سياسة عربية

جدل في مصر بعد مطالبة بحذف "الشريعة" من لائحة "الشيوخ"

المقترح يعد مخالفة لنص دستوري- جيتي

في أول مقترح تشهده أروقة مجلس الشيوخ المصري مع بدء فصله التشريعي الأول، طالب نواب بـ"حذف الجزء المتعلق بتطوير وتعديل القوانين وفقا للشريعة الإسلامية من اللائحة الداخلية للمجلس".

ووافق مجلس الشيوخ برئاسة المستشار عبدالوهاب عبدالرازق، على مشروع قانون اللائحة الداخلية للمجلس، الذي يسيطر على مقاعده الـ300 نائب المؤيدين للسيسي، جاء نحو 200 منهم عبر انتخابات برلمانية أجريت في آب/ أغسطس الماضي، فيما قام رئيس النظام عبدالفتاح السيسي، بتعيين المئة عضو المتبقين.

عضو مجلس الشيوخ، النائب محمود سامي، فاجأ الشارع السياسي والديني المصري بالطلب الذي قدمه، ويقترح حذف الجزء المتعلق بتطوير وتعديل القوانين وفقا للشريعة الإسلامية من اللائحة الداخلية لمجلس الشيوخ، وهو الطلب الذي دعمه بعض النواب بينهم رئيس حزب التجمع سيد عبدالعال.

ويقر الدستور المصري "الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي في التشريع"، ويقول في مادته الثانية: "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع".

وتقول المادة الثالثة من الدستور، إن "مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسي للتشريعات المنظِّمة لأحوالهم الشخصية، وشؤونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية".

"سبب المطالبة"

وادعى النائب محمود سامي، أن المادة "46" من لائحة مجلس الشيوخ "غير دستورية" كونها لم تذكر الشرائع الأخرى بجانب الشريعة الإسلامية كما نص الدستور في مادته الثانية والثالثة، واعتبر أن طلبه قوبل بحساسية من الناحية الدينية وأن تصويت الأغلبية جاء بإلغاء المقترح.

وأوضح في مكالمة هاتفية عبر فضائية "صدى البلد"، أنه لم يقصد إثارة جدل ديني أو تغيير ثوابت قانونية، كون الدستور أقر أن الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، وأحال الجزء الخاص بالأحوال الشخصية لأصحاب الديانات الأخرى للشرائع الدينية الخاصة بهم.

وأضاف، رأيت أن المادة الخاصة بلائحة مجلس الشيوخ "46" بشأن تعديل القوانين وفقا للشريعة الإسلامية فقط غير دستورية كونها لم تذكر الشرائع الأخرى كما نص الدستور، وأنه لذلك طالب بحذف جزء الشريعة الإسلامية واستبداله بجملة بما يتفق مع الدستور الذي ينص على أن الشريعة

الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع.

 

اضافة خبر متعلق


وأكد أن بعض نواب الشيوخ دعموه بينهم رئيس حزب التجمع، سيد عبدالعال، الذي لفت إلى أن المادة الثانية من الدستور أثارت الكثير من الجدل في دستور 2012، في عام حكم جماعة الإخوان المسلمين، فيما حاولت "عربي21" التواصل مرارا بعبد العال دون استجابة.


"تجروء على الدستور"

وفي تعليقه قال الخبير القانوني والدستوري المصري الدكتور أحمد حسن الخطيب: "للأسف هذا المطلب دليل على جهل بين بالدستور والقانون"، معتقدا أن "الغرض منه هو الاستعراض والظهور فقط لا غير".

الأكاديمي المصري، أوضح لـ"عربي21"، أن "مجلس الشيوخ لا يحق له من الأساس التطرق لمثل هذه الأمور؛ لأن هذا اختصاص أصيل لمجلس النواب، ومن بعده الشعب عن طريق طرح الاستفتاء".

ولفت الخطيب إلى أن "الإشكالية هنا تظهر في مدى التجرؤ على الدستور بهذا الشكل الغريب؛ وكل صاحب فكر غريبة يطرحها دون أي دراسة أو وعي".

