تساءل دبلوماسي إسرائيلي
"حول ماهية الاتفاق مع الإمارات هل هو تكتيكي أم استراتيجي، في ظل صدور موجة من
التفسيرات للاتفاق بشأن من كسب وخسر من هذا التطور الجديد، لأن معظم المعلقين طرحوا
الاتفاق على أنه إنجاز إسرائيلي وأمريكي وإماراتي، وفي الوقت ذاته خسارة فلسطينية،
لكن القراءات لا زالت بعيدة لمعرفة مغزى الاتفاقية على المدى الطويل بالنسبة لإسرائيل".
وأضاف نداف تامير، المسؤول السابق
بالسفارة الإسرائيلية بواشنطن، في مقاله على موقع "زمن إسرائيل"، ترجمته
"عربي21" أن "الاتفاق الإسرائيلي الإماراتي إمكاناته إيجابية للغاية،
وقد يُستغل لتعزيز اتفاق مع الفلسطينيين، القضية الأكثر استراتيجية ووجودية بالنسبة
لإسرائيل، ومن ناحية أخرى، قد يتسبب الاتفاق في ضرر إذا حاولت تلك الأطراف استخدامه
للالتفاف على القضية الفلسطينية، وإهمالها".
وأشار تامير، عضو المعهد الإسرائيلي
للسياسة الخارجية الإقليمية-ميتافيم، ومستشار شمعون بيريس، وعضو اللجنة التوجيهية لمبادرة
جنيف، إلى أن "الاتفاق بين إسرائيل والإمارات يقدم إنجازات لإسرائيل، فالعلاقات السياسية
والاقتصادية مع الإمارات مهمة، لكنها ليست كافية، وقد يصبح الاتفاق إنجازاً استراتيجياً
إذا لعبت الإمارات دوراً مفيداً بحل الصراع مع السلطة الفلسطينية، وإلا فإن البديل
هو إضعافها، وتقوية حماس".
وأكد أن "الاتفاق بين إسرائيل
والإمارات أكثر إيجابية بكثير من الإشارات الفارغة، أو حتى الضارة، التي تلقاها رئيس
الوزراء نتنياهو وأنصار الولايات المتحدة الإنجيليين من ترامب حول نقل السفارة إلى
القدس، والاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، والانسحاب من الاتفاق النووي
مع إيران، مع أن نقل السفارة لم يغير أي شيء بخصوص مكانة القدس، بل زاد من الخلاف بين
إدارة ترامب والفلسطينيين".
وأوضح أن "الاعتراف بسيادة
إسرائيل على الجولان غير بشكل مثير للشفقة اسم هضبة الجولان إلى "هضبة ترامب"،
وهذه إشارة تقوض قدرة واشنطن على أن تكون لاعباً هاماً في الصراعات، فيما أثر الانسحاب
من الاتفاق النووي على إسرائيل بتفكيك التحالف ضد إيران الذي وضع قيودًا عليها، كما
تجلت الأضرار التي تلاحقت في الأيام الأخيرة حين فشلت الولايات المتحدة بتمرير قرار بتمديد
حظر الأسلحة المفروض على إيران في مجلس الأمن".
وأشار إلى أنه "إذا كانت
الإمارات تريد ممارسة نفوذها في إنتاج أدوات لتعزيز تسوية إسرائيلية فلسطينية بروح
المبادرة العربية لعام 2002، فإن المنفعة التكتيكية لاتفاقها مع إسرائيل ستصبح استراتيجية".
وأوضح أن "الإمارات قد
تكون كيانا صغيرا، لكن تأثيرها كبير، وزعيمها محمد بن زايد له صلات مهمة مع العديد
من اللاعبين على الساحة الدولية؛ كوشنر في الولايات المتحدة، ابن سلمان في السعودية،
دحلان في الساحة الفلسطينية الذي قد يعود لموقع النفوذ لوراثة أبو مازن، السفير رون
دريمر، والقادة اليهود الأمريكيين من خلال سفيره العتيبة، كما أن الإمارات لها تأثير
اقتصادي على قطاع الأعمال الإسرائيلي، مع إمكانية أن يكون لها تأثير إيجابي للغاية على
تنمية السلطة الفلسطينية".
وأكد أن "الاتفاق الإماراتي
الإسرائيلي سيتحول من إنجاز تكتيكي إلى ضرر استراتيجي إذا استغله نتنياهو وترامب لعدم
إيجاد حل للقضية الفلسطينية، على اعتبار أن التطبيع الإقليمي يمكن أن يتحقق في غياب
التسوية، صحيح أن التطبيع مهم بالفعل لإسرائيل، لكنه لن ينقذها من مأساة دولة ثنائية
القومية، لأن خطوة الإمارات سلطت الضوء على قبول إسرائيل في الفضاء الإقليمي، شرط قبول
حل الدولتين مع الفلسطينيين".
وأضاف أن "الإمارات تتوق
للاتصال بإسرائيل، وربما تكون الساحة الإقليمية بأكملها جاهزة للترويج لتسوية إسرائيلية
فلسطينية تتماشى مع المصالح الإسرائيلية، وقد تكون المبادرة العربية أساسًا للمفاوضات،
حيث أعلن أبو مازن موافقته على كل شروطها، بما في ذلك الموافقة على دولة منزوعة السلاح،
هو لا يريد جيشاً، بل يطالب فقط باستبدال الجيش الإسرائيلي، بقوة دولية أو أمريكية
لإنهاء
الاحتلال".
وأوضح أن "الاتفاق مع الإمارات
يتطلب وجود قيادة سياسية إسرائيلية قادرة على استغلال السياق الإقليمي الإيجابي الجديد
لإنقاذ إسرائيل من الوضع الراهن، خشية أن يقودنا لدولة ثنائية القومية، التي تعني نهاية
الحلم الصهيوني أخلاقياً وديموغرافياً، ومن المأمول أن يجلب الاتفاق مع الإمارات تعزيز
حل الدولتين مع الفلسطينيين، والاندماج الحقيقي لإسرائيل في الشرق الأوسط".