رفض صندوق النقد الدولي مطالبات الحكومة المصرية بتأجيل بعض بنود الاتفاق الموقع مع الصندوق بسبب الضغوط السياسية في البلاد، وحذر الصندوق من مخاطر تأجيل القرارات الصعبة المتفق عليها بين الجانبين ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي نهاية عام 2016.
وكانت تقارير صحفية أكدت الأسبوع الماضي أن الحكومة المصرية أجرت مفاوضات مع الصندوق لتعديل بعض بنود الاتفاق في مقدمتها تأجيل إلغاء دعم الطاقة وتخفيض عجز الموازنة العامة للدولة، حيث يقول مراقبون إن النظام يخشى من الآثار السلبية لهذه الإجراءات التي تسببت من قبل في ارتفاع غير مسبوق في الأسعار بما يهدد الاستقرار الاجتماعي والسياسي للبلاد خاصة مع اقتراب انتخابات الرئاسة المقررة بعد نحو شهرين.
وتنفذ الحكومة المصرية برنامجاً للإصلاح الاقتصادي حتى تتمكن من الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار، يتضمن تعويم سعر صرف الجنيه وإلغاء دعم أسعار الوقود والمواد الاستهلاكية وزيادة أسعار الخدمات والرسوم وفرض المزيد من الضرائب وتقليص عدد موظفي القطاع العام.
"اصبروا"
وردت مدير عام صندوق النقد الدولي "كريستين لاغارد" على المطالب المصرية بقولها إنها تتفهم أن الوضع أصبح صعبا على المواطنين في المرحلة الانتقالية، لكن التغيير دائما يتطلب بعض الصبر.
وأضافت لاغارد، في تصريحات صحيفة الأربعاء في ختام أعمال مؤتمر مؤتمر "الازدهار للجميع.. تعزيز فرص العمل والنمو الشامل في العالم العربي" المنعقد حاليا في المغرب، أن السياسات الاقتصادية في مصر بدأت تنجح وأن صندوق النقد يراهن على أنه فى حال استمرار الجهود لتحقيق الأمن والاستقرار الاقتصادي في مصر فإنه سيتواصل تدفق الاستثمارات إلى البلاد.
وأشادت بقرار تحرير سعر الصرف، لافتة إلى أنه على الرغم من تسبب هذا القرار في ارتفاع الأسعار إلا إن كان ضروريا وإلا كان احتياطي النقد الأجنبي سينفد ولن تصبح الدولة قادرة على توفير وارداتها من الخارج.
وشددت مدير عام صندوق النقد الدولي على أن تخفيض عجز الموازنة وتفادي نظام الدعم غير الفعال هما أحد الأهداف الرئيسية للحكومة المصرية، وطالبت الحكومة المصرية بصياغة برنامج ضريبي يضم جميع الطبقات ولا يقتصر فقط على الموظفين وصغار العاملين في الدولة فقط، في حين يعطي إعفاءات كبيرة للأثرياء.
ثلاثة تحديات
وفي السياق ذاته، واصل صندوق النقد الدولي إعطاء توجيهاته للحكومة المصرية للمضي قدما في برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تبنته منذ عام ونصف تقريبا، حيق قال مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بالصندوق "جهاد أزعور"، إن القاهرة تواجه ثلاثة تحديات هي مواصلة تحقيق معدل نمو يسمح بخلق فرص عمل ومواجهة ارتفاع الأسعار، وإعطاء القطاع الخاص فرصة أكبر ليكون قاطرة النمو في ظل عجز القطاع العام عن خلق فرص عمل.
وأشاد أزعور بنجاح القاهرة في اتخاذ إجراءات مالية ساهمت في تقليص مستوى التضخم بالبلاد تدريجيا إلى 22 % بعد أن كان قد وصل إلى أكثر من 30 %، متوقعا أن يشهد ميزان الحساب الجاري تحسنا كبيرا وذلك من خلال زيادة نمو الصادرات وجلب استثمارات أكثر.
بيد أن محللين يتوقعون عودة الأسعار للارتفاع مجددا مع تطبيق الحكومة الزيادة الجديدة المقررة لأسعار الوقود في حزيران/ يونيو المقبل كما أعلنت مسبقا.
ارتفاع العجز
وقال أحمد كوجاك، نائب وزير المالية، إن الحكومة قدمت تعهدات لصندوق النقد الدولي عند بدء برنامج الإصلاح الاقتصادي بإلغاء الدعم على الوقود بحلول يونيو 2019، مضيفا، في مداخلة تليفزيونية مع قناة سي بي سي أن الحكومة تدرس إقرار تحديد أسعار المحروقات بشكل تلقائي وفقاً لتغير أسعار النفط العالمية.
وفي سياق متصل قال محمد معيط، نائب وزير المالية المصري لشؤون الخزانة لوكالة "رويترز" الثلاثاء الماضي، إن القاهرة رفعت توقعاتها لعجز الموازنة إلى 9.4% في السنة المالية 2017-2018 بعد أن كانت تستهدف في السابق عجزاً بنسبة 9% فقط.
وقالت وزارة المالية إن تقديراتها لعجز الموازنة تغيرت بسبب ارتفاع أسعار النفط العالمية وأسعار الفائدة المحلية، فضلا عن الإجراءات الاقتصادية وتعويم العملة الذي أدى أيضا إلى رفع العجز في الموازنة إلى 10.9% العام الماضي، مشيرة إلى أن البرنامج الاقتصادي المتفق عليه مع الصندوق ليس محصنا من التعديلات معصوماً خاصة إذا كانت الأسباب خارجة عن إرادة الحكومة.
بعد مطالب صندوق النقد.. هل ترفع دول الخليج الضرائب؟
مصر تواصل الاقتراض وتستدين 14 مليار جنيه من البنوك
الأردن يلغي دعم الخبز وتوقعات بارتفاع أسعاره مئة بالمئة