سياسة عربية

توقيف ناشطة يعيد فتح ملف الاعتقالات السياسية في الأردن

أبو نبعة كتبت منشورات تتعلق بالنظام وتتضامن مع قضية الأمير حمزة- جيتي

قررت محكمة أردنية تمديد توقيف المعتقلة المضربة عن الطعام سمية أبو نبعة أسبوعا في سجن الجويدة.

وقال عضو الملتقى الوطني للدفاع عن الحريات، المحامي مالك أبو عرابي، إن الأجهزة الأمنية أحضرت الناشطة المضربة عن الطعام إلى المحكمة وهي مقيدة الأيدي والأرجل، ووسط حراسة أمنية مشددة.

وأضاف أبو عرابي أن القاضي رفض تقديم طلب كفالة لإخلاء سبيل الناشطة أبو نبعة، وطلب تأجيل تقديم الطلب حتى الأسبوع المقبل، وفق موقع محلي.

 

وأعاد اعتقال الأجهزة الأمنية الأردنية للناشطة سمية أبو نبعة، الحديث حول ملف الاعتقالات السياسية في المملكة، وخصوصا بعد ما سُمي بتحديث المنظومة السياسية بما يضمن توسيع دائرة العمل الحزبي، بعيدا عن أي مضايقات أمنية.

واعتقل الأمن الأردني، الأحد الماضي، الناشطة أبو نبعة أثناء زيارتها عددا من المعتقلين السياسيين في سجن ماركا بالعاصمة عمان، ليتم تحويلها بعد ذلك إلى مركز أمني، ثم تكفيلها بعد ساعات، على أن تراجع محكمة شمال عمان في اليوم التالي، بحجة أنها مطلوبة للقضاء.

وبالفعل؛ راجعت أبو نبعة المحكمة، حيث تم عرضها على مدعي عام شمال عمان، والذي قرر توقيفها بسبب منشورات على موقع "تويتر" اعتُبرت مخالفة للقانون.

أربعة اتهامات

وقال موكلها المحامي مالك أبو عرابي لـ"عربي21" إن المحكمة وجهت لأبو نبعة أربعة اتهامات، هي إذاعة أخبار كاذبة في الخارج من شأنها أن تنال من هيبة الدولة، وذم هيئة رسمية، وكتابة خطابات بقصد إثارة النعرات المذهبية والعنصرية، ونشر وثائق محظور نشرها.

وبالنظر إلى المنشورات التي تتم محاكمة أبو نبعة عليها؛ يتبين أنها تضمنت انتقادا لنظام الحكم في الأردن، ومناصرةً للأمير حمزة بن الحسين إثر اتهامه بما يسمى بـ"ملف الفتنة"، ورميا لزعيم الانقلاب في مصر عبدالفتاح السيسي بالكذب، ووصفا لولي العهد السعودي محمد بن سلمان بـ"منشار العرب".

وأكد أبو عرابي أن أبو نبعة مضربة عن الطعام منذ الأحد الفائت، احتجاجا على معاملتها بـ"عدم احترام، كما قالت لي"، لافتا إلى أنها حينما وُوجهت من قبل المحكمة بالتهم السالفة الذكر؛ قالت: "أنا أرفض الحديث.. لمّا تحاسبوا الشرطيات اللي أساؤوا لي امبارح (أمس) بتحاسبوني".

ولفت إلى أن إدارة سجن الجويدة الذي تقبع فيه، حسّنت من تعاملها معها بعد زيارة وفد من المركز الوطني لحقوق الإنسان لها.

معتقلو الحراك الشعبي

وبيّن أبو عرابي أن التهم التي وجهت لأبو نبعة؛ هي ذاتها التي يُتهم بها معتقلو الحراك الشعبي في الأردن، بعد أن كانوا يواجهون عقب فترة الربيع العربي تهمة "تقويض نظام الحكم".

وأضاف أن "التهمة التي يُخشى توجيهها إلى النشطاء؛ هي تعكير صفو العلاقات مع دولة أجنبية، فهي تعتبر جناية وليست جنحة، ومدة التوقيف فيها قد تصل إلى ستة أشهر، فيما قد تصل عقوبتها لخمس سنوات"، مشيرا إلى إسناد هذه التهمة للناشط أنس الجمل بسبب منشور على موقع "فيسبوك" انتقد فيه تطبيع الإمارات مع الاحتلال الإسرائيلي.

وتعتبر "تهمة تعكير صفو العلاقات مع دولة أجنبية" بعد تعديل قانون منع الإرهاب عام 2014 من اختصاص محكمة أمن الدولة، ويعاقَب عليها بالسجن لمدة خمس سنوات بحسب المادة 118 قانون العقوبات، فيما قد تصل العقوبة إلى 15 عاماً في حال حكم عليها بالأشغال الشاقة المؤقتة استناداً إلى قانون منع الإرهاب.

