رياضة دولية

تقرير: إجادة استخدام القوة الناعمة مكّنت قطر من استضافة كأس العالم

بفضل إجادة استخدام القوة الناعمة استطاعت قطر إثارة الجدل عالميا- جيتي

نشرت صحيفة "آتالايار" في نسختها الفرنسية تقريرًا استهلته بمقولة الفيلسوف الفرنسي غاستون باشلار، "هل كان العصفور يبني عشه لو لم يملك غريزة الثقة بالعالم؟!".

 

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن جميع الدول تتنافس فيما بينها على الساحة الدولية، أحيانًا بطريقة منظمة تحترم قواعد التنظيم الدولي، وأحيانًا بطرق تخالف مبادئ المنافسة من أجل تحقيق مصالحها الوطنية.

 

وأشارت الصحيفة إلى وجود طريقتين محتملتين لتحقيق هذه المصالح، تسمى الأولى "القوة الساخنة" وتعني قدرة الدولة على التأثير على الساحة الإقليمية أو الدولية بفضل قوتها العسكرية أو الاقتصادية. أما الثانية؛ فتعرف باسم "القوة الناعمة"، المفهوم الذي صاغه الأمريكي جوزيف ناي في سبعينيات القرن الماضي، واعتبر خلاله أن الدول ليست الجهات الفاعلة الوحيدة في التنظيم الدولي وتوازن القوى، بل إن هناك دورا محوريا يضطلع به المجتمع المدني ووسائل الإعلام والشخصيات المعروفة والرياضة والثقافة لتغيير المفاهيم والآراء حول بلد أو فكرة أو ظاهرة معينة.

 

وبفضل امتلاك القوة الناعمة، فإنه يمكن للدولة التي تفتقر إلى وسائل الردع أو تمتلكها بشكل محدود مقارنة مع القوة الساخنة بسبب صغر مساحتها الجغرافية أو قلة عدد سكانها أو ضعف مساهمتها في الاقتصاد العالمي ومحدودية مواردها العسكرية، تدارك الأمر بفضل هذه "القوة الناعمة" التي تسمى أيضا "دبلوماسية الإشعاع".

 

وذكرت الصحيفة أنه بفضل إجادة استخدام القوة الناعمة فقد استطاعت قطر الدولة التي تحتضن مباريات كأس العالم 2022، إثارة الجدل عالميا. ويرجع ذلك إلى قناة الجزيرة وشبكة "بي إن سبورتس" ونادي باريس سان جيرمان وتنظيم كأس العالم وغيرها من روافع هذه القوة. وتتمتع قطر، البلد الذي لا يتعدى عدد سكانه الـ3.3 مليون شخص بصورة تحسدها عليها القوى العظمى التي فشلت في تطوير آليات القوة الناعمة.

 

من هذا المنطلق؛ فإنه بات واضحا أن تأهل الفريق الوطني المغربي لكرة القدم في ربع النهائي وانتصاره على دول تحتل الصدارة في تصنيفات الفيفا مثل بلجيكا وإسبانيا، له تداعيات جيوسياسية وجيواستراتيجية إيجابية على صورة المغرب على الساحة الدولية رغم محدودية امتلاكه لوسائل القوة الساخنة.

 

بالإضافة إلى ذلك؛ فإن اكتساح صورة الفريق واسم البلد للصفحات الأولى للصحف والمجلات الشهيرة في العالم بحد ذاته إنجاز لا يقدر بثمن، وسيعود ذلك بالنفع على القطاع السياحي وجذب الاستثمار الأجنبي ويضمن إشعاع البلاد على المستوى الدولي.

وفي الحقيقة، فإنه تفاعل العالم العربي والإسلامي بأسره والقارة الأفريقية بأسرها، وملايين المواطنين حول العالم والفلسطينيون والإسرائيليون على حد سواء مع انتصار المنتخب المغربي.

 

ونوهت الصحيفة إلى أن كريم بنزيما في خطابه في حفل توزيع جائزة الكرة الذهبية لهذا العام، قال إنها جائزة الشعب، أي جائزة الناس العاديين. وعليه، فإن المنتخب المغربي، الذي يتلقى تدريباته على يد مدرب يمتلك حسا ذكيا ويقوم على فريق شاب معظمه من أصول متواضعة، يبدو وكأنه مستوحى من قصة علاء الدين، يواصل إثبات ما قاله بنزيما.

 

وفي الختام؛ فقد أكدت الصحيفة أن الأداء الحصري الذي أظهره المنتخب المغربي في مباريات كأس العالم ما هو إلا نتاج للثقة الممنوحة للموارد البشرية الوطنية، على وجه الخصوص لمدرب يتمتع بروح التواضع والفكاهة، أجاد التعامل بحب وباحترام مع كامل الفريق، العامل الذي بث الأمل في نفوس الشعب المغربي وجعل البلاد تستفيد من موجة التعاطف الدولي هذه.