تبحث الأوساط الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، في دوافع وتبعات كشف حركة
حماس عن تسجيل فيديو للأسير الإسرائيلي أفرا
منغيستو، رغم تقديرات سياسية بأن الحركة تتعرض للضغط من أجل تسجيل إنجاز في صفقة أسرى.
ولم تتسرع المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بتأكيد أو نفي صحة
الشريط الذي نشرته حركة حماس، في الوقت الذي أصدر فيه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تصريحا بالخصوص، أما عائلة منغيستو فأغلقت المنزل على نفسها، وشاهدت الفيديو مرارا وتكرارا، وكان استنتاجها قاطعا أن المقصود هو ابنها، ويبقى السؤال: "ما الذي دفع حماس لإصدار الشريط؟"، كما يذكر أمير بار شالوم الخبير العسكري في موقع "زمن إسرائيل".
ورأى الخبير العسكري في
تقرير ترجمته "عربي21" أن "الأوساط الإسرائيلية تفسر سلوك حماس بأنها تتعرض للضغط لتسجيل إنجاز فيما يتعلق بأسراها".
وأضاف: "لست متأكدا من صحة هذا الافتراض، ولا أنفي أن تكون هناك تحركات منسقة بشكل جيد بين الأطراف وراء الكواليس، وهناك دلائل كثيرة على ذلك، بموجبها تتعهد حماس بتقديم إشارة حياة عن
الأسرى الإسرائيليين لديها، على أن تقوم إسرائيل بالتحقق والتأكد من صحة الأدلة، ثم يعلن المصريون عزمهم على استئناف المفاوضات، وهكذا حدثت كل هذه الأمور".
وأشار إلى أن "إسرائيل وحماس قامتا بتسويق الرسالة الصحيحة لساحتهما الداخلية؛ لأن توقيت النشر ليس مفاجأة، وقد أتى بالضبط في يوم استبدال رئيس الأركان، وسط اعتقاد من الحركة أن إسرائيل مستعدة "لابتلاع الإهانة"".
وتابع بأن "حماس عرفت كيف تقرأ الخريطة الإسرائيلية بشكل صحيح؛ لأنه كان مشكوكا فيه للغاية أنها ستدفع أموالا ثمينة للغاية كدليل على حياة الأسرى الإسرائيليين، من أجل التحدث للجمهور الإسرائيلي مرة أخرى فوق رأس قيادته السياسية، وهذه علامة أولية أخرى على الاتصالات والتنسيق في مثلث إسرائيل ومصر وحماس".
وأكد أن "توقيت نشر شريط منغيستو بعد شهر من عرض سلاح هدار غولدين في ذكرى تأسيس حماس ليس عفويا؛ لأنه أشار لنقطة ضعف الجمهور الإسرائيلي، وهي تعتقد أن إسرائيل ستحلل كل التفاصيل في المعلومات المنشورة من أجل استخراج أكبر قدر ممكن من المعلومات الاستخبارية، والهدف إعطاء إسرائيل دليلا على توقيت الصورة، بعد أن انتهت الجولات الأخيرة من المحادثات دون اتفاقات للتوصل لاتفاق".
وأشار إلى أن "جميع الأطراف منخرطة الآن في إدارة المخاطر الخاصة بصفقة التبادل، وبالنسبة لحماس، فإن تشكيل حكومة يمينية جديدة وصفة أكيدة لإعادة حساب المسار، والتخلي عن الاتفاقات السابقة، وتصلب المواقف، مما قد يتطلب العثور على حلّ وسط".
"أما في إسرائيل، فهي تعلم أنه في أحداث من هذا النوع، هناك نافذة فرص ضيقة يجب الاستفادة منها، كي لا تتكرر قضية الطيار المفقود رون أراد"، بحسب الخبير.
في الوقت ذاته، تسود قناعات إسرائيلية أن منغيستو ليس لديه أي فرصة بإطلاق سراحه من أسر حماس؛ لأن إهمال الأوساط الإسرائيلية لشريط الفيديو يفسر الموقف العنصري تجاه الإثيوبيين، مما يعني إلحاق العار كله بدولة
الاحتلال.
حان آرتسي سرور الكاتب بصحيفة "يديعوت أحرنوت"، اعترف بأن "منغيستو لم يحظ بأي يوم من المشاعر الإسرائيلية العامة منذ أن أسرته حماس منذ أكثر من ثماني سنوات، وعندما نشرت شريطه الفيديو، تأكد هذا الإهمال تجاهه، ووضعت علامة استفهام فورية حول مصداقية تأخير الرد الرسمي؛ لأن النظرة الإسرائيلية لليهود الإثيوبيين أنهم على الهامش فقط، ولذلك لم يوقظوا الجمهور الإسرائيلي من سباته".
وأضاف في
مقال ترجمته "عربي21"، أن "منغيستو سيئ الحظ، ولد لعائلة وقبيلة خاطئة، ولون خاطئ، لأنه من أصل إثيوبي، ولا توجد فرصة أمامه، لأنه لا أحد من الإسرائيليين يرى آلامه، ويشعر بها، بدليل أنه يمكن التجول بين استوديوهات التلفزيون دون أي تغطية لشريط الفيديو، وفي مثل هذه اللحظة الدرامية، عندما تتلقى عائلته علامة مهمة على حياته، وترى عيونه، يتم دفع قصته للهامش، فلم تصرخ العناوين الرئيسية، ولم يعد أحد يحصي الأيام".
فضلا عن الجوانب الأمنية لشريط منغيستو، فإنه يكشف عن عنصرية إسرائيلية فجّة تجاه اليهود الإثيوبيين، ولذلك بقيت عائلته وحدها في أجواء من الاضطراب واليقظة والتوتر والترقب، فيما تعمد باقي المجتمع الإسرائيلي إهمال قضيته، وتجاهل حالته، مما يعني أنه يتجاهل جزءا أساسيا من الدولة، لكنها فئة بقيت مهمشة على الدوام، وعكس شريط منغيستو بوضوح عنصرية الدولة، وإقصاءها لليهود الإثيوبيين، مما يتسبب بعار يعمّ المجتمع الإسرائيلي بأسره.
ورغم أن هناك انتقادات إسرائيلية عديدة للطريقة التي أدارت بها دولة الاحتلال صفقة التبادل مع حماس في 2011، وبموجبها تم الإفراج عن 1027 أسيرا مقابل الجندي جلعاد شاليط، بزعم أنها كلفت الكثير من الدماء عندما عاد الأسرى الذين تم إطلاق سراحهم من السجن إلى المقاومة، لكن لا يمكن تفسير حالة اللامبالاة العامة والحكومية لوضع منغيستو بصدمة شريط الفيديو الخاص به.