وفيما إذا ما كانت وتيرة اعتقالات الرأي قد تراجعت بعد تحديث المنظومة السياسية في الأردن، والحديث الرسمي المتكرر عن توسيع مشاركة الشباب في العمل الحزبي والسياسي؛ قال أبو عرابي إن "وتيرة الاعتقالات على حالها، والذي تغير هو ازدياد فترات التوقيف".

وأوضح أن "للقاضي حق توقيف المتهم لمدة شهر، ولكن ما إنْ ينتهي الشهر حتى يوقفه الحاكم الإداري المدة التي يراها مناسبة، مع ربط ذلك بكفالة عدلية تصل أحيانا إلى 100 ألف دينار أردني، مضيفا أنه "في حال أراد المتهم ربط الكفالة بمنزل أو بأرض يملكها؛ فإن طلبه غالبا ما يقابل بالرفض؛ لأن المراد هو التوقيف وليس إنفاذ الكفالة".

 

 

اقرأ أيضا: استهداف الأردن لنقابة المعلمين يثير قلقا أمميا


وتابع أبو عرابي: "كثير من التوقيفات الأخيرة كانت مدتها ما بين توقيف قضائي وإداري؛ أطول من مدة الحكم في القضية الأصلية".

حرية التعبير

ويوجب الدستور الأردني على الدولة حماية حرية الرأي، حيث تقول المادة 15: "تكفل الدولة حرية الرأي، ولكل أردني أن يعرب بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير، بشرط أن لا يتجاوز حدود القانون".

وتؤكد المادة 128 من الدستور على ذلك؛ فتقول: "لا يجوز أن تؤثر القوانين التي تصدر بموجب هذا الدستور لتنظيم الحقوق والحريات على جوهر هذه الحقوق أو تمس أساسياتها".

إلا أن الناشط في الحراك الأردني الموحد، علاء ملكاوي، يرى أنه "لا يوجد ما يسمى بحرية التعبير في المملكة، في ظل وجود قوانين تحدّ من هذه الحرية على الصعيد الشخصي أو الجماعي".

وقال إن "قانون الجرائم الالكترونية كافٍ لتقويض حرية التعبير، حيث يعتقل المواطن لمجرد (لايك) أو تعليق أو منشور، عدا عن قانون منع الجرائم"، لافتا إلى أن "هذه القوانين غير دستورية، وينتج عنها تعسف في السلطة، ناهيك عن وجود محاكم خاصة، كمحكمة أمن الدولة العسكرية، والتي يحاكم أمامها مواطنون مدنيون".

وأكد لـ"عربي21" وجود العشرات من المعتقلين السياسيين في السجون الأردنية، منهم النشطاء والحزبيون والنخب المثقفة، عدا عن قرابة ألف ناشط قيدوا بقضايا في المحاكم.

تزايد أعداد المعتقلين

وبيّن ملكاوي أن الحديث الرسمي عن الإصلاح لم يغير نهج الاعتقال الذي تمارسه الدولة، بل إن ثمة تزايدا في أعداد المعتقلين، مشيرا إلى أن "المؤسسة الأمنية لا تخضع للقانون والرقابة، ولا تقف على مسافة واحدة من الجميع، حيث إنها لم تعتقل مواطنة شتمت 10 ملايين أردني، في حين اعتقلت الناشطة سمية أبو نبعة كيديا، ورفضت تكفيلها".

وأشار إلى أن "الحكومات المتعاقبة تخشى من أي طرح يكشف زيف ادعاءاتها بأن الأردن دولة حريات وقانون، لأن ذلك يشكل خطرا على المساعدات والمنح التي يقدمها لها الغرب"، مؤكدا أن "طروحات المعارضين تهدف إلى بناء الدولة والحفاظ عليها من الفساد والاستبداد".

وأضاف ملكاوي أن الاتهامات الرسمية للمعارضين بأنهم أصحاب أجندات خارجية عارية عن الصحة، متسائلا: "أليست الحكومات هي من يذهب للخارج لجلب المساعدات باسم الأردنيين، ويرهن اقتصاد البلاد وقوت المواطنين بيد البنك الدولي وسفارات الدول المانحة، ويضر بمصالح الدولة والشعب؟".

وشدد على أن الحراكيين والمعارضين حريصون جدا على أمن البلاد، قائلا: "لم نرفع يوما السلاح بوجه الدولة، ولم نكسر لوح زجاج، ولم نغلق طريقا، ولم ننحز لأي جهة خارجية على حساب الدولة والأردنيين"، لافتا إلى أن "المعارضين في الخارج هم أردنيون وليسوا من المريخ، ولهم الحق في حماية دولتهم وبلادهم والدفاع عن المظلومين".

يشار إلى أن منظمة "سكاي لاين" الدولية أدانت، الخميس الفائت، اعتقال الناشطة أبو نبعة، داعية السلطات الأردنية إلى "وقف القيود المفروضة على حرية الرأي والتعبير، والعمل على إطلاق سراح كافة معتقلي الرأي لديها".