سياسة عربية

هذه دلالات استقالة رئيس وزراء لبنان.. ومخاوف السياسيين

قانصو: الحريري لا يريد الاستقالة وإنما أملي عليه ذلك رغما عن إرادته- أ ف ب

أثار إعلان رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري عن استقالته، اليوم السبت، جدلا سياسيا واسعا في الأوساط اللبنانية والعربية، وسط سيل من التساؤلات حول دوافع استقالة الحريري والتداعيات المترتبة عليها.


 وحذر نواب مقربون من الحريري من تدهور أمني وحدوث محاولات اغتيالات في الفترة المقبلة ضد معارضي حزب الله وإيران، بعد تأكيده في نص استقالته أن "حزب الله استطاع فرض أمر واقع في لبنان بقوة سلاحه الموجه إلى صدور السوريين واليمنيين فضلا عن اللبنانيين (...)، وإيران لا تحل في مكان إلا وتزرع فيه الفتن والدمار والخراب".

 

 وأكدت مصادر من تيار المستقبل لـ"عربي21" أن موقف مستشار المرشد الإيراني علي أكبر ولايتي من لبنان حول انتصارات سوريا والعراق وربطها بمحور المقاومة، كان الدافع الرئيسي وراء استقالة الحريري.


وعلق رئيس اللقاء الديموقراطي، النائب وليد جنبلاط، في تغريده له عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" قائلا: "لبنان أكثر من صغير وضعيف كي يتحمل الأعباء الاقتصادية والسياسية لهذه الاستقالة، كنت وسأبقى من دعاة الحوار بين السعودية وإيران".

 

وقال النائب عن حزب البعث عاصم قانصو، في تصريحات لـ "عربي21"، إن "الاستقالة تحمل دلالة واضحة بأن السعودية ضغطت على الرئيس الحريري لتقديمها ومن خلال زياته لها".


وقلل قانصو من أهمية ما يقوله تيار المستقبل بأن الاستقالة جاءت بفعل تراكمات ونتيجة تغول حزب الله وسيطرته على القرار اللبناني.


وتابع: "الحريري لا يريد الاستقالة، وإنما أملي عليه ذلك رغما عن إرادته، فالتجربة القائمة منذ عام تثبت نجاعة سياسة النأي بالنفس، التي جنبت لبنان العديد من الخضات الأمنية والسياسية".


وأكد قانصو، أن "السعودية تسعى لخلط الأوراق مجددا بعد التطورات الحاصلة في سوريا والعراق واليمن وتراجع القوى التي دعمتها، خاصة بعد اقتراب المشهد من الانجلاء لصالح قوات النظام السوري بعد سنوات من الفوضى التي كان للسعودية دور بارز فيها".


وعلى صعيد الارتدادات بفعل الاستقالة، تخوف قانصو من "اضطراب مالي واقتصادي بفعل اهتزاز الوضع الداخلي اللبناني"، مؤكدا: "سياستنا المالية تواجه مخاطر حقيقية، وما قام به البنك المركزي في السنة الماضية، مهدد بالتدهور".


وعن مصير الانتخابات النيابية، رأى قانصو أنها لن "تجرى في موعدها لأن الحكومة الحالية ستصرف الأعمال فقط من دون القدرة على تشكيل حكومة جديدة وانتداب رئيس جديد لها بفعل الانقسام الحاد على المستوى السياسي اللبناني".


ومن ناحيته، اعتبر النائب في قوى 14 آذار خالد الضاهر، في تصريحات لـ"عربي21" أن "استقالة الحريري جاءت في سياق طبيعي، بعد فترة طويلة من الهيمنة التي فرضها حزب الله على لبنان سياسيا وأمنيا".


وأثنى الضاهر على الحريري قائلا: "إنه طيب القلب لأنه اعتقد أنه قادر على احتواء مطامع حزب الله ومعالجة الأمر بالسياسة، لكنه اصطدم بجدار من التعنت والمواربة والرفض الكامل لخيار بناء الدولة".


ويذكر أن الضاهر كان عضوا في تكتل "لبنان أولا" برئاسة الحريري قبل أن يخرج ومعه الوزير السابق أشرف ريفي من عباءة رئيس الحكومة المستقيل منذ أكثر من عام بعد تصاعد الخلاف حول خياراته السياسية ومنها تلك المتعلقة بحزب الله وحلفائه.


وتابع: "لطالما كنت أعارض تشكيل حكومة يشارك فيها حزب الله ويفرض عليها خياراته، وينفذ أجندة إيرانية بعيدة عن منطق بناء الدولة، من دون الأخذ بالآراء الأخرى".


وعن تصاعد الحديث عن اشتباك سياسي وتدهور أمني وشيك، توقع الضاهر "أن يسود لبنان نزاع سياسي حاد بفعل استقالة الرئيس الحريري". كما توقع "هجوما شرسا عليه في الفترة المقبلة من طرف حزب الله وحلفائه"، مؤكدا أن هذا الأمر لن يفضي بالتأكيد إلى حكومة جديدة وسيطيح بما تبقى من استقرار سياسي.


وأبدى الضاهر تخوفه من "أعمال أمنية ربما تصل إلى تنفيذ عمليات اغتيال، والتي قد تستهدف شخصيات معارضة لحزب الله"، مضيفا: "من زود ميشال سماحة بالمتفجرات سابقا قبل أن ينكشف الأمر، سيزود أو ربما مون بالتأكيد غيره بمتفجرات أخرى للنيل من استقرار لبنان والقضاء على الأصوات المعارضة لحزب الله".


وكان ميشال سماحة ألقي القبض عليه في أغسطس/ آب 2012 بعد تسجيل مقاطع فيديو تظهره يخطط لتنفيذ سلسلة تفجيرات تستهدف مساجد وشخصيات لبنانية ومن بينها الضاهر نفسه، كما جاء في التحقيقات.


وأكد الضاهر أن "لبنان لن يسمح لحزب الله بأن يبسط سيطرته في مرحلة ما بعد استقالة الحريري".