صحافة دولية

هل كانت الأميرة ديانا لتبقى على قيد الحياة لو انتقلت لأمريكا؟

الأميرة ديانا توفت بحادث مرور مع صديقها "دودي" بعد طلاقها من الأمير تشارلز بعام- جيتي

نشرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية تقريرا سلطت فيه الضوء على جانب من حياة الأميرة الراحلة ديانا، وبالتحديد رغبتها في الابتعاد عن قسوة العائلة المالكة في بريطانيا، والتمهيد لحياة جديدة لابنيها في الولايات المتحدة. 

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"؛ إن الأميرة سافرت إلى الولايات المتحدة في أول رحلة فردية لها في شباط/ فبراير 1989، في وقت كان باديا أن زواجها من الأمير تشارلز قد تضرر بشكل لا رجعة فيه.

 

وكان الهدف الظاهري من الرحلة هو الترويج للصناعة البريطانية، ولكن بالطبع احتلت الأميرة عناوين الصحف الدولية عندما زارت مركزا للأسر الفقيرة في حي "لوار إيست سايد"، وكذلك مستشفى في "هارليم"، حيث عانقت طفلا مصابا بالإيدز.

ومع اقتراب الذكرى السنوية الخامسة والعشرين لوفاتها في حادث سيارة في باريس، تتذكر كارين بروكس هوبكنز، رئيسة أكاديمية بروكلين للموسيقى في ذلك الوقت، كيف أبهرت الأميرة ديانا مدينة نيويورك. وقد كانت تلك اللحظة التي صعدت فيها ديانا إلى المسرح العالمي بدون زوجها، فيما اعتبر أنه لحظة الاستقلال وتحديا صارخا للعائلة المالكة.

 

اقرأ أيضا: معرض صور للأميرة ديانا يطوف 3 مدن أمريكية
 

بعدها بثلاثة أعوام، انفصل الزوجان وأخبرت ديانا أحد المحاورين، قائلة: "كنا ثلاثة في هذا الزواج" في إشارة إلى كاميلا باركر بولز، عشيقة تشارلز.

 

وكانت تلك الزيارة التي استغرقت ثلاثة أيام والتي سافرت من أجلها الأميرة على متن طائرة كونكورد، تحظى الآن باهتمام جديد نظرا لظهورها في الموسم الرابع من المسلسل الشهير "ذا كراون"، كما تعيد إثارة التكهنات حول رغبتها المزعومة في الانتقال إلى الولايات المتحدة مع ابنيها والتخلص من قبضة العائلة المالكة، ومحاولة تقليل التعرض للمصورين.

 

ولعل هذا المسار الذي اتبعه لاحقا ابنها الأصغر، هاري وزوجته ميغان ماركل، سعيا إلى تأسيس حياة بعيدا عن مؤسسة تكتنفها القسوة. 

وقد أكد كبير خدم الأميرة بول بوريل أنها كانت لتؤيد قرار ابنها، كما كشف في حوار له مع شبكة "سي بي سي" نيوز قبل عامين خططها لشراء المنزل السابق للممثلة جولي أندروز في كاليفورنيا، وحديثها عن رغبتها في منح ويليام وهاري منظور حياة جديد. وفي سنة 1997 اشترى دودي الفايد المنزل توسكاني الطراز بقيمة 7.5 مليون دولار، وكان يخطط للانتقال إليه بعد زواجهما. 

في آب/ أغسطس 1997 أصيب الثنائي بجروح قاتلة، عندما تحطمت السيارة التي كان يقودها سائق فايد بسرعة متهورة في نفق في باريس. وأُعلن عن وفاة فايد وسائقه هنري بول في موقع الحادث، بينما نُقلت ديانا إلى المستشفى، حيث توفيت بعد ساعات عن عمر 36 عاما. 

