سياسة عربية

مؤيدو السيسي يحتفون بـ"ممالك النار" ويطلبون محو آثار الأتراك

مؤيدوا السيسي يطالبون بتغيير أسماء الشوارع والميادين المصرية التي تحمل أسماء شخصيات تركية- يوتيوب

احتفى مؤيدو النظام المصرى بالمسلسل التاريخي "ممالك النار" المزمع عرضه بعد أيام، ورأوا فيه خطوة ناجحة لمواجهة الدراما التركية، في خضم التوتر السياسي بين مصر والسعودية والإمارات من جانب وتركيا من جانب آخر.

وتزامن ترحيب مؤيدي النظام بالمسلسل مع حملة تطالب بتغيير أسماء الشوارع والميادين المصرية التي تحمل أسماء شخصيات تركية، باعتبارها رموزا لدولة احتلال نهبت ثروات البلاد.

مسلسل "ممالك النار" من إنتاج شركة "جينوميديا" الإماراتية، ومن تأليف المصري محمد سليمان عبد الملك وبطولة الممثل المصري خالد النبوي ومجموعة من الممثلين من عدة دول عربية منهم محمود نصر ورشيد عساف وكندة حنا وإخراج البريطاني بيتر ويبر وتم تصويره في تونس، وسيتم عرضه عبر قنوات إم بي سي السعودية بدءا من السابع عشر من الشهر الجاري.

ويتناول المسلسل، الذي بلغت تكلفة إنتاجه نحو 40 مليون دولار أمريكي، الأحداث التي شهدتها المنطقة العربية والتي أدت إلى سيطرة السلطان العثماني "سليم الأول" على الشام ومصر، وظهر من الإعلان الترويجي للمسلسل الإنتاج الضخم للعمل وطريقة إخراج وتصوير المعارك والإبهار البصري بما شبه الأعمال العالمية.

 

اقرأ أيضا: هل يلاقي "ممالك النار" الخليجي نجاح "قيامة أرطغرل" التركي؟

حفاوة بالغة

ودعت وسائل الإعلام وحسابات مواقع التواصل الاجتماعي المؤيدة للنظام المصريين لمتابعة المسلسل باعتباره أضخم إنتاج عربي، ورد قوي على الدراما التركية التاريخية وأبرزها مسلسل "قيامة أرطغرل".

وتوقعت صحيفة "الوطن" نجاحه بقوة في الوطن العربي وخارجه، مشيرة إلى أنه يرصد فترة تاريخية مهمة، ويوثق لوقوف السلطان الأشرف "طومان باي" آخر سلاطين المماليك في وجه الغزو العثماني مدافعا عن أرضه.

ونقلت الصحيفة عن مؤلف المسلسل محمد سليمان عبدالملك، إن "ممالك النار" يقدم فترة حكم العثمانيين المليئة بـ "المجازر التاريخية"، مشيرا إلى أن العمل يواجه تشويه التاريخ ويخاطب الأجيال الجديدة ليكشف حقائق تاريخية يحاول صناع الدراما التركية الآن تزويرها من خلال تقديم أعمال تمدح الدولة العثمانية وتقدمها في شكل المنقذ على الرغم من تاريخهم المليء بالجرائم. 

أما موقع "مصراوي" فنقل عن عبد الملك قوله إن المسلسل يأتي في إطار معركة الوعي ضد التزييف "العثماني"، الذي يحدث من خلال الدراما التركية، بتناول بعض الشخصيات العثمانية وتسويقها كأبطال رغم أن أغلبها ينافي الحقيقة.

من جهتها قالت صحيفة "أخبار اليوم" إن العمل هو ملحمة تاريخية تضم كوكبة من النجوم العرب في تعاون عربي ملحمي غير مسبوق.

وقالت قناة "صدى البلد" إن مسلسل "ممالك النار" يجسد اتحاد العرب في المجال الفني لضرب القوى الناعمة لأردوغان، مشيرة إلى أن العمل تم تنفيذه بجودة عالية من أجل تغيير الصورة الذهنية للدراما العربية التي تراجعت مؤخرا لصالح نظيرتها التركية.

وأضافت أن الترويج لعظمة العثمانيين نجح فيه الرئيس التركي أردوغان من خلال دراما تركية من جانب واحد تفتقد للصورة الكاملة، نجحت في كسب متابعين كثيرين من الوطن العربي بأساطير وهمية أبرزها قيامة أرطغرل، ويأتي مسلسل "ممالك النار" كرد قوي عليها.

