رغم حملات الهجوم غير المسبوق مؤخرا على النقاب في وسائل الإعلام المصرية ومشروعات القوانين على يد برلمانيين المطالبة بحظر ارتدائه، والدعوات القضائية المطالبة بمنعه في الأماكن العامة، انتصرت هيئة قضائية في مصر للمنتقبات.
ورفضت هيئة مفوضي الدولة الدعوى المقدمة من المحامي الهيثم هاشم بـ"حظر النقاب"، التي طالب فيها بإلزام مجلس النواب وشيخ الأزهر بإصدار قانون لحظره بالأماكن العامة، وأوصت برفض الدعوى؛ لانتفاء القرار الإداري.
وقالت الهيئة ببيان لها، الأربعاء، إن "زي المرأة المسلمة يجب أن ينضبط وفق الشريعة الإسلامية المنصوص عليها بالمادة الثانية من الدستور، وأنه لا يجوز خروج النقاب من أصله المباح إلى الحظر المطلق والمنع التام، وإن كان ستر المرأة لوجهها ليس فرضا وفق العديد من الآراء الفقهية، فإنه ليدخل بدائرة المباحات، وهو جائز".
وأكدت أنه "لا يجوز للجهة الإدارية أو أي جهة أخرى حظر ارتداء النقاب مطلقا، وأنه يحق للمرأة أن ترتدي الزي الذي ترى فيه المحافظة على احتشامها ووقارها".
وشددت مفوضي الدولة على أن "ارتداء النقاب حق للمرأة المسلمة وحرية شخصية، وأن عدم قيام الدولة أو أجهزتها بفرض حظر النقاب في المجتمع المصري يتفق مع صحيح حكم القانون، ولا يشكل معه امتناع عن قرار إداري سلبيا".
ومؤخرا، اشتدت الحملة ضد النقاب في مصر، وتقدمت النائبة البرلمانية غادة عجمي، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، بمشروع قانون يحظر ارتداءه في الأماكن العامة، ويقر غرامة ألف جنيه للمخالفات، وألفين جنيه لتكرار المخالفة، مع توقيفهن في الشارع.
وشن أدباء ومثقفون يساريون وعلمانيون حملة ضد النقاب، بينهم الروائي علاء الأسواني، الذي قال عبر "تويتر"، في 27 تشرين الأول/ أكتوبر: "حريتك تنتهي عند حدود حريات الآخرين، وكذلك النقاب ليس حرية شخصية؛ لأنه ليس من حق أي شخص، رجلا أو امرأة، أن يغطي وجهه ويتعامل مع الناس".
وتزعمت الكاتبة الصحفية فريدة الشوباشي الحملة عبر الفضائيات، وأعربت في حوار لفضائية "صدى البلد" عن رفضها للنقاب؛ بحجة أنه يمثل اعتداء على حريتها الشخصية، وأن من حقها أن ترى وجه من تتعامل معه.
وأثار كتاب "خالعات الحجاب والنقاب- الثورة الصامتة" حالة من الغضب على خلفية تحريض كاتبته، دينا أنور، المصريات على خلع الحجاب والنقاب.
اقرأ أيضا: بين التغريم والتوقيف.. قانون بالبرلمان لمنع النقاب في مصر
إلهاء عن تحسين الجوهر
وفي تعليقه، قال القيادي الإخواني السابق محيي عيسى: "عندما تنشغل أمة ضائعة متخلفة بسفاسف الأمور، وتتصارع على الفروع الفقهية المختلف عليها، فنحن أمام كارثة. نحن أمة متخلفة يسودها الطغيان والاستبداد والجهل والتخلف وانحراف السلوك".
البرلماني السابق، أضاف لـ"عربي21"، أنه "بدلا من أن تبحث الأمة عن مخرج لتخلفها وأسبابه وعلاجه، يشغلها أعداؤها وبعض من أبنائها بغبائهم بقضايا تافهة"، مؤكدا: "لا يهمني أن تنتقب الفتاة أو تتحجب، بل يهمني أن تكون بنتا صالحة، بارة بوالديها، متميزة في مجالها العلمي والاجتماعي".
وتمنى عيسى أن "تكون زوجة ناضجة تقوم بدورها في رعاية زوجها وبيتها، وأُمّا فاهمة لواجبات الأمومة"، متسائلا: "ماذا يفيد الإسلام لو تنقبت جميع النساء والجهل وسوء الأخلاق يتغشاهم؟"، مؤكدا أن "إشغال الأمة بهذه القضايا هو متعمد؛ لإلهائهم عن دفع الظلم وتحسين الجوهر".
سيظل في مهب الرياح
وحول مدى حسم رأي مفوضي الدولة الجدل بشكل نهائي حول النقاب أم أن المعركة لم تنته مع رافضيه بعد، تقول الكاتبة المتخصصة بشؤون المجتمع ناهد إمام: "ربما يحسم قرار مفوضي الدولة الجدل بشكل نهائي حول ارتداء النقاب في مصر من هذه الجهة، أما إن شئنا تسمية الأمر (معركة) في المجتمع، فسيظل هناك من يرفضه".
الباحثة الاجتماعية توقعت، في حديثها لـ"عربي21"، أن تستمر حالة الجدل المجتمعي بين الحين والآخر، ويطالب من يرفضونه بالنبذ والرفض العلني، والتعامل بشكل "شوفيني" مع الأمر، مشيرة إلى دور محتمل بهذا الشأن يقوم به "إعلاميون وكتاب أو جهات سيادية؛ نظرا لكونه إشارة في اللاوعي لديهم لتيار غير مرحب به".
وتابعت إمام: "سيبقى (دفع الله الناس بعضهم ببعض)، مضيفة: "ولا أعتقد أن النقاب سيلقى قبولا عاما. سيظل قضية في مهب الرياح والعواصف المجتمعية، مع أن هناك احتمالية للتطبيع أيضا؛ نظرا لإقبال واضح ومتزايد على ارتدائه من طبقات اجتماعية وثقافية واقتصادية متفاوتة".
رأي تمهيدي واستشاري
ومن وجهة النظر القانونية، يعتقد أحد القضاة المصريين، في حديثه لـ"عربي21"، أن أمر النقاب محسوم بعيدا عما انتهت إليه "هيئة مفوضي الدولة" من رأي، مشيرا إلى أن رأي مفوضي الدولة لا حجية له، وللمحكمة الحق في الأخذ به أو بعكسه، فهو رأي تمهيدي واستشاري للمحكمة الإدارية، والتي لها أن تأخذ به أو تقضي بخلافه.
المستشار الذي رفض ذكر اسمه، أكد أيضا أنه "وبعيدا عن البعد الديني، فالنقاب عادة مترسخة لدى الكثير من البيوت المصرية، خاصة في القرى والأرياف، لا يمكن أن يتخلى المتمسكون به عنه، وإلا كانت نفعت تلك المحاولات الشرسة ضده، التي لها تاريخ طويل من الصراع معه، والتي باءت جميعها بالفشل".
هكذا بررت أذرع الانقلاب واقعة ماكرون والسيسي حول الانتهاكات
لماذا انقلب ماكرون على تصريحاته حول حقوق الإنسان بمصر؟
هل يستغل السيسي "تحيا مصر" لنهب أموال الإخوان المصادرة؟