ملفات وتقارير

محللون يقرأون حلولا مطروحة للتخلص من نظام السيسي

تسببت سياسات النظام العسكري الحاكم في عزوف ملايين المصريين عن تأييده- جيتي

تتتابع المطالبات السياسية من قبل معارضين مصريين بالداخل للتخلص من رأس النظام عبدالفتاح السيسي، عبر حلول سياسية ودستورية والمشاركة في الانتخابات الرئاسية المقررة، وذلك بمقابل دعوات معارضين من الخارج للتظاهر ضد النظام في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، تزامنا مع قمة المناخ (كوب 27) في شرم الشيخ.

الدعوات للحل الدستوري بمقابل الدعوات للتظاهر، دفعت للتساؤل حول قيمة تلك المطالبات والدعوات وإمكانية تنفيذ المصريين لها، وطرق مواجهة النظام لهم، وأي الحلول أفضل لإنقاذ المصريين من تلك الحقبة الصعبة.

 

"صراع الفرص البديلة"
وفي تقييمها لأهمية دعوات معارضين مصريين من الداخل لتغيير نظام السيسي عبر الانتخابات الرئاسية في موعدها أو عبر جمع توقيعات مماثلة لتمرد لتبكير الانتخابات، قالت الكاتبة الصحفية مي عزام، إنها "من أول من دعا لهذا التوجه مبكرا".

وأوضحت في حديثها لـ"عربي21"، أنها أول من كتب في مصر كلها "عن رغبتي في عدم ترشح الرئيس السيسي لفترة ثانية في نيسان/ أبريل 2017، وذلك في مقال حمل عنوان (افعلها ياريس ولاتترشح لفترة ثانية)، عبر موقع (المصري اليوم)"، لافتة إلى أنها كتبت مقالا مماثلا آخر بداية 2018، وعوقبت بعد ذلك بالمنع من الكتابة".

لكن، عزام مع إيمانها بأهمية التغيير في مصر، إلا أنها طرحت سؤالا وصفته بـ"المهم الآن"، عن أسباب "طرح هذه الرغبة الآن لتغيير النظام من جانب أطراف منخرطة في الحوار الوطني المقام بشروط النظام الذي على قمّته الرئيس السيسي؟".

وشددت على "ضرورة أن يكون هناك شفافية ومصداقية ليس فقط عند النظام؛ لكن عند رؤساء الأحزاب والشخصيات السياسية والعاملين في المجال العام"، مؤكدة أن "عليهم أن يقدموا لنا ذمتهم المالية ومن يدعمهم ماديا".

وعن أي الحلول أفضل للخلاص من نظام السيسي، وهل هو الحل السياسي والدستوري، أم التظاهر وإحراجه أمام العالم في قمة المناخ، تعتقد الكاتبة المصرية أن "التنبؤ بمجريات الأمور صعب، وقد يكون فيه تسرع".

وقالت إن "النظام فقد الكثير من مصداقيته وثقة الناس؛ ولا بد أن هذا الأمر يشغله، كما يشغلنا، وكما أننا نستعد لإيجاد فرص بديلة فهو يفعل الأمر ذاته"، مشيرة إلى أنه "عادة ما تبدو سيناريوهات النظام من خارج النظام"، لافتة إلى وجود "داعمين غير منظورين".

"هذا الأفضل"
وفي تقديره، يرى السياسي المصري مجدي حمدان موسى، أن "دعوات التظاهر أمر غير ذي جدوى؛ لأن الثورات وتغيير النظام عن طريق التظاهر تكون نتيجة تراكم سنوات معينة، مع ترابط بين أوصال الشعب يؤدي في النهاية للثورات".

الأمين العام المساعد بحزب "المحافظين"، قال لـ"عربي21": "لكننا الآن أمام حالة غريبة ومتفردة"، مؤكدا أن "التغير عن طريق الثورة أو التظاهر في مصر الآن أمر غير عقلاني"، محذرا من أن "من سيقوم بهذا الأمر لن يعود لبيته مرة أخرى".

ويعتقد أن الأفضل هو أن "ندعو لتغيير النظام عبر الانتخابات الرئاسية، والتغيير عبر الصندوق"، مضيفا: "سنظل ندعو في هذا الاتجاه، لأن الأمور في مصر لم تعد تحتمل توقف الحياة مرة أخرى بعد تفاقم التضخم والحرب الروسية الأوكرانية التي أثرت على معيشة المصريين".