إزالة أسماء الأتراك

وكان المحامي طارق محمود، المقرب من النظام، قد أرسل إنذارا رسميا وعاجلا لوزير التنمية المحلية، طالب فيه بإصدار قرار فورى بإزالة أسماء السلاطين والحكام الأتراك من شوارع وميادين مصر، واستبدالها بأسماء شهداء الجيش والشرطة.

وقال محمود، وهو محام فى إنذاره، إن أغلب هؤلاء الحكام ارتكبوا جرائم في حق الشعب المصري ونهبوا ثرواته خلال فترة الاحتلال العثماني لمصر، وأن رئيس تركيا أردوغان ما زال حتى الآن يمارس نفس السياسة بدعمه للإرهاب الموجه ضد مصر، وتوفير ملاذ آمن لمن يخططون لإسقاط الدولة المصرية ومؤسساتها، حسب قوله.

لكن النائبة البرلمانية هالة أبو السعد كانت قد أعلنت رفضها لإزالة أسماء الأتراك من شوارع مصر التي تعكس التاريخ المصري التركي المشترك وجذوره القوية، مضيفة أن توجهات أردوغان المعادية لمصر لا يجب أن تدفعنا إلى إزالة التاريخ المصري التركي.
 
صراع القوى الناعمة

وتعليقا على هذا الموضوع قال الناقد الفني ممدوح أبو زيد إن الترحيب المصري بمسلسل "ممالك النار" يبرز بوضوح الخلاف السياسي القائم بين النظام المصري وتركيا، مشيرا إلى أن الملسل تم تنفيذه بتمويل إماراتي وسعودي لمواجهة التأثير الكبير الذي أحدثه المسلسل التركي التاريخي "قيامة ارطغرل"، فضلا عن التأثير المتوقع للجزء الجديد وهو مسلسل "المؤسس عثمان" الذي يتناول تاريخ الدول العثمانية وكيفية تأسيسها.

وأضاف أبو زيد، في تصريحات لـ "عربي21"، أن بينما يقول الأتراك إن الدولة العثمانية كانت امبراطورية عظيمة تدافع عن الإسلام وفتحت أراض شاسعة، نرى أن المسلسل الجديد يقدم العثمانيين في صورة غزاة مستبدين يستحلون الدماء والأموال، لافتا إلى أن كل طرف يقدم التاريخ من وجهة نظره، في إطار صراع القوى الناعمة بين الجانبين.

وتابع: "الفن أصبح أحد أهم أسلحة المواجهات السياسية بين الدول، وكلنا رأينا اهتمام الدولة التركية بمسلسل أرطغرل، حتى أن الرئيس أردوغان حضر تصوير بعض مشاهده، كما اصطحب معه أبطال المسلسل في زيارة رسمية العام الماضي إلى دول الخليج، وفي المقابل منعت السعودية إذاعة المسلسلات التركية على قنواتها التلفزيونية بعد توتر العلاقات مع أنقرة.

وأكد أن الدراما التاريخية أصبح لها دور كبير في توصيل التاريخ إلى الشعوب، وغالبية المشاهدين يستقون معلوماتهم ويكونون أراءهم من خلال الأعمال الدرامية، موضحا أن نسبة ضئيلة للغاية هي التي تقرأ الكتب التاريخية وتبحث عن حقائق الأحداث.

ولفت إلى أن صناع مسلسل "ممالك النار" وقعوا في بعض الأخطاء المبدئية، فبينما يحاول العمل تقديم العثمانيين في صورة الغزاة المحتلين وأن السلطان المملوكي "طومان باي" يقاوم هذا الاحتلال، فات صناع المسلسل أن المماليك أنفسهم لم يكونوا مصريين، بل كانوا محتلين أيضا، وأذاقوا المصريين أصنافا من الظلم، ما يعني أن التنافس كان بين قوتين من الغزاة للسيطرة على مصر، ولم يكن للشعب المصري دور في هذا الصراع.

وحول توقعاته لمستوى المسلسل، قال أبوزيد إنه كان واضحا من الإعلان التشويقي التي تم بثه للمسلسل وجود إنتاج ضخم، لكن الحكم الفني عليه سيكون بعد مشاهدته، لأن الإمكانيات الكبيرة وحدها لا تصنع عملا ناجحا.