وحول دلالات هذا الموقف وما قد يتبعه من دور مثير محتمل لهذا المجلس، لا يعتقد الخبير القانوني، "حدوث دور كارثي أو شي مشابه لمحدودية اختصاص مجلس الشيوخ؛ فالغرض منه توسيع تمثيل المجتمع والمشاركة المجتمعية".

"يكشف واقع مصر"

من جانبه يرى المحامي بالنقض والدستورية والإدارية العليا‏ ‏نبيل محمد زكي، أنه "قانونا لا يجوز لمجلس الشيوخ أن يقوم بهذا الحذف طبقا للدستور"، موضحا أنه "إذا صدرت لائحة مجلس الشيوخ طبقا لهذا لمقترح فهنا يجوز الطعن بعدم دستورية اللائحة".

زكي، استدرك في حديثه لـ"عربي21"، قائلا: "لكن الواقع في مصر أنه لا أحد يهتم بمخالفة دستور أو قانون؛ وهم يفعلون ما يريدون"، مشيرا إلى أن "القضاء معهم للأسف ويحكم بما يريدون".

وأعلن المحامي المصري عن تأييده لمن يقولون بأن هذه البداية تقود إلى التكهن بملامح مجلس الشيوخ في أول نسخة منه أسوأ من مجلس النواب السابق في القوانين المثيرة للجدل والتي تصنع الأزمات.

"التباس لا يمثل الشيوخ"

وفي رؤية سياسية، قال رئيس حزب الجيل ناجي الشهابي، إن "الطلب الذي قدمه النائب محمود سامي، بحذف الجزء المتعلق بتطوير وتعديل القوانين وفقا للشريعة الإسلامية من اللائحة الداخلية لمجلس الشيوخ هو رأي شخصي لهذا العضو والأعضاء الذين يؤيدونه".

الشهابي، أوضح في حديثه لـ"عربي21"، أنه "لا يمكن اعتبار أنه يعبر عن مجلس الشيوخ، فلم يصوت المجلس على اقتراح العضو، وإن كانت سجلته مضبطة المجلس لهذه الجلسة".

وأشار إلى أنه "حدث للعضو صاحب الاقتراح التباس بين المادة 2 في الدستور والمادة 3 منه فالمادة 2 تنص على أن: الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع".

وأضاف الشهابي، أن "المادة واضحة في نصوصها؛ لذلك كان النص في لائحة مجلس الشيوخ دستوري ويتفق معها لأن القوانين وأي تعديلات عليها لابد أن تنطلق من مبادئ الشريعة الإسلامية".

وقال رئيس حزب الجيل، إن "الالتباس الذي حدث عند العضو محمود سامي ورئيس حزب التجمع النائب سيد عبدالعال وآخرين بسبب المادة 3 التي تنص على أن: مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسي للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية، وشؤونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية".

ولفت السياسي المصري إلى أن "هذا الالتباس بسبب عدم فهمهم للمادة 3 من الدستور أو قراءتها إلى نهايتها؛ فهي تنص على أن مبادئ شرائع المسيحيين واليهود هي: المصدر الرئيسي للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية، ولم يقل الدستور أن مبادئ شرائع المسيحيين واليهود هي المصدر الرئيسي لتعديل أو تطوير أو إصدار القوانين بصفة عامة".

وألمح إلى أن "النص كما جاء في مشروع قانون اللائحة الداخلية يتسق مع أحكام الدستور، ومع نص المادتين 2 و 3 فيه، وأن اقتراحات هذا العضو والآخرين مخالفة للدستور".

"مولود السيسي القسري"

وفي تعليقه عبر صفحته بـ"فيسبوك"، قال الكاتب الصحفي جمال سلطان، إن "مجلس الشيوخ، مولود السيسي القسري الجديد في مصر، يبدأ نشاطه بطلب حذف الجزء المتعلق بتطوير وتعديل القوانين وفقا للشريعة الإسلامية من اللائحة الداخلية للمجلس".