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) أي حديث عن أوكرانيا وروسيا، لكنه قال إن المسؤولين اصطدما بشأن البالونات، وقالوا إن "الولايات المتحدة تستخدم كل الوسائل لمنع وقمع الصين".
وقالت شينغ يو، أستاذة العلاقات الدولية بجامعة تسينغهوا في بكين، إن التوترات قد لا تنحسر قبل الصيف. وقالت: "لا أعتقد أن الصين والولايات المتحدة يمكنهما التواصل على المدى القصير". وقالت إن التداعيات بعيدة المدى.
وأضافت: "علاقات الصين والولايات المتحدة لا تتعلق فقط بالبلدين. إنها تتعلق بالعلاقات بين الصين والدول الغربية. ستكون أوروبا إلى جانب الولايات المتحدة في أي مشاكل بين الصين والولايات المتحدة".
وذكرت بعض الدول المتحالفة مع الولايات المتحدة انتهاكات البالون في تصريحاتها الخاصة خلال عطلة نهاية الأسبوع، وأكدت على مجالات أخرى للنزاع مع الصين.
أخبر يوشيماسا هاياشي، وزير الخارجية الياباني، وانغ يي عن "الأجسام الطائرة على شكل منطاد" التي ظهرت في المجال الجوي الياباني، وفقا لقراءة اجتماع في ميونخ بين المسؤولين صدر عن وزارة الخارجية اليابانية.
وأشار هاياشي إلى التدريبات العسكرية الصينية والروسية المشتركة بالقرب من اليابان، والأعمال البحرية العدوانية للصين حول جزر سينكاكو، وهي الأراضي التي تديرها اليابان لكن الصين تدعي ملكيتها.
وكشفت الرسائل العامة الأخيرة من دبلوماسيين آخرين أن الصين وروسيا والحرب في أوكرانيا احتلت الصدارة في موضوعات المحادثات مع وانغ، الذي كان في رحلة حول أوروبا.
وقالت كاثرين كولونا، الوزيرة الفرنسية لأوروبا والشؤون الخارجية، الأسبوع الماضي إنه في اجتماع مع وانغ، كان هناك "نقاش قوي حول العدوان الروسي ضد أوكرانيا وسبل العمل على حل النزاع".
وقال وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني، في الإذاعة الإيطالية يوم الجمعة الماضي إن وانغ أخبره بأن شي يخطط لإلقاء "خطاب سلام" حول الحرب في الأيام المقبلة.
ويقول المسؤولون الأمريكيون وبعض المسؤولين الأوروبيين إنهم متشككون، مؤكدين أن المسؤولين الصينيين يحاولون جعل الأمر يبدو كما لو أن الصين هي وسيط محايد يسعى إلى اتفاق سلام في حين أنها في الواقع تتجه نحو تقديم مساعدة مادية للجهود الحربية الروسية.