ويرجح موسى، هذا التوجه خاصة أن "أمر التغيير بالتظاهر أو الثورة لا يمكن أن يتم بهذه الصورة التي يعتقدها من يدعون لها"، وفق قوله.

وأوضح أن القوى المدنية "تحاول الضغط المستمر -وأنا أحد أعضائها- بأن يحدث تبادل سلمي للسلطة ويحدث تغيير عن طريق الصندوق".

ولفت إلى أن "الحركة المدنية الديمقراطية تعمل عبر بيانها في 8 حزيران/ يونيو الماضي، وتحاول دفع النظام للالتزام ببنوده والتي كانت إحدى محدداته الأساسية الإفراج عن معتقلي الرأي عبر قوائم بالأسماء وبعدد لا بأس به".

وأكد أنهم يواصلون الضغوط لتحقيق بعض المكاسب، موضحا أنه "لو تم هذا الإفراج فسنخوض في غمار الحوار الوطني، وإن لم يكن هناك تلبية لمطالب بيان 8 يونيو، فلن نستمر في هذا الأمر".

"الأمور الحاكمة"

وفي رؤيته للحل الأمثل للتخلص من نظام السيسي، هل الثورة أم المسار السياسي؟ قال رئيس المكتب السياسي للمجلس الثوري المصري الدكتور عمرو عادل إن "الحديث في المطلق دون وضع الضوابط الحاكمة يصبح فيه كل شيء ممكن، بداية من سقوط نظام سياسي بالتظاهر، ونهاية بكوميديا الدعوة لانتخابات رئاسية سواء عادية أو مبكرة، وانتخابات مبكرة كوميديا أكثر سوداوية".

السياسي المصري حدد "الأمور الحاكمة"، بـ5 تساؤلات، أولها: "من بيده السلطة؟"، مجيبا أنها بالطبع "المؤسسة العسكرية".

وأضاف ثانيا: "هل ترى المؤسسة العسكرية أن أحدا غيرها يمكنه السيطرة على السلطة؟"، مجيبا بقوله: "لا؛ فهم يرون أنفسهم أصحاب مصر".

ثالث "الأمور الحاكمة"، وفق عادل، تتمثل في التساؤل: "هل المجتمع الدولي عنده أزمة في غياب الديمقراطية وسيطرة الجيش على مصر؟"، ليجيب: "أيضا لا"، مضيفا: "بل يرون الجيش حليفا استراتيجيا للسيطرة على مصر والمنطقة".

وتساءل، رابعا: "هل الداعون لانتخابات مبكرة أو تمرد جديد أو حتى الانتظار للانتخابات القادمة يؤمنون حقا بتداول السلطة؟"، ليجيب السياسي المصري بنفس الجواب أيضا: "لا".

وأوضح أنهم "دعموا انقلابا عسكريا دمويا لمجرد رفضهم لنتائج الإجراءات الديمقراطية التي يتغنون بها".

وأخيرا، تساءل: "هل التظاهر قد يغير النظام؟ معتقدا أن الجواب هذه المرة "نعم"، مستدركا: "ولكن التظاهر ليس وحده الكفيل بهذا التغيير".

وأضاف في تصريحات لـ"عربي21": "نحن بالمجلس الثوري المصري، نرحب بالتظاهر في كل وقت وليس في وقت محدد، شريطة أن يكون ضمن حالة عامة ومنظمة من العمل الجماهيري"، مضيفا: "ويكون التظاهر جزءا من حالة عصيان مدني وإضراب عام يحتاج لمن يديره ويحدد مساراته".

وعلى الجانب الآخر، يرى عادل، أن "التظاهر الموسمي الذي قد يكون وسيلة لتفريغ تراكم الغضب عند الشعب ربما يحتاج لإعادة نظر نتيجة لسوابق لم تكن جيدة في هذا الملف".

وخلص للقول إن "التظاهر أحد الوسائل في حزمة من الإجراءات لا بد من التكاتف وراءها لتحقق نجاحا حقيقيا، وندعو إلى تكاتف الجهود لبدء ترتيب إضراب عام وعصيان مدني شامل".

"جمع توقيعات"
بدوره دعا السياسي المعارض والبرلماني السابق أمين إسكندر، المصريين لجمع توقيعات تطالب بانتخابات رئاسية مبكرة على طريقة حملة "تمرد" ضد الرئيس الراحل محمد مرسي عام 2013.

