سياسة عربية

تونس: سياسي يُطالب المُصلّين بدفع مصاريف المساجد (شاهد)

أ ف ب

لم تهدأ ردود الفعل في تونس إزاء تصريح ناشط سياسي طالب بتكفّل المصلين بخلاص فواتير استهلاك الكهرباء والماء الخاصة بالمساجد، وذلك بعد أن كشف وزير الشؤون الدينية عن حجم الديون المستحقة على بيوت الله لفائدة شركة الكهرباء.

 

وكان النائب المؤسّس محمود البارودي دعا خلال مشاركته، مساء الأربعاء، ببرنامج "كلام الناس" على قناة الحوار التونسي إلى "تحمّل الأشخاص الذين يشيّدون المساجد مصاريف استهلاك الماء فيها وإضاءتها".

 

وقال: "أنا مع وجود دور عبادة في كامل الجمهورية، ولكن يتوجّب على الذين يشيدونها الوقوف عليها، ولا ينتظرون الدولة كي تتولّى خلاص فواتير الإضاءة (...) لا بد أن نفكر من اليوم في أن تكون دور العبادة مستقلة بذاتها".

 

ردود فعل

 

وتابع البارودي: "لا بد أن يتولى من يرتاد الجوامع والناس التي تصلّي بمساجد الأحياء التي يقطنونها خلاص الفواتير، وأن يساهموا ولو بنسبة بسيطة في المصاريف".

 

وجاء تصريح البارودي تعليقا على تصريح إذاعي لوزير الشؤون الدينية أحمد عظوم، عقب جلسة استماع له بلجنة الحقوق والحريات بالبرلمان، بأنّ ديون وزارته لدى الشركة الوطنية للكهرباء والغاز بلغت 18.5 مليون دينار (حوالي 7.4 مليون دولار أمريكي).

 

وأثار تعليق البارودي ردود فعل مختلفة وصلت، بحسب تأكيد الأخير في تصريح إعلامي، إلى تلقيه تهديدا بالقتل، بينما عبّر آخرون عن رفضهم له، فيما سانده نشطاء على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.

 


مسؤولية الدولة

 

واعتبر الإمام الخطيب أحمد الغريبي أنّ الإشراف على بيوت الله مسؤولية حصرية للدولة، لافتا إلى أنّ إحالة هذه المسؤولية للمواطنين أمر في غاية الخطورة.


وقال في تصريح لـ"عربي21" إنّه حين يصبح الناس مسؤولين عن خلاص الفواتير وتجهيز المساجد والجوامع، "فستعمّ الفوضى العارمة، وبالتالي لا بدّ أن تواصل الدولة الإنفاق على بيوت الله مثلما تنفق على المرافق العمومية الأخرى كالإدارات والوزارات وغيرها"، وفق تعبيره.

 

وتابع: "فتح الباب على مصراعيه للناس لجمع المال لدفع الفواتير وغيرها، سيدخلنا في حسابات ضيّقة وتوظيف للشأن الديني، وما أحوجنا إلى تجنّب هذه المنعرجات الخطيرة فنحن نحمد الله على أنّنا تخلصنا من الفوضى التي اجتاحت بيوت الله عقب ثورة 14 يناير".

 

وانتقد دعوة البارودي بتكفل المصلين بخلاص فواتير استهلاك الكهرباء والماء للمساجد، معتبرا أن الأولى مطالبة الناس بترشيد الاستهلاك في كل المرافق العمومية وخاصة منها بيوت الرحمن.
ودعا الشيخ الغربي إلى سن قوانين صارمة للحد من استهلاك الكهرباء والماء وغيرها من المصاريف.

 

يدفعها المصلون بشرط

 

وتوجّه الإمام الخطيب المقيم بفرنسا بشير بن حسن بنداء إلى خطباء الجمهورية التونسية كافة، بهدف "الإنكار الشديد على من يحرّض على المساجد ويطالب بدفع فاتورة الكهرباء والماء"، وفق تعبيره.

 

وقال بمنشور بصفحته الرسمية في فيسبوك "ردّوا الأوقاف التي ألغاها بورقيبة .. تستغني المساجد عن مال الدولة! ولا حاجتنا بمزية حد منكم".

 

وعلّق بمنشور ثان: "يدفعها المصلون بشرط أن يختاروا إمامهم ولستم أنتم الذين تعينون من ترضون عنه! يعني لا يكفي تقهرون المصلين بتنصيب إمام يكرهونه لتكون صلاته مردودة عليه، وها أنتم

تطالبونهم بدفع فاتورة الكهرباء والماء".

 

وانتقد ابن حسن وزير الشؤون الدينية، متسائلا: "ما الذي دفعه أن يذكر استهلاك المساجد للماء والكهرباء وأنها ديون لشركة الكهرباء"، معتبرا ما قام به الوزير قلة معرفة سياسية "وقد استثمرها الحدثوت!"، وفق تعبيره.

 


من أموال الشعب

 

وقال الناشط عماد خريبيش، إنّ فواتير استهلاك الكهرباء بالجوامع والمساجد تدفعها البلديات من أموال الشعب، مضيفا بمنشور له في فيسبوك "أنّ القصور الرئاسية تستهلك كهرباء وماء أكثر من 5 آلاف جامع في تونس".


وانتقد حساب في فيسبوك يحمل اسم الباهي ديما بوسلوى "إعفاء النزل من دفع فاتورة الكهرباء؛بحجة ضعف الموسم السياحي وفي الوقت نفسه يطالبون المصلين بدفع فواتير المساجد".

 

بينما اعتبر الإعلامي عبد السلام الزبيدي أنّ "مضمون كلام محمود البارودي عن فاتورة استهلاك الكهرباء وضرورة تكفّل المصلين بدفع المقابل المالي، فيه الكثير من الوجاهة بغض النظر عن مقاصد النائب المؤسّس".

 

الشأن الديني

 

وقال بمنشور له في فيسبوك إنّ البارودي على صواب (...) "إنّنا في حاجة فعلية لإعادة تفكير إدارة الشأن الديني (تفكيره وليس التفكير فيه)، من يدير الشأن الديني، من يشرف على رعاية المؤسسات، من يدفع كلفة إدارة الشأن اليومي، من ينتخ الخطاب الديني الطقوسي وغيره".

 

وخلص إلى "إنّنا مطالبون اليوم.. بوضع مسألة إدارة الشأن الديني على طاولة النقاش المتخصص والعمومي... ومن بين هذه القضايا "من يدفع كلفة الاستهلاك؟" الدولة أو المنتفع بالخدمة؟! الجمعيات أم الأوقاف؟ هل يمكن قبول تبرعات المنظمات الأجنبية والدول أم الاقتصار على التمويل الداخلي؟!".

 

وفي سياق متصل، دافع الفنان الشعبي مصطفى الدلاجي عن النائب البارودي، مشيرا في تصريح لإذاعة  "كاب إف إم"، السبت "أنه يعرف أشخاصا يقضون قيلولتهم خلال الصيف في المسجد للتمتع بهواء المكيفات البارد، وهذا فساد وإهدار للطاقة"، كما قال.