أشارت الصحيفة إلى أن وفاة الأميرة ديانا مثلت بداية أسبوع مذهل من الحداد العام في بريطانيا وحول العالم، فضلا عن الاتهامات العلنية الموجّهة إلى قصر القسوة. وفي تأبين رفع في جنازتها في "وستمنستر أبي"، وعد شقيقها إيرل تشارلز سبنسر بحماية أبنائها، وتعهد ببذل قصارى جهده لمواصلة طريقها في تربيتهما، حتى لا تنغمس أرواحهما في الواجب والتقاليد فحسب. وكان ينظر إلى خطابه الذي حصل على تصفيق الجماهير على أنه هجوم شائك على القصر. 

وأكد شقيق الأميرة أيضا رغبة ديانا في الابتعاد عن إنجلترا والبحث عن فتح فصل جديد في حياتها، خاصة بعد المعاملة التي تلقتها من الصحف. وقال سبنسر؛ إن ديانا لم تفهم أبدا سبب سخرية وسائل الإعلام من نواياها الحسنة، ولماذا كان هناك سعي دائم للحط من شأنها.

كان المؤلف والشيف الشهير أليكس هيتز، الذي قابل ديانا في بريطانيا ونيويورك، أحد أصدقاء الأميرة ديانا، وكان جزءا من دائرة ضمت المصممة الراحلة والشخصية الاجتماعية مارغريت ليتمان. وبعد إعلان القصر عن انفصال ديانا وتشارلز في سنة 1992، زارت القصر بشكل متكرر، حيث أقامت في فنادق شهيرة مثل كارلايل.

ونقلت الصحيفة عن هيتز، مؤسس "ذا بيفرلي هيلز كيتشن": "كانت جميلة حقا، وكانت أمريكا تحبها"، لكنه قال؛ إنها لم تتحدث معه أبدا عن الانتقال إلى الولايات المتحدة، وإنما كانت تخطط لرحلة طويلة قبل وفاتها. وأضاف: "لقد أرادت العودة والتجول في جميع أنحاء أمريكا، لقد كان من الممتع تخيل أن تعيش هناك، فقد كانت محبوبة وكانت تبادلنا الحب".

وبحسب مجلة "تاون أند كانتري"، كان أحد أعظم جهود ديانا لجمع التبرعات التبرع بـ 79 فستانا ليتم بيعها بالمزاد لجمع الأموال لصالح صندوق مستشفى رويال مارسدن للسرطان وصندوق أزمة الإيدز؛ وقد جمعت عملية البيع 3.25 مليون دولار. ومع أنها لم تحضر الحدث بنفسها لأنها بحلول ذلك الوقت كانت تعيش في قصر كنسينغتون بعد أن انفصلت عن تشارلز، إلا أن تقريرا لنيويورك تايمز عن المزاد، أكد أنها أرادت أن تكون جزءا منه.

ومن بين الفساتين التي بيعت في تلك الليلة، فستان سهرة من المخمل الأزرق اللامع من فيكتور إدلشتاين مكشوف الكتفين، ارتدته عندما رقصت مع جون ترافولتا في البيت الأبيض في تشرين الثاني/ نوفمبر 1985، حيث كانت هي والأمير تشارلز ضيفي رونالد ريغان، وكانت أمسية أخرى "أبهرت" فيها الأمريكيين.

كتبت تينا براون، وهي من بين كتّاب السيرة الذاتية للأميرة، عن تلك الليلة في كتابها "تاريخ ديانا": "لقد شعر جميع الضيوف الذين تحدثت إليهم عن تلك الليلة أنهم يشاركون في لحظة مميزة". وأضافت: "كانت واشنطن ولا تزال مدينة رديئة، حيث تُعد مركزا للسياسة ولكن ليس للأزياء، وكان جمع ديانا بين الجمال والنقاء والشباب، هو بالضبط الإصلاح الذي يحتاجه ريغان".

