سياسة دولية

وعد بلفور.. تداعيات كارثية على الفلسطينيين منذ 100 عام

بريطانيا لا تزال تمد الاحتلال الاسرائيلي بالسلاح والمعدات والعسكرية- جيتي

مع اقتراب الذكرى المئة على صدور وعد بلفور، الذي تسبب بتداعيات كارثية ما زالت مستمرة منذ مئة عام بحق الشعب الفلسطيني وأرضه، شدد مختصون في حديثهم لـ"عربي21"، على ضرورة العمل على ملاحقة ومقاضاة بريطانيا على ما ارتكبته.
 
احتضان دولي للوعد

وتعهد وزير الخارجية البريطاني الأسبق "آرثر جيمس بلفور"، بتاريخ 2 تشرين الثاني/ نوفمبر 1917، عبر رسالة أرسلها إلى اللورد "ليونيل روتشيلد"، بدعم بريطانيا منح وطني قومي لليهود في فلسطين.
 
وأوضح أستاذ التاريخ في الجامعة الإسلامية بغزة، عصام عدوان، أن "هناك أكثر من مئة ألف فلسطيني تسبب بقتلهم الاحتلال البريطاني، الذي استمر 31 عاما، وأخذ على عاتقه إنشاء الدولة اليهودية".
 
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "سياسية بريطانيا -التي اتبعت قبل هذا الوعد وبعده- تسببت بضياع أرض فلسطين، وسلب مقدراتها طيلة 100 عام، وتهجير 70 بالمئة من أبناء الشعب الفلسطيني وطردهم من وطنهم".
 
ورأى عدوان -وهو أكاديمي مهتم بقضية اللاجئين الفلسطينيين- أن "وعد بلفور يمثل التزاما دوليا وليس فقط بريطانيا"، منوها إلى أن "بريطانيا حينما أصدرت هذا الوعد أخذت موافقة عدد من الدول".

 

اقرأ أيضا: بعد 100 عام هل تجدي مقاضاة بريطانيا لاحتفالها بـ"بلفور"

وتابع: "لقد اعترفت بالوعد كل من فرنسا، وإيطاليا، والولايات المتحدة الأمريكية، ومن ثم عصبة الأمم، التي أقرته ووضعته في ديباجة فك الانتداب البريطاني عن فلسطين، وهنا أصبح المجتمع الدولي يحتضن هذا الوعد"، مذكرا أن "قيام إسرائيل على أرض فلسطين عام 1948 حظي بقبول دولي، وأصبحت عضوا في منظمة الأمم المتحدة".
 
واستهجن أستاذ التاريخ عزم بريطانيا الاحتفال بالذكرى المئوية لصدور وعد بلفور -وفق من أعلنت عنه رئيسة وزراء بريطانيا، تيريزا ماي- لأنها "لم تسْدِ للبشرية معروفا بارتكابها هذه الخطيئة، التي يجب عليها الاعتراف بها، والتكفير عنها، وعدم الاحتفال بها"، متسائلا باستنكار: "كيف تحتفل بريطانيا بظلمها للفلسطينيين؟".
 
وشدد عدوان على ضرورة الحراك من قبل كافة الجهات، على "المستوى الدولي والدبلوماسي والإعلامي والسياسي والقانوني؛ من أجل ملاحقة بريطانيا ومقاضاتها قانونيا في المحاكم الدولية، ومطالبتها بالاعتذار".
 
الجانب الأكثر كارثية

من جانبه، أوضح الباحث والمحلل السياسي الفلسطيني، خليل شاهين، أن "هذا الوعد جاء ليعبر عن السلوك الاستعماري البريطاني ضد الشعب الفلسطيني ووطنه، وهو أحد الأسباب الرئيسية التي أدت لضياع فلسطين، وإقامة دولة الاحتلال الإسرائيلي عليها، وتشريد جزء كبير من الفلسطينيين".
 
ولفت في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن إلى التصريحات التي أطلقتها رئيسة وزراء بريطانيا بشأن الاحتفال بالوعد، "تؤكد استمرار النظرة البريطانية الاستعمارية، خصوصا أنها تباهت بدور بريطانيا في إقامة إسرائيل".
 
ورأى شاهين، وهو مدير وحدة البحوث في المركز الفلسطيني للدراسات الاستراتيجية "مسارات"، أن "الجانب الأكثر كارثية في هذا الوعد؛ هي الجرائم التي سبقت ورافقت النكبة الفلسطينية عام 1948".
 
وأوضح أن "الأمر لا يتوقف على ما يطلق عليه وعد أو إعلان بلفور، بل يتعلق بسياسية بريطانية اتبعت ضد أرض وشعب فلسطين، وهذا ليس على قاعدة فقط إنكار حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته ومنح اليهود الحق في إقامة دولة في فلسطين، وإنما يتعلق بمجمل السياسية البريطانية التي اتبعت بعد هذا الوعد".
 
وأضاف الباحث السياسي، أنه "رغم أنه لم يتحول الوعد لسياسية مقرة من المؤسسات التشريعية البريطانية، لكن السياسية البريطانية المتعبة أدت لتضمين هذا الوعد"، منوها إلى أن "العديد من الانتهاكات رافقت عملية فك الانتداب، منها؛ عمليات الاعتقال، وقصف وهدم منازل الفلسطينيين، وسن قوانين جائرة لا تزال إسرائيل تستخدمها حتى اليوم ضد الفلسطينيين".
 
وأكد أن "بريطانيا لا تزال تمد دولة الاحتلال بالسلاح والمعدات والعسكرية"، مضيفا: "وعد بلفور بالسياسية التي ترتبت عليه، لا تزال مستمرة يومنا هذا، ويجب التعامل معها على هذا الأساس".
 
إثبات بتورط بريطانيا

وشدد شاهين على أن "التركيز الفلسطيني يجب ألّا يقتصر فقط على الجانب المعنوي؛ عبر مطالبة بريطانيا بالاعتذار، وإنما يجب أن يتم التركيز على مقاضاة بريطانيا على السياسية التي اتبعتها لتنفيذ وعد بلفور، والجرائم التي ارتكبتها بحق الشعب الفلسطيني وأرضه قبل النكبة وأثناءها".

 

اقرأ أيضا: زعيم "العمال البريطاني" يرفض دعوة احتفالية يحضرها نتنياهو

وكشف مدير وحدة البحوث أن "هناك بعض الاستشارات التي قامت بها أطراف فلسطينية مع خبراء دوليين، إضافة لوجود بعض التوجهات الأفكار التي تجري دراستها بخصوص إمكانية التوجه للحصول على رأي استشاري من محكمة العدل الدولية بشأن السياسية البريطانية، التي تلت وعد بلفور، وأدت إلى إلحاق النكبات بالشعب الفلسطيني، وذلك من أجل مقاضاة بريطانيا".
 
من جهته، أكد أستاذ العلوم السياسية هاني البسوس، أن وعد بلفور "أحدث تغييرا جوهريا في حياة الشعب الفلسطيني، وهو أحد أساسات قيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين المحتلة".
 
ونبه في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن "الوعد ليس ملزما من الناحية القانونية، بل يخالف أيضا المواثيق الدولية"، محملا بريطانيا "الوزر الأكبر في ضياع فلسطين، فهي من سهل وساعد العصابات الصهيونية على القيام بعمليات منظمة ضد المدنيين الفلسطينيين في فلسطين".
 
وأوضح البسوس أنه "لم يعد لوعد بلفور أي قيمة سياسية الآن، إلا أنه فقط يشكل إثباتا بتورط بريطانيا في احتلال فلسطين من قبل العصابات الصهيونية".