صحافة دولية

نظرة الغرب للحجاب بين التسلط الأبوي والحرية الشخصية

الصحيفة: من يحدد مصير امرأة وفقا لارتدائها الحجاب أو يضعها في إطار ثقافي محدد، هو مجرد إنسان ساذج
نشرت صحيفة "نويه تسوريشر تسايتونغ" تقريرا عن تعامل الغرب مع المرأة المحجبة التي يتم اضطهادها في جميع أنحاء العالم. وبدلا من أن يكون الحجاب حرية شخصية تتمتع بها النساء المسلمات في الغرب، تحول من قبل العديد من الناشطين في مجال حقوق المرأة إلى رمز لتقييد حرية الاختيار لديها.
 
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الجدل قائم حول فرض الإسلام للحجاب من عدمه، وحول ما إذا كان هذا القرار شخصيا يجب احترامه. في الواقع، هناك العديد من الدول الإسلامية التي تجبر النساء على ارتداء الحجاب، بالإضافة إلى السلطة الأبوية في المنزل التي تجبر الفتيات الصغيرات على ارتداء الحجاب، مبررين ذلك بأن الفتاة إذا خرجت من البيت من دون حجاب تعتبر عارية.
 
في الأثناء، ترتدي العديد من النساء الحجاب في سن الخامسة أو السادسة بسبب سلطة الأهل، وإلى الآن لا يعرفون السبب وراء ارتدائه. وفي المقابل، ترتدي العديد من النساء المسلمات في الوقت الحاضر الحجاب عن اقتناع تام، وهو ما يعد أمرا لا بد من احترامه.
 
وأفادت الصحيفة أن هناك العديد من المنظمات المدنية فضلا عن السياسيين في أوروبا الذين يدافعون عن مبدأ تعدد الثقافات ويحاولون التصدي لظاهرة الإسلاموفوبيا. ومنذ فترة قصيرة، تم تنظيم ندوة في زيورخ بعنوان "إنه مجرد غطاء للرأس"، دعا من خلالها النساء غير المسلمات لحضور الندوة وارتداء غطاء للرأس.
 
وأضافت الصحيفة أنه قديما اعتبرت بعض المجتمعات المحافظة الحجاب بمنزلة وسيلة للتمييز بين الرجل والمرأة. وبالطبع، فرض الإسلام على المرأة ارتداء الحجاب، وهو ما يدل على أن المجتمع المسلم مجتمع محافظ وغير علماني. والجدير بالذكر أنه بالكاد يمكن أن ترى امرأة محجبة في شوارع القاهرة والإسكندرية في خمسينيات القرن الماضي، حين كانت تعيش مصر أوج العلمانية، بسبب بعض الحركات النسائية التي كانت ترفض السلطة الأبوية فيما يتعلق بارتداء الحجاب وتغطية المرأة بالكامل. وفي هذا الصدد، لم تمارس الحكومة المصرية آنذاك أي نوع من أنواع التمييز ضد المرأة.
 
وتابعت الصحيفة أن هناك مقطع فيديو على موقع يوتيوب، يسخر فيه الرئيس المصري الراحل، جمال عبد الناصر من مطالبة المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين بفرض الحجاب على النساء في الشوارع. ولكن هذا لم يعد في الوقت الحالي مدعاة للسخرية؛ لأن 90 بالمائة من النساء المصريات يرتدين الحجاب، طبقا لما ذكرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية خلال سنة 2007.
 
وذكرت الصحيفة أن المظاهرات التي تلت تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مقاليد الحكم في الولايات المتحدة، في العاصمة الأمريكية واشنطن، قامت فيها النساء برفع لافتات تحمل صورة فتاة تضع حجابا عليه العلم الأمريكي. وفي هذا الإطار، قالت الأستاذة الجامعية والكاتبة الليبرالية السويسرية من أصل يمني، إلهام مانع ردا على تلك المسيرات، إن استخدام الحجاب رمزا لاضطهاد المرأة في دين شامل وتعددي، يعد تضليلا وإهانة لكل النساء المسلمات اللواتي يرتدين الحجاب بملء إرادتهن.
 
وأكدت الصحيفة أن الأهل يستخدمون الحجاب وسيلة من أجل ممارسة سلطتهم على النساء باسم الدين، إذ يعتبرون أن إخفاء عورات المرأة من شأنه أن يحافظ على المجتمع ويحد من تفشي الرذيلة. من جانب آخر، هناك العديد من النساء اللاتي يتباهيْن بارتدائهن الحجاب، ويصرحن دوما أنه يعبر عن هويتهن الثقافية والدينية.
 
وأفادت الصحيفة أن استخدام الحجاب للتعبير عن اضطهاد المرأة المسلمة في الغرب، يعرض بعض الناشطات في حقوق المرأة في أماكن أخرى في العالم، اللواتي يناضلن يوميا من أجل عدم إجبار المرأة على الحجاب، إلى انتقاد حاد واعتبارهن معاديات للإسلام وبالأخص في الدول التي تدعي التدين في مجتمعاتها وتجبر المرأة على ارتداء الحجاب.
 
وفي الختام، قالت الصحيفة إنه لا يوجد تعارض بين عدم ارتداء المرأة للحجاب، بينما تدعم حق الأخريات في ارتدائه. وفي هذا الشأن، من يحدد مصير امرأة وفقا لارتدائها الحجاب أو يضعها في إطار ثقافي محدد، هو مجرد إنسان ساذج.
 
الصحيفة: نويه تسوريشر تسايتونغ

الكاتب: قاسم الغزالي

الرابط:

 https://www.nzz.ch/feuilleton/islamisches-kopftuch-kein-symbol-fuer-selbstbestimmung-ld.1321150?reduced=true