وذكرت الصحيفة أن ديانا فهمت بوضوح قوتها أمام العدسة، وربما يكون بريق هوليوود قد أغراها، إلا أن مثل هذه المشاعر يبدو أنها كانت متبادلة. ويحكي بوريل قصة اليوم الذي اتصل بها كيفن كوستنر هاتفيا، محاولا على ما يبدو إثارة اهتمامها بإعادة إنتاج فيلم "الحارس الشخصي"؛ حيث أخبر بوريل شبكة "إيه بي سي نيوز" أن كوستنر اتصل بها ليعرض عليها المشاركة في فيلمه القادم، وقد أكد كوستنر لاحقا أنه اتصل بها وقدم العرض.

وقد تحدث كوستنر عن المكالمة واصفا ديانا بأنها كانت لطيفة بشكل لا يصدق، وأنها سألت إذا ما كان هناك مشهد تقبيل في الفيلم، ويضيف أنها كانت متوترة لأن حياتها كانت محكومة بالقيود. وفي الأشهر التي سبقت وفاتها، كانت هناك مؤشرات أخرى على أن ديانا أرادت أن تفعل شيئا يتجاوز حدود القصر.

في كانون الثاني/ يناير 1997، سافرت إلى أنغولا وسارت في حقل من الألغام الأرضية، داعمة جهود الصليب الأحمر البريطاني ومنظمة هالو تراست غير الحكومية المعنية بالألغام، سعيا إلى فرض حظر عالمي على هذه الأسلحة. وقد تم الكشف لاحقا عن أن الرحلة أغضبت الحكومة البريطانية، التي كان موقفها من الأسلحة مختلفا عن موقف ديانا.

حياة دائمة في الولايات المتحدة الأمريكية؟


وفقا للمؤرخ الملكي روبرت هاردمان، فإن الكثيرين في الولايات المتحدة كانوا مغرمين بديانا، وبعد وفاتها، كان الإصدار التذكاري للأميرة الراحلة من قبل "نيوزويك" أحد أكبر مبيعاتها منذ الحرب العالمية الثانية. ولكن من غير الواضح ما إذا كانت تخطط لتنتقل إلى الولايات المتحدة على أساس التفرغ، حيث كانت لا تزال تحاول معرفة ما تريد فعله في حياتها في منعطف حرج، وكانت تعلم أن عليها أن تضع طفليها في المرتبة الأولى. وقد وجدت، مثل الأمير هاري، أن شق طريق خارج قصر باكنغهام لم يكن عملية بسيطة.

ويشير هاردمان إلى أن ما اكتشفه كل من هاري وديانا، رغم اختلاف الأسباب، هو أنه إما أن تكون ملكيا أو لا تكون كذلك، إذ إنه لا يوجد طريق وسط بين الاثنين. ويقول هاردمان؛ إن الانتقال إلى الولايات المتحدة كان حديث الصحافة دائما. ورغم ادعاء عائلة فايد أن الاثنين كانا على وشك الزواج، يقول أصدقاء آخرون للأميرة؛ إنها لم تكن لديها أي خطة لذلك. 

 

اقرأ أيضا: الأمير هاري يخشى على زوجته من مصير أمه الأميرة ديانا

ونقلت الصحيفة عن كارين بروكس هوبكنز، أنها أيضا لن تدعي أنها تعرف ما كانت تبحث عنه ديانا في حياتها.

 

وتقول هوبكنز؛ إنها تأثرت بسحر ديانا الهادئ في ذلك الحدث رفيع المستوى في بروكلين، حيث قدمت شخصيات بارزة لضيفة الشرف الملكية. وقد كان من الواضح لهوبكنز أن ديانا تحب المناسبات الكبيرة والشعور بالدراما، كما كان من الواضح أيضا أنها كانت تحاول أن تجد طريقها.

هل كانت لتعثر على السلام في أمريكا؟


تقول هوبكنز: "من الصعب جدا معرفة ذلك؛ لأنه من الواضح أنه كان هناك الكثير من الضغط والاهتمام، فقد كان انتهاء زواجها كله قصة حزينة وضخمة. ولا أعرف ما إذا كان شخص مثلها قادرا على أن يفلت من الأضواء بطريقة تجلب لها السلام". وتضيف قائلة: "لكنني أعتقد أنها كانت ستصبح مواطنة نيويوركية رائعة".