صحافة دولية

فاينانشال تايمز: مليشيات شيعية تسيطر على الدولة بالعراق

الصحيفة البريطانية قالت إن مليشيات الحشد الشعبي المدعومة من إيران تسيطر على الدولة العراقية- الأناضول

نشرت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية تقريرا تحدثت فيه عن النفوذ الذي تحظى به المليشيات الشيعية العراقية، التي تعرف باسم قوات "الحشد الشعبي" في العراق.


وقالت في تقرير للصحفي أندرو إنغلاند، ترجمته "عربي21"، إنه تم إنشاء وحدات الحشد الشعبي المدعومة من إيران بهدف محاربة تنظيم الدولة لكن يبدو أنها باتت تشكل تحالفات سياسية وتسيطر على أجزاء مهمة من الاقتصاد العراقي.


وذكرت الصحيفة أن قوات الحشد الشعبي نشرت على الموقع الإلكتروني الخاص بها فيديو تتباهى فيه بالدور الذي اضطلعت به، من خلال المساعدة في عملية إعادة بناء مستشفى محلي بعد طرد قوات تنظيم الدولة من بلدة القائم، خلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، أي قبل شهر من إعلان العراق انتصاره على التنظيم.


والجدير بالذكر أن هذا الفيديو نشر قبل أيام من حصول التحالف السياسي، الذي تشكل مؤخرا من قبل القوات شبه العسكرية وأطلق عليه اسم "تحالف النصر"، على المركز الثاني في الانتخابات البرلمانية العراقية، التي عقدت خلال شهر أيار/ مايو.


وأوردت الصحيفة أنه في الوقت الذي يتنافس فيه السياسيون حول تشكيل الحكومة المقبلة، يطرح الفيديو وأداء "تحالف النصر" القوي في الانتخابات أحد أكثر الأسئلة استقطابا في العراق: هل ستؤدي القوة التي اكتسبتها قوات الحشد الشعبي، التي تضم حوالي 120 ألف عنصر، إلى لعب دور بنّاء أو مزعزع للاستقرار في حقبة ما بعد تنظيم الدولة؟


وبينت أنه بالنسبة للمؤيدين، يعد مقاتلو الحشد الشعبي من القوات المنقذة، التي دافعت عن البلاد خلال الفترات العصيبة التي عاشتها، خاصة عندما استولى تنظيم الدولة على ثلث البلاد تقريباً، حيث قُتل حوالي ثمانية آلاف من المليشيات خلال المعركة، التي استمرت ثلاث سنوات، وذلك وفقا لما أكده بعض المسؤولين.


أما بالنسبة إلى منتقدي الحشد الشعبي، أضحت هذه القوات وكيلا قويا لإيران ومن المحتمل أن تصبح قوة تخريبية في هذا البلد الذي عانى من أعمال عنف مروعة على مدى السنوات الخمسة عشر الماضية.

وقد استغلت المليشيات ضعف الدولة لتغذية التوترات الطائفية بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة سنة 2003، بهدف الإطاحة بنظام صدام حسين.


وأوضحت الصحيفة أن بعض المسؤولين العراقيين والغربيين يخشون من أن تصبح هذه الجماعات شبه العسكرية الشيعية قوة موازية، على غرار الحرس الثوري الإسلامي الإيراني أو حزب الله، الذي يملك أجنحة سياسية وعسكرية. 


وحيال هذا الشأن، أفاد جنرال عراقي بأن "أشخاصا موالين لإيران هم من قاموا بتأسيس قوات الحشد الشعبي، وبذلك باتت إيران تملك الحرس الثوري الإيراني، ووحدات الحشد الشعبي في العراق".


وأشارت الصحيفة إلى أن القائد شبه العسكري المخضرم، هادي العامري، قد انتقد هذه الإدعاءات مدعيا أن قوات الحشد الشعبي لا تقبل مثل هذه الاتهامات؛ كما أكد أن هذه المزاعم خاطئة وشأن داخلي لا يخص سوى القوات ذاتها.


وعلى عكس الحرس الثوري الإيراني وحزب الله، فإن قوات الحشد الشعبي التي تضم عشرات الفصائل، ليست حركة متجانسة. وفي الوقت الحالي، لا تريد كل من واشنطن وطهران أن يصبح العراق مسرحا للصراعات، على حد تعبير بعض المحللين.


وأفادت الصحيفة بأن بعض عناصر المليشيات الموالية لإيران التابعة لقوات الحشد الشعبي قد أرسلت إلى سوريا للقتال في صفوف نظام بشار الأسد وباتت تشكل تهديدا للمصالح الأمريكية في العراق.

 

وفي هذا الإطار، اتهم وزير خارجية الأمريكي، مايك بومبيو، طهران برعاية "مجموعات من المليشيات الشيعية والإرهابيين للتسلل إلى قوات الأمن العراقية وتقويضها وتهديد سيادة العراق".


وأكدت الصحيفة أن وزارة الخزانة الأمريكية فرضت على نائب رئيس الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس، عقوبات سنة 2009، لأنه يمثل تهديدا للسلام والاستقرار في العراق وحكومته"، كما تم تصنيف ميليشيات حزب الله التابعة له كمنظمة إرهابية. وخلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وصف الناطق باسم وزارة الخارجية المهندس بأنه "إرهابي".


وأشارت الصحيفة إلى أن قائد فيلق القدس، قاسم سليماني حذّر الولايات المتحدة من تهديدات إيران، وذلك وفقا لما ذكرته وكالات الأنباء الإيرانية. ومن المحتمل أنه يعني أن إيران مستعدة لاستخدام قواتها ووكلائها المتمركزين خارج الجمهورية الإسلامية لمحاربة الولايات المتحدة.


ونقلت الصحيفة عن الدبلوماسي الأمريكي السابق، روبرت فورد، أن العامري يفضل عدم الانحياز لصف إيران والولايات المتحدة. ولكن إذا تصاعدت الأعمال العدائية بين الطرفين، فإن ولاءه سيكون لطهران". 


وأضاف المصدر ذاته أن "العامري وتقريبا جميع الشيعة في العراق يفهمون أن النفوذ الأمريكي في المنطقة عاجلا أم آجلا سوف يتضاءل، في حين ستكون إيران دائما إلى جانبهم".


وبينت الصحيفة أن قوات الحشد الشعبي تتكفل بالسيطرة على المناطق التي تم تحريرها من تنظيم الدولة ومراقبتها بما في ذلك الحدود الإستراتيجية مع سوريا، فضلا عن إدارة العديد من نقاط التفتيش في جميع أنحاء البلاد.


وفي هذا السياق، أوضحت الباحثة في مؤسسة "تشاتهام هاوس" للأبحاث، ريناد منصور، أن "العامري سيخوض لعبة الدولة عندما يحين الوقت المناسب".


وفي الختام، نقلت الصحيفة عن ريناد منصور أن "نهاية اللعبة بالنسبة لوحدات الحشد الشعبي ستكون بالسيطرة على الدولة، وإذا لم تكن قادرة على ذلك، ستحاول أن تكون جزءا من الدولة. 


في المقابل، تضع وحدات الحشد الشعبي خطة بديلة تتمثل في أنه إذا قررت الدولة ذات يوم أنها بحاجة إلى دمجها أو حلها، فيمكن أن تحصل على السلطة أو النفوذ من خلال التنافس مع الدولة اقتصاديا وسياسيا".