وقال إسكندر، عبر صفحته بـ"فيسبوك"، إن ما يحدث للمصريين "فضيحة"، مضيفا: "كفاية إهانة لبلدنا وإهانة لشعبها"، متابعا: "أدعوا شرفاء البلد أن يجمعوا توقيعات بالملايين لانتخابات مبكرة للرئاسة حتى ننقذ بلدنا من هؤلاء الفاشلين".

وطالب "القوات المسلحة بألا تتورط في الدفاع عنهم (النظام) ودفاعها يظل عن مصر".


"الحل الدستوري"

وفي السياق، طالب الكاتب الصحفي أنور الهواري، برئيس جديد لمصر غير الرئيس الحالي، لكنه دعا لتغييره عبر الانتخابات الرئاسية في موعدها، مشيرا إلى أن "الحل الدستوري يضمن التغيير كما يحفظ الاستقرار".

وكتب عبر صفحته بـ"فيسبوك": "مصر محتاجة قيادة جديدة، برؤية جديدة، وسياسات جديدة، رئيس غير الرئيس الحالي، برلمان غير البرلمان الحالي، حكومة غير الحكومة الحالية، سياسات اقتصادية واجتماعية غير السياسات الحالية، عقد اجتماعي غير العقد الحالي".

وعن وسائل تحقيق ذلك، قال الهواري: "وذلك كله في المواعيد المحددة للانتخابات في الدستور، يعني نبدأ بانتخابات رئاسية حقيقية وليست مجرد مسرحية تمثيلية في ربيع 2024، ثم انتخابات برلمانية حقيقية وليست مسرحية تمثيلية في 2025، وهكذا".


"دعوة السادات"

وطالب السياسي المصري محمد أنور السادات، في حوار مع موقع "الموقع"، السيسي، بإعلان عدم الترشح لانتخابات الرئاسة في 2024.

وقال مخاطبا السيسي: "إذا كنت حريصا على أن تترك تاريخا مسجلا بهذا البلد انظر وراءك حيث مبارك والسادات وعبدالناصر، الفرصة ما زالت مواتية أن تسجل في التاريخ بأحرف من نور أنك الرئيس الذي وبمحض إرادته زهد بالحكم وترك المنافسة حرة شريفة لكل من يتقدم، سوف يذكرها لك التاريخ".

 
"البديل الديمقراطي"
دعوات إسكندر لجمع التوقيعات، والهواري للمشاركة بالاستحقاقات الدستورية، والسادات لعدم ترشح السيسي، تأتي بعد أيام من دعوة المعارض المصري من لبنان، أحمد طنطاوي، السيسي للخروج من المشهد، في مقابلة مع قناة "الحرة"، 7 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري.

طالب طنطاوي، السلطات المصرية بوضع قانون انتخابي عادل وتطبيق إجراءات سليمة والاحتكام إلى إرادة الناخبين، وأكد أن "مصر تحتاج إلى بديل مدني ديمقراطي يرضي الناس، والأهم أن يقدم حلولا لمشكل حاضرهم ويخلصهم من الفشل الذي نعيشه".

 
لكن، جميع تلك الدعوات تأتي بمقابل دعوات أكثر حضورا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بدأها في 27 أيلول/ سبتمبر الماضي، الممثل والمقاول المصري محمد علي، بدعوة للتظاهر ضد السيسي، الجمعة 11 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.

 
وتتواصل دعوات التظاهر، والمطالبة برحيل السيسي، في ظل ما تعيشه مصر من أزمات مالية واقتصادية بسبب توجهات النظام نحو مشروعات يعتبرها مراقبون غير ذات جدوى، ودفعت الحكومة للاقتراض الذي قد يدفع البلاد إلى حد الإفلاس، وفق مؤسسات مالية واقتصاديين.

 
ويرى مراقبون أن سياسات النظام العسكري الحاكم دفعت إلى عزوف ملايين المصريين عن تأييده، بسبب سياسات الجباية وزيادة معدلات الفقر والبطالة والتضخم، وذلك إلى جانب التعامل الأمني وقمع الحريات واعتقال أكثر من 60 ألف مصري منذ العام 2013.

  

اقرأ أيضا: "الحركة المدنية" تتجه نحو مقاطعة "الحوار الوطني" بمصر