لا يخفى على أحد أن مستشار الأمن القومي الأمريكي، جون بولتون، الذي أصبح في عداد السابقين، كان ألد أعداء إيران بين أركان إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، منذ اختياره في هذا المنصب آذار/ مارس 2018 إلى أن غادره قبل أيام، وهو يتصدر دعاة تغيير النظام في إيران ولو استدعى ذلك شن حرب عليها.
وفي السياق، وعندما أسقط الحرس الثوري الإيراني طائرة مسيرة أمريكية في حزيران/ يونيو الماضي، كان بولتون من المتحمسين للرد علي طهران عسكريا، ودفع مع غيره من الصقور؛ ترامب إلى اتخاذ قرار بهذا الشأن قبل أن يتراجع عنها في الدقائق الأخيرة.
كما أنه وبحسب المصادر الأمريكية، فإن الخلاف بين ترامب وبولتون بشأن طريقة التعاطي مع إيران كان أحد أهم أسباب الإطاحة به. وقيل إن الرئيس الأمريكي أراد تخفيف العقوبات على إيران، لتحضير الأجواء للقاء منشود مع نظيره الإيراني، حسن روحاني، خلال زيارته المرتقبة إلى نيويورك هذا الشهر للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكنه واجه معارضة قوية من جون بولتون، وهو ما أدى إلى استقالة الأخير بحسب قوله أو إقالته من قبل ترامب، كما جاء في تغريدته.
واليوم بعد رحيل بولتون، كبير صقور الإدارة الأمريكية، وعلى ضوء المعطيات آنفة الذكر، تبرز ثمة تساؤلات بقوة،عما اذا كانت لغيابه تأثيرات على استراتيجية "الضغوط القصوى" التي تمارسها الإدارة الأمريكية ضد طهران، لتتراجع وطأتها، وتترتب على ذلك تداعيات "إيجابية هامة" على مجمل التوترات المركبة بين طهران وواشنطن، التي نتجت عن انسحاب الأخير من الاتفاق النووي في أيار/ مايو 2018.
بعد رحيل بولتون، كبير صقور الإدارة الأمريكية، وعلى ضوء المعطيات آنفة الذكر، تبرز ثمة تساؤلات بقوة،عما اذا كانت لغيابه تأثيرات على استراتيجية "الضغوط القصوى" التي تمارسها الإدارة الأمريكية ضد طهران
إرجاع الضغوط القصوى المورسة على إيران طيلة الشهور الماضية إلى وجود بولتون وتبرئة ترامب من ذلك، يعتبر خطأ استراتيجيا في التحليل ومعرفة الحقائق
تصر إيران على موقفها الرافض لأي لقاء وتفاوض مع ترامب، لكن قد تحمل الأيام والأسابيع المقبلة مفاجئات من العيار الثقيل
بالتالي، فإن السؤال المُلح الذي يبحث عن إجابة شافية في العاصمة طهران: هل ستقبل الأخيرة بهذا المقدار لترفع الحظر عن التفاوض مع الإدارة الأمريكية ولقاء رئيسها أم لا؟ حتى الآن تصر إيران على موقفها الرافض لأي لقاء وتفاوض مع ترامب، لكن قد تحمل الأيام والأسابيع المقبلة مفاجئات من العيار الثقيل، لذلك الأفضل الانتظار لنرى ماذا سيحدث خلال زيارة روحاني المرتقبة إلى نيويورك.
أما اليوم، وفي حال افترضنا إمكانية موافقة إيران على التفاوض مع إدارة ترامب وعقد لقاء بينه وبين روحاني، فيستبعد أن يحدث ذلك قبل حصولها على ضمانات "مطمئنة" لإيجاد الخط الإئتماني ومنحها إعفاءات نفطية؛ لأنها لا تثق في الرئيس الأمريكي، وأمامها تجاربه التفاوضيه الحاضرة مع كل من كوريا الشمالية وطالبان.
وأخيرا، يمكن القول إنه وإن أعقب عزل بولتون انطلاق مفاوضات ثنائية مباشرة بين واشنطن وطهران ولقاء بين الرئيسين الإيراني والأمريكي، وهو مستبعد حتى اللحظة وفقا للمعطيات الراهنة، إلا أن ذلك على الرغم من أنه سيكون "تاريخيا"؛ لأنه الأول من نوعه منذ 40 عاما، لكن لا يتوقع أن تكون نتائجه "تاريخية" لأسباب كثيرة، لا مجال لتناولها هنا. بالتالي سيبقى الصراع بين الطرفين مشتعلا ومستمرا، وربما يتخذ أبعادا أكثر خطورة مستقبلا، خصوصا خلال ولاية ترامب الثانية، إن فاز في الانتخابات الرئاسية.
مستقبل العلاقة الأردنية ـ الإيرانية في ضوء النموذج القطري
الحراك الفرنسي لإنقاذ الاتفاق النووي بين الدوافع والآفاق