صحافة دولية

لماذا يسعى آل ترامب للبقاء في البيت الأبيض لـ16 سنة قادمة؟

الصحيفة الفرنسية اعتمدت على مقال لكاتب أمريكي تحدث فيه عن نية ترامب الترشح لولاية ثانية- أ ف ب
نشرت صحيفة "أتلنتيكو" الفرنسية حوارا مع مؤرخ وخبير فرنسيين تحدثا فيه عن وصول دونالد ترامب إلى حكم الولايات المتحدة الأمريكية وتداعيات ذلك على الولايات المتحدة ذاتها ودول العالم بشكل عام.

وتناولت الصحيفة في حوارها الذي ترجمته "عربي21" آراء لكل من المختص في القضايا المتعلقة بالتنوع الثقافي في كل من الولايات المتحدة وفرنسا فرانسوا دوربار وعضو المركز الأوروبي للشؤون الدولية لوران شالار.

وتورد الصحيفة مقالا لأستاذ العلوم السياسية الأمريكي إدوارد لوتواك في مجلة "التايمز" تحدث فيه عن نية ترامب تولي رئاسة الولايات المتحدة لولايتين متتاليتين، قبل أن "يسلم المشعل" إلى ابنته إيفانكا ليستقر آل ترامب في البيت الأبيض مدة 16 سنة قادمة.

وتسأل الصحيفة دوربار وشالار من مقال لوتواك، حيث يرى شالار أن فوز ترامب في برئاسة الولايات المتحدة "تسبب في نشوب قطيعة بين الولايات المتحدة وبين بقية دول العالم"، مضيفا أن ترشح ترامب من الأصل "تسبب في خلق هوة على مستوى المجتمع الأمريكي أدت إلى انقسام الولايات المتحدة إلى نصفين".

ويوضح شالار: "في حين يعكس النصف الأول صورة "أمريكا البيضاء" التي تحتضن الطبقة الريفية والعاملة، يرسخ النصف الثاني صورة "أمريكا متعددة الثقافات" التي تحتضن في صلبها الطبقة الحضرية وعمال القطاع الثالث، وفي الأثناء، تختلف نظرة كلا الأمريكتين تجاه العالم فيما يتعلق بعدة مواضيع على غرار سياسة الهجرة، والسياسة الخارجية، والسياسة الاقتصادية".

ويضيف شالا: "فيما يتعلق بسياسة الهجرة، تطالب "أمريكا البيضاء" بتطبيق سياسة صارمة لوقف تدفق المهاجرين، فضلا عن ذلك، تطمح إلى الحفاظ على تفوق عدد السكان البيض ذوي الأصول الأوروبية على حساب باقي الأعراق المهاجرة، ومن هذا المنطلق، كثيرا ما يتم إلقاء اللوم على المهاجرين في تفشي الجرائم، على غرار تحميل المكسيكيين مسؤولية انتشار تجارة المخدرات في الولايات المتحدة، أما بالنسبة "لأمريكا متعددة الثقافات"، فتؤمن بأن تنوع الثقافات يشكل، ومن منطلق تاريخي، سبب قوة الولايات المتحدة".

بدوره يرى فرانسوا دوربار، في حديثه للصحيفة أن فرضية بقاء آل ترامب في البيت الأبيض لمدة 16 سنة قادمة تتضارب مع التقارير التي تصدر يوميا بشأن مستقبل الملياردير الأمريكي في الحكم التي لم تتجاوز فترة رئاسة للبيت الأبيض حتى الآن سبعة أشهر، "علما أن هذه الفترة قد وصفت بالكارثية".
 
ومع ذلك وبحسب الصحيفة يقر فرانسوا دوربار بأن هناك مؤشرات لإمكانية تولي ترامب رئاسة الولايات المتحدة لولاية ثانية، حيث يتفوق عدد الموالين لترامب من الحزب الجمهوري على عدد المعارضين له من الناشطين في الحزب الديمقراطي، إذ يبلغ حجم الفجوة بين الحزبين 10 بالمائة.

إضافة إلى ذلك -والحديث لـدوربار- "لا تزال القاعدة الانتخابية الموالية لترامب صلبة على الرغم من اهتزازها بعض الشيء"، سبب ذلك أن "بعض الناخبين يؤمنون إلى حد الآن بأن ترامب قد وفى بكل وعوده الانتخابية".

ويتابع دوربار: "في الواقع يساند هؤلاء الناخبين ترامب رؤيته فيما يتعلق بسياسة الهجرة، والانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ، فضلا عن موقفه من حادثة شارلوتسفيل، أو بشأن قراره الأخير القاضي بمنع المتحولين جنسيا من الالتحاق بصفوف الجيش الأمريكي".   

كما تورد الصحيفة تصريحات لستيف بانون المستشار السابق الرئيس الأمريكي في العام  2016 قال فيها: "أنا لست قوميا أبيض، أنا قومي، اقتصادي قومي، وإذا وفينا بوعودنا، سنحصد أصوات 60 بالمائة من البيض و40 بالمائة من الزنوج واللاتينيين، وبالتالي، سنحكم البلاد لمدة 50 سنة".

وفي ضوء هذا التصريح تسأل الصحيفة: ما حقيقة هذا التصور على أرض الواقع، خاصة أن نسبة البطالة في البلاد تصل إلى 4.3 بالمائة؟ فيجيب شالار بالقول إنه "وعلى غرار المملكة المتحدة، يجب التعامل مع معدل البطالة في الولايات المتحدة بحذر شديد، في ظل بقاء القوى العاملة العاطلة عن العمل غير معنية بهذه الإحصائيات.

ويضيف: "في المقابل، ومهما كان معدل البطالة مرتفعا في الولايات المتحدة، إلا أنه يبقى أقل مما هو عليه في البلدان المتقدمة الأخرى، على غرار بلادنا فرنسا (..) لكن المشكل الذي يقلق الولايات المتحدة، فعليا، يتمثل في ما يعرف "بالبطالة المقنعة"، التي تنتشر غالبا بين مجتمعات بلدان العالم الثالث". 

ويتابع: "من هذا المنطلق، يجبر العديد من الأميركيين على العمل في عدة وظائف مختلفة بهدف توفير لقمة العيش مما يؤدي بهم إلى خوض غمار حياة ذات إيقاع مضطرب، قبل أن يتحولوا إلى عبيد لما يسمى "بالرق الحديث"، أكثر من إحساسهم بالانتشاء على خلفية تمتعهم بوظيفة داخل مجتمع متقدم".

وتختم الصحيفة حوارها برأي لدوربار بشأن ما ألمح له ستيف بانون بالقول: "إنها فكرة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار تحيل إلى حقيقة انتعاش الاقتصاد الأمريكي خلال فترة حكم أوباما، ولكن هذا الانفراج لم يتبعه سياسة للحد من ظاهرة التفاوت الاجتماعي".