سياسة عربية

هل يفشل الحوار السياسي في مصر قبل أن يبدأ؟

لم تحسم المعارضة في الداخل موقفها من المشاركة - جيتي

رغم مرور أكثر من 40 يوما على دعوة رئيس النظام المصري، عبد الفتاح السيسي، إلى حوار سياسي شامل دون تمييز، يتجه الحوار إلى الفشل مع إعلان الحركة المدنية الديمقراطية في مصر رفضها تشكيل إدارة الحوار قبل نحو أسبوعين من بدء أولى جلسات الحوار بشكل رسمي.

وكانت إدارة "الحوار الوطني"، أعلنت قبل أيام بدء أولى جلساتها الأسبوع الأول في تموز/ يوليو المقبل، وتسمية نقيب الصحفيين، ضياء رشوان رئيس هيئة الاستعلامات التابعة للرئاسة منسقا عاما للحوار الذي يعد الأول من نوعه في مصر منذ وصول السيسي للسلطة عام 2014.

وهاجم سياسيون من بينهم شخصيات مقربة من الأجهزة الأمنية مثل رئيس حزب الإصلاح والتنمية، النائب السابق محمد أنور السادات، لجنة الحوار واستنكر في بيان له، استبعاده من الحوار الوطني ومنعه من الظهور في وسائل الإعلام.

وقال: "حينما تبدأ فعاليات الدعوة للحوار الوطني كما أطلقها الرئيس ليكون شاملاً دون استثناء أو تمييز، ثم يتم استبعاد سياسيين وأنا منهم من المشاركة، وأيضاً حظر ظهورهم في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، فهذه بداية غير مشجعة وغير موفقة".

وفي تقرير سابق لـ"عربي21" كشف مراسلها نقلا عن مصادر مطلعة منتصف الشهر الماضي، أنه في الوقت الذي تجري فيه الاستعدادات بين القوى السياسية للتوافق حول عدد من المحاور الرئيسية، حظرت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، التي تدير غالبية القنوات والصحف والمواقع الإخبارية، والتابعة لجهاز المخابرات، ظهور بعض الشخصيات السياسية ووضعها على القائمة السوداء.

ولم تحسم المعارضة في الداخل الممثلة في الحركة المدنية الديمقراطية، التي تضم 7 أحزاب وشركاءها من الأحزاب والشخصيات العامة الأخرى موقفها بالمشاركة، وذلك رغم انخراط الحركة الوطنية برئاسة السياسي حمدين صباحي في مشاورات مع السلطة منذ مطلع آيار/ مايو الماضي.

رفضت الحركة، الخميس الماضي في بيان، اختيار الأكاديمية الوطنية للتدريب لرئيس الهيئة العامة للاستعلامات ونقيب الصحفيين ضياء رشوان منسقًا عامًا للحوار الوطني وكذلك قرارها باختيار الأمين العام للمجلس الأعلى للإعلام محمود فوزي رئيسًا للجنة الفنية للحوار.

ورهن رئيس حزب الكرامة البرلماني السابق أحمد الطنطاوي، الذي يأتي على رأس الحركة المدنية قبوله المشاركة في الحوار السياسي مع السلطة باستيفاء عدد من الضوابط الإجرائية والموضوعية الواردة في بيان 8 آيار/ مايو التي تجعل منه وسيلة لإنقاذ الوطن، وحل مشكلاته، وليس مجرد تجميل للواجهة.


اقرأ أيضا: جلسات "حوار السيسي" تنطلق في يوليو المقبل

الجيش لا يحاور ولا يقاسم

أكد السياسي والبرلماني المصري سابقا، الدكتور محمد عماد صابر، أن "أي حوار سياسي بعيدا عن تداول السلطة ومناقشة الانتخابات الرئاسية المبكرة هو حوار فاشل، الهدف منه هو الاستهلاك المحلي من جهة، ورسائل ترضية للعالم الخارجي بعد أن نفذت كل "الشماعات" التي يعلق عليها فشل الدولة على أكثر من صعيد".

