قضايا وآراء

ذكرى رابعة والمنصات الإعلامية المسيئة

1300x600
بعد بضع أيام تمر الذكرى الرابعة على مجزرة رابعة العدوية، والنهضة، وما سبقها وتلاها من مجازر، ولم يعد جديدا الآن الحديث عن بشاعة ما تم، ولا مخالفة ذلك لكل الشرائع والقوانين المحلية والدولية، فقد بات ذلك أمرا معلوما، ولكن الوقفة المطلوبة في هذه الذكرى الآن، ليست مع الانقلاب فقط، ولا مع من وقفوا بجانبه، فقد أصبح أداء السيسي ومظالمه التي طالت معظم شرائح الشعب المصري لا تحتاج لشرح، ولا تحتاج لكشف، بل نحتاج إلى أن تكون الوقفة مع أدائنا نحن من يرفضون هذا الانقلاب، وبخاصة المنصات الإعلامية التي تقف ضد الانقلاب، فهي تطيل من عمر الانقلاب، وتبعد المسافة وتصعبها علينا في كسره، فقد بات أداء بعض هذه المنصات لصالح الانقلاب لا الثورة.

إلى الآن لم تصدر مراجعة حقيقية لفترة الاعتصام، وإدارة هذه المدة، وما تلاها من إدارة لهذا الحراك، فللأسف أخطاء منصة رابعة الإعلامية تتكرر، ومستمرة، فبعد مضي مدة من الاعتصام، جلس مجموعة من الشباب الإخواني وغيرهم في الاعتصام يناقشون شكل وأداء منصة رابعة، وأدى ذلك إلى تغييرات مهمة فيها، وبعد فض رابعة، كان الأداء إلى حد ما إعلاميا مقبولا بل جيدا، ولكن فجأة بدأت تظهر أصوات بيننا، ليست من ثكالى المشهد، بل أشبه بالنائحة المستأجرة، التي تدخل الجنازة فتنوح وتلطم الخدود، وتشق الجيوب، لغرض يخصها، ثم تخرج وقد تركت أهل الميت بأوزار لم يقوموا بها، وهذا ما حدث من بعض هذه المنصات يمكن أن يطلق عليها: النائحة المستأجرة، لا النائحة الثكلى، التي يؤدي خطابها إلى شيطنة الحراك، وإلى توريطه بشكل يراه كل عاقل، يزايد فيه أصحابه على العقلاء، ويرفعون سقف المزايدات، بخطاب لا يملكون أدنى أدوات لتحقيقه، ولكنه خطاب ينشد دغدغة العواطف، وتسطيح عقول الجماهير، على حساب استمرار الأزمة، ليظل أصحاب هذا الخطاب متصدرين على قنوات اليوتيوب والمنصات الأخرى، بعد أن فهمت القنوات الثورية ذلك فجنبت معظمهم منصاتها، فتم البحث عن منصات أخرى، يقام فيها بهذا الدور، يبدأ بجر الجماهير إلى ثقافة سطحية، وخطاب متشنج، ثم يمر بتفريق وتمزيق الصف الثوري، ثم تخوين رموزه الأصلاء، وفي أضعف الحالات يؤدي إلى يأس الناس، لأنه يرى صراعا بين أطراف يخون بعضها بعضا، ويسيء بعضها لبعض، من فئة لم يشهدها الجمهور في ساحة الثورة، بل شهدها في ساحة المغانم لا المغارم، والحديث عن مغانمها وأطماحها من هذه الأزمة يحتاج إلى تفصيل ليس هنا مقامه.

أذكر أن أحد العقلاء قد اقترح مع مجموعة من النخبة الدينية والسياسية في حراكنا، أننا بحصر هذه الأصوات القليلة، سنجدها بين صحفي سابق ينشر ثقافة تهدم ولا تبني، تقوم على الافتراء على بعض رموز الحراك الثوري، ويعتمد في مواده على الفبركة، وتحريف الحقائق، وبين شخصية أخرى لا نصيب في كلامها إلا الشتائم، والنيل من الناس وربما وصل بالخوض في أمهاتهم وآبائهم في فيديوهات منتشرة، وبوستات على الفيس بوك، وبين أكاديمي على المعاش لم يعد له وظيفة إلا الخوض في الأعراض السياسية لمخالفيه من الرافضين للانقلاب، يعتمد على بعض حسابات وهمية باسم سيدات لا يعرفهن أحد، وبأسماء وهمية على الفيس بوك تقوم بالنيل من معارضين للانقلاب، فيقوم بإعادة نشرها، كنوع من غسيل البوستات، على غرار غسيل الأموال، كأن هذا الفعل يبرئه من تبعة الخوض في أعراض الناس. 

ثم كان الاقتراح العملي كالتالي: ما المانع من إصدار بيان نوقع عليه جميعا، بأن هذه الشخصيات وهم أفراد لا يزيدون على أصابع اليد الواحدة، هم أناس يعبرون بخطابهم عن أنفسهم فقط، دون تجريح أو إساءة لهم، وبذلك نعفي أنفسنا من أن تحسب مثل هذه الأصوات النشاز علينا، فهي أصوات نشاز دينا وخلقا وسياسة. 

في بادئ أمر هؤلاء كان البعض يستهين بآثار ما يقومون به، ظنا منه أنه يكفي المجموع العاقل فهو يخبر الناس بأنهم ليسوا منا، ناسين أن هذه المنصات المتجاوزة للشرع والخلق في أدائها، ستتحول سهامها المسمومة الطائشة إلى صدور الرافضين للانقلاب أكثر من تحولها للانقلاب وأهله، حتى لو كان معدل ما يصدرونه من مواد عن الانقلاب أضعاف ما يصدرونه ضد الرافضين للانقلاب، لأن جمهورهم ليس من أتباع الانقلاب، فنحسب الأمر بهذه الطريقة، بل جمهورهم هو الجمهور المعادي للانقلاب، وهذا الخطاب بهذا الشكل يؤدي إلى مزيد من تشتيت هذا الجمهور، ومزيد من خداعه، ومزيد من سطحيته وجهله. وهذه من أولى المراجعات التي يجب علينا القيام بها في ذكرى رابعة الرابعة، لأن بقاءها معناه أننا سنظل نحتفل بذكرى رابعة لمائة عام قادمة دون إنهاء لهذا الانقلاب!!

Essamt74@hotmail.com