ملفات وتقارير

سياسيون لبنانيون يقرأون كيف سيبدو المشهد بعد عودة الحريري

الحريري أثار عاصفة سياسية في لبنان بعد استقالته من الرياض- أرشيفية

أكدت المداولات السياسية اللبنانية على مرحلة جديدة تدخلها البلاد في ظل تداعيات استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري من الرياض، الذي يتوجه إلى باريس، تلبية لدعوة الرئيس الفرنسي ماكرون.

وأشارت مصادر التيار الوطني التابع لرئيس لبنان ميشال عون لـ"عربي21"، أن "التسوية السياسية التي أفضت إلى انتخاب عون رئيسا للبلاد والحريري رئيسا للحكومة لم تسقط بعد". 

وتحدثت أوساط تيار المستقبل لـ"عربي21" عن "حتمية تقديم رئيس الحكومة استقالته رسميا إلى رئاسة الجمهورية، فيما يرتبط قبول الحريري بتكليف جديد بمدى التزام الأطراف كافة، من بينها حزب الله، بمبدأ النأي بالنفس عن الصراعات في العالم العربي، وعدم التدخل بشؤون الدول الأخرى".

عون: الحريري أولا

وقال القيادي في التيار الوطني الحر، بسام الهاشم، في تصريحات لـ"عربي21": "من المفترض أن يعود الرئيس الحريري إلى لبنان بعد زيارته إلى فرنسا كي يحسم جدلية استقالته، ويتخذ قراره النهائي بالاستمرار أو التراجع عنها". 

وتابع: "يتاح للرئيس الحريري عند قدومه إلى لبنان، التعبير عن موقفه بحرية بعد 14 يوما من الاحتجاز في السعودية"، وفق قوله.

وحول الموقف المتوقع من رئيس لبنان من الاستقالة في حالة إصرار الحريري عليها، قال: "في هذه الحالة سيقبل الرئيس عون الاستقالة، لأن الدستور اللبناني لا يجيز له رفضها، وفي الخطوة التالية سيدعو إلى استشارات نيابية قد يكون الحريري المكلف بنتيجتها، أو ربما غيره".

وعن المرشحين المفضلين للتيار الوطني الحرّ لرئاسة الحكومة، قال الهاشم: "نتمنى بقاء الرئيس الحريري في موقعه، وأن تعود الأمور إلى ما قبل سفره الأخير إلى المملكة العربية السعودية، في ظل عدم وجود أيّ مبرّر للاستقالة". 

وتساءل: "الحريري كان مرتاحا لمسار الحكومة، وتحدث قبيل مغادرته بيروت عن إنجازاتها، فلماذا يستقيل لو لم يتعرض لضغوط وإملاءات وتهديدات؟".

وأضاف أن "العلاقة بين عون والحريري تميّزت خلال عام بالمتانة والإيجابية والتناغم، وهذا ما يفسّر حراك الرئيس عون وتوجيهه للحركة السياسية نحو الدبلوماسية الدولية لإعادة الحرية إلى رئيس الحكومة المحتجز لدى السعودية"، على حد تعبيره.

وحول وجود مواقف معارضة لخيارات الحريري ضمن تيار المستقبل، قال: "لا نتدخل في شؤون الأحزاب الأخرى، ونحترم خصوصيتها، لكنّني لا أجد أن أحدا في تيار المستقبل بمقدوره القفز على زعامة الحريري". 

وأشار إلى أن "الحديث عن اللواء الريفي كخليفة للحريري أمر غير وارد، فهو لا يمتلك الحيثية التي تمكّنه من سدّ موقعه"، وفق قوله.

المستقبل: الحريري يقرّر

من جهته، قال النائب في تيار المستقبل محمد الحجار، إن "خارطة الطريق يضعها الرئيس الحريري وحده"، متحدثا في تصريحات لـ"عربي21" عن مرحلة جديدة دخلها لبنان. 

وقال: "أجد أنّنا أمام محطة جديدة مختلفة عنوانها معالجة أسباب استقالة الرئيس الحريري"، داعيا إلى "العمل بكل الجهود لتعزيز استقرار الداخل اللبناني وتحصينه من التأزمات والانزلاقات".

وحول استراتيجية تيار المستقبل للمرحلة المقبلة، قال: "أكدنا منذ اليوم الأول للاستقالة بأنّ الحريري هو مرشحنا الوحيد ما دام يرغب بذلك".

وردا عن الأحاديث التي تناولت الخلافات داخل تيار المستقبل، قال: " كل ما يدور في هذا المجال هو اختلاقات وأوهام". 

وأكد أن أعضاء تيار المستقبل "يناقشون القضايا بحرية وديمقراطية، وفي محصلة المداولات تبقى الكلمة الفصل للرئيس الحريري".

وعن مصير العلاقة التي وصفت بـ"الممتازة" بين عون والحريري بعد عودة الأخير المتوقعة إلى بيروت، قال الحجار: "الرئيس عون مستمر في الرئاسة لخمس سنوات، ومن البديهي أن تتناغم رئاسة الحكومة مع الرئاسة الأولى، وأن يكون هناك احترام وتفاهم تحت مظلة الدستور، بما يحقّق شبكة أمان للبنان على المستويات كافة"، وفق قوله.

"المراوحة" في المكان

 

من جانبه، قال الكاتب والمحلّل السياسي شارل الشرتوني: "في ظل المعطيات الحاضرة، فإنّ كلّ الأطراف يراوحون بمواقعهم دون أن يتقدّموا بأيّ خطوة باتجاه تسوية جديدة".

ولفت في تصريحات لـ"عربي21" إلى أن ما يبذل حاليا من جهد سياسي على المستوى اللبناني "لا يعدو كونه محاولة لاحتواء الأزمة على مبدأ التعايش معها، فلا يوجد طرف مستعد للدخول الى معادلة جديدة"، على حد قوله.

وشدد على أن الصراع يدور حاليا بين "سياستي النفوذ الشيعية والسنيّة"، مؤكدا أن "الأولى أظهرت قوة وتفوقا يتضح من خلال النتائج والمخرجات السياسية الحالية".

لكن الشرتوني لفت إلى أن "حزب الله وإيران لا يقاربان الأزمة بتبصّر، في ظل تعنتهما وعدم فتح ثغرة في جدار الأزمة"، محذرا من أن "العناد الإيراني يشجع ويدفع إلى تطوير الراديكالية السنيّة، بالتالي تأجيج الصراع على أسس طائفية خطيرة"، وفق قوله.


ودعا الشرتوني حزب الله إلى "استثمار القوة، وتوظيفها في إطار تسوية سياسية كبيرة تدفع إلى حلحلة الأمور المعقدة في لبنان كافة".

وتساءل: "أين الحكمة لدى الساسة اللبنانيين؟"، مضيفا أن "تمترسهم خلف مواقفهم سيؤدي حتما إلى توريط لبنان في صراعات المحاور، بالتالي تحميله تداعيات كبيرة، كان بإمكانه تجنبها"، بحسب تعبيره.