مضيفا لـ"عربي21" أن "الواقع يؤكد أن رجال الجيش ليسوا مستعدين قط للتخلي عن الحكم، أو البعد عن السياسة، هم متشبثون بالبقاء في الحكم إلى أجل غير مسمى، حفاظا على الميزات الاعتبارية والاقتصادية التي يتمتعون بها وحماية للمصالح الاستعمارية الغربية".

وتوقع صابر أن "يفشل الحوار في نهاية المطاف؛ لأن جميع المؤشرات على أرض الواقع تؤكد ذلك، ولا يمكن اجتزاء المعارضة المصرية الكبيرة والمتنوعة في أحزاب معينة ومحددة بعينها بعيدا عن تيار الإسلام السياسي الذي هو في القلب من المعارضة والمجتمع المصري".

ودعا تيارات المعارضة الوطنية "إلى إدراك طبيعة المرحلة، وما يستلزمها من وحدة الصف الوطني وأهمية الحوار في الخارج أولاً مع بعضها البعض، لبلورة رؤية جديدة متفق عليها بين كل مكونات الجماعة الوطنية، واستعادة الوعي والتأييد الشعبي بما يتناسب مع مرحلة التخلص من السيسي واستعادة مصر المخطوفة والمنهوبة".

لا حوار من الأساس

مؤشرات إخفاق الحوار السياسي بادية منذ اللحظات الأولى، وفق الناشط السياسي المصري، عمرو عبد الهادي، مؤكدا أنه "لا يوجد حوار وطني من الأساس؛ هذه مجرد تمثيلية حتى تقوم أمريكا بصرف جزء من المعونة للعام 2022، وتجاوز الأزمة الاقتصادية، وحين يتم صرفها (أي المعونة) سيعود السيسي أدراجه مرة ثانية".

ورأى في حديثه، لـ"عربي21" أن "أزمة السيسي مع الأمريكان هي عدم تواصل الرئيس الأمريكي جو بايدن معه، وشعوره بالقلق من عدم الرضا عليه بشكل تام رغم تمسكه بتأمين مصالح أمريكا وإسرائيل والخليج".

وتابع عبد الهادي: "ومن أجل ذلك، خرج السيسي بمسرحية الحوار الوطني أو السياسي، وأسنده إلى لجنة تابعة للمخابرات، وحتى الآن لم يتحقق شيء مما طالبت به القوى السياسية، لا إفراجات عن المعتقلين، لا مرجعية حقيقية للحوار، إنه أشبه بحوار الطرشان، وكل من شارك أو قبل بالمشاركة فهو جزء من النظام الحاكم".

الحدأة لا ترمي بالصيصان

بدوره، يرى الكاتب الصحفي والخبير الإعلامي، قطب العربي، أن "التطورات الأخيرة في مرحلة التشاور وإعداد الحوار تؤكد أننا أمام حوار محكوم عليه بالفشل؛ لأنه افتقد آليات وأهداف الحوار الحقيقي القائم على قضايا رئيسية مثل تداول السلطة والأمن القومي والإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين وغيرها من القضايا الرئيسية".

وأشار في تصريحات لـ"عربي21" إلى أن "اقتصار الحوار السياسي على مجموعة من الأحزاب السياسية المشاركة في 30 حزيران/ يونيو والمؤيدة للنظام يؤكد أنها دعوة محدودة الأثر والآثار ودورها هو تجميل صورة النظام لحين العبور من عنق الزجاجة في ظل الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المزرية".

وذهب إلى القول بأن "النظام غير جاد في أي حوار، وليس أدل على ذلك من تجاهله الإفراج عن المعتقلين السياسيين، ولا يفرج عنهم إلا بالقطارة، ومقابل ذلك يصدر أحكاما بالسجن المؤبد والمشدد بحق معارضين سياسيين بدلا من أن يفرج عنهم، وكما يقول المثل المصري الدارج الحدأة لا ترمي بالكتاكيت".