قضايا وآراء

مخترعون أردنيون يبحثون عن مستقبل خارج الوطن!

1300x600
(1)
العالم الأردني الدكتور المهندس ياسين يوسف الحسبان هاجر من البلاد قبل أشهر، باحثا عمن يستفيد من اختراعه، بعد أن سدت في وجهه سبل الدعم المحلي. الحسبان تمكن، بمشاركة العالم الروسي المهندس تيمور كادييف، من تصميم وتصنيع أول عربة محلية تعمل بالطاقة الشمسية دون الحاجة لاستخدام الوقود التقليدي أو الغاز.

وقال الدكتور الحسبان لوسائل إعلام محلية "إن هذا النظام ابتكار إبداعي جديد وهو عبارة عن تصنيع عربات بيع متنقلة وموفرة للطاقة، حيث تم تصنيع كل أجزائها من الألمنيوم المتوفر في السوق المحلي، وتسير على نظام كهربائي يتغذى من الطاقة الشمسية وجميع أجهزتها الداخلية تعمل بالطاقة الشمسية". وهي تصلح لجميع الاستخدامات لبيع القهوة والشاي والمثلجات والذرة والفول والترمس وجميع الأطعمة، حيث تحتوي على أفران وثلاجات، والهدف منها هو تدريب وتأهيل الشباب على تصنيعها محليا وفتح فرص عمل للشباب لاستخدامها في نقاط البيع في ظل البطالة السائدة بين قطاع الشباب. ومشروع العربة الذكية، كما يقول، كان سيساهم في تغيير الصورة النمطية للباعة المتجولين مع إضفاء نظرة جمالية وتحسين الصورة في داخل المدن وفي الشوارع .

ويلخص الحسبان الأسباب والدوافع الأساسية لهجرة العقول الأردنية، في عجز الحكومات، على استيعاب أصحاب الكفاءات، وفقدان الارتباط بين أنظمة التعليم ومشاريع التنمية والتطوير.

(2)
قصة الحسبان ليست الوحيدة في الأردن، بمحض الصدفة، كنت أسير أخيرا في أحد مناطق عمان الصناعية، حين تعرفت على رجل عبقري يعمل على اختراع جهاز عبارة عن مولد كهربائي ذاتي خاص بسيارات الكهرباء، يغني صاحب السيارة عن شحنها من التيار الكهربائي، حيث يقوم الجهاز بشكل ذاتي بعملية الشحن!

الجهاز بحد ذاته ثورة في عالم الاختراعات، وهو لا يقل شأنا عن اختراع أديسون للمصباح الكهربائي، الرجل كما فهمت صرف على مشروعه بضعة آلاف من الدنانير للتوصل إلى مرحلة اكتمال الاختراع، وبقي بالطبع تسجيله باسمه والحصول على براءة الاختراع، وهنا تكمن القصة!

(3)
منذ سنوات التقيت شخصا من أهل هذه البلاد، كان يفكر في تسيير السيارة على الماء، عبر فصل الهيدروجين عن الأوكسجين، حيث أن الماء يتكون من "جزيئات"، ويحتوي كل جزيء على ثلاث ذرات عبارة عن  ذرتي (2) هيدروجين وذرة (1) أوكسجين. وقطرة الماء الواحدة تحتوي على الملايين من هذه الجزيئات، ويقوم الاختراع على استعمال الهيدروجين بعد فصله إلى وقود، يقوم مقام البنزين في السيارة. وحسبما أذكر، فقد نجح الرجل في اختراعه، وتمكن من قيادة سيارة تسير بالماء كوقود. بقية القصة مجهولة، فقد سمعت أن الرجل لم يتمكن من تسجيل اختراعه في الأردن، فهاجر إلى بلد أوروبي، وأظنه ألمانيا، واحتكرت اختراعه إحدى الشركات الكبرى لصناعة السيارات، ولا أدري ماذا حصل فيما بعد، فربما قتل الرجل أو سجن أو اعتقل أو خطف؛ لأن اختراعه كان سيهدد اقتصاد الدول التي تقوم حياتها على النفط، ولا أدري حتى الساعة ماذا حل بالاختراع، وكان يمكن أن يكون مصدر ثروة للمخترع وبلده!

(4)
قبل عدة شهور تعرفت عبر وسائل التواصل الاجتماعي على مواطن أردني طموح كان كل همه بناء مصنع لإنتاج سيارة أردنية مدنية من الألف إلى الياء، وبالفعل فقد نفذ الفكرة بمعونة عدد من أصدقائه وأنتجوا سيارة أردنية مئة في المئة، وسارت على الطريق، ولكن المشكلة كانت في الحصول على ترخيص للسيارة، وإدخالها للسوق كسلعة للبيع والتداول والإنتاج. ودون طول شرح وتفاصيل، الموضوع أحبط برمته، ولم يجد عونا من الجهات الرسمية لتحويل الحلم إلى حقيقة، فصرف النظر عن الحكاية كلها، بعد أن أفلس بالطبع!

(5)
المهم..

بالعودة إلى صاحبنا مخترع جهاز التوليد الذاتي للكهرباء الخاص بالسيارات الكهربائية، الموضوع علق في دهاليز الأجهزة الحكومية، وأغرب طلب طُلب منه هو إحضار شهادة من أحد المصانع الأوروبية بفعالية اختراعه، وهو طلب إما أن يكون تعجيزيا أو ناتجا عن عدم علم البتة بشيء اسمه اختراع، فكيف تطلب من مخترع لجهاز ما لا يعرف عنه أحد بعد، أن يحضر شهادة بجودة اختراعه؟

أنا موقن أن ثمة الآلاف من العباقرة الذين يعيشون بين ظهرانينا، ولا يجدون من يمد لهم يد العون، أو على الأقل لا يمد في طريقهم عصا ليعرقل سيرهم، ويوقعهم على وجوههم. بلادنا العربية للأسف بيئة طاردة للعقول، ومن قلبه على البلد وأهلها عليه أن يسعى للبحث عن هؤلاء وتوفير بيئة مناسبة لهم ليمارسوا إبداعهم، فنحن في الأردن ليس لدينا لا بترول ولا حتى ماء، ولكن لدينا كنز اسمه العقل، لم يستثمر بعد، ولكن بوسعه أن يتحول إلى ثروة وثورة قومية ووطنية، بفضل عباقرة بلادنا إن أفرجنا عن عقولهم!