اقتصاد عربي

بين الأحلام والواقع: كيف يتعامل السيسي مع وعوده للمصريين؟

لقمة العيش باتت هما لغالبية المصريين - أ ف ب
يواجه المصريون أزمة حقيقية تتمثل في اتساع آثار صدمات الإجراءات الاقتصادية منذ صيف عام 2014 وحتى اليوم.

وتأتي هذه الإجراءات في إطار محاولة النظام العسكري سد عجز الموازنة من ناحية، وسداد فوائد الديون وأقساطها من ناحية أخرى. وليس من أجل تحسين مستوى معيشة المواطنين؛ ما شكل عبئا على الطبقتين المتوسطة والفقيرة.

وتسعى حكومة السيسي منذ أواخر 2015، دون جدوى، للتصدي لارتفاع أسعار السلع الأساسية، واستخدمت في ذلك شاحنات الجيش في توزيع مواد غذائية مدعمة على الفقراء لجذب المواطنين إليها إلا أنها فشلت في توفير الحد الأدنى من الجودة والسعر من ناحية، ولم تنتشر في جميع المحافظات، وتتواجد بشكل منتظم ودائم يمكن الاعتماد عليه من ناحية أخرى، وفق محللين اقتصاديين.

وتقول وزارة المالية إن مصر تحتاج إلى معدلات نمو تتراوح ما بين 7 إلى 8 في المئة للتغلب على آثار الوضوع الاقتصادي المتردي، إلا أن البنك الدولي توقع تراجع معدل النمو بمصر إلى 3.9 في المئة مقابل 4.3 في المئة في العام الماضي، وهو ما يعني عجز النظام عن النهوض من كبوته الاقتصادية.

فترة مؤقتة

من جهتها؛ قالت نائبة العضو المنتدب ببنك الإمارات دبي الوطني مصر، سهر الدماطي، إن "مصر في فترة علاج، وما تتخذه الحكومة من إجراءات هي مؤقتة، وسوف تنتهي خلال عام من الآن، وسوف تترجم إلى توفر العملة الصعبة، وانتهاء منظومة الدعم، وهو ما يتحقق اليوم".
 
وتوقعت الدماطي، في تصريحات لـ"عربي21" "ارتفاع سعر الجنيه بانخفاض الدولار أمام الجنيه، الذي بدأ بالفعل في الانخفاض خلال الفترة الماضية بعد زيادة التدفقات والاستثمارات الأجنبية، وسعر الفائدة"، معتبرة أن هبوط الدولار مؤشر قوي على انخفاض التضخم، وفق تقديرها.
 
وقالت إن "الحكومة المصرية والبنك المركزي بدءا في منظومة إصلاح اقتصادية تمت الموافقة عليها من صندوق النقد الدولي، ورأينا الشركات الأجنبية بمقدورها تحويل أرباحها للخارج"، مؤكدة أنه "من المنتظر أن نرى هبوط التضخم إلى خانة العشرات في نهاية العام المقبل".

ردود فعل عكسية

وقال البرلماني السابق، باسل عادل، لـ"عربي21": "إن الإجراءات الاقتصادية أخذتها الدولة أحادية الجانب، بمعنى أنها تراعي موزانة الدولة دون النظر إلى الطبقات المتوسطة والفقيرة".

وأشار إلى أنه "ستظل هناك فجوة ما بين المأمول والواقع؛ لأن النظرة إلى الإصلاحات الاقتصادية أحادية وليست ثنائية، وتؤخذ من جيوب المواطنين، ولن ينجح أي برنامج دون أن يستفيد كلا الطرفين"، وفق تقديره.

وحذر من بدء انهيار الطبقة المتوسطة، وقال: "إن من يحمل عبء الإصلاح هي الطبقة الوسطى، ولم يعد لديها القدرة على التماسك أمام تلك الإصلاحات، وسيكون هناك مردود اجتماعي سيئ وليس اقتصاديا فقط"، مشيرا إلى أن "اتخاذ كل تلك الإجراءات الاقتصادية في توقيت واحد أو متقارب خطأ فادح".

ورأى أن رد فعل الناس على القرارات الاقتصادية سيكون سياسيا "فكلما زادت المشاكل الاقتصادية في بيوت الناس كلما زاد اهتمامهم بالمواضيع السياسية؛ لأن الحريات لا تهم كل الناس، أما الاقتصاد فيشغل جميع الناس، وفي نهاية المطاف الإجراء الاقتصادي هو قرار سياسي بالأساس، ورد فعل الناس لن يكون اقتصاديا إنما سياسي".

القول وعكسه

وقال الباحث السياسي، غاندي عنتر، إن "السيسي حاول السيطرة على مشاعر المصريين عبر الكلام المعسول ولكنه بات لا يؤتي ثماره مؤخرا بعدما اكتشف أغلب مؤيديه أن ما يقوله يفعل عكسه تماما".

وأضاف لـ"عربي21" أن "الفكرة التي جاء بها السيسي بالأساس المتعلقة بمحاربة الإرهارب وفرض الأمن أثبتت كذبها أيضا، خاصة وأنه منذ الانقلاب العسكري وحتى الآن الوضع الاقتصادي والسياسي والأمني في مصر من سيّء إلى أسوأ، وليس لديه غير التمثيل العاطفي والكلام المعسول الذي بات الآن لا ينطلي على أحد".

وتوقع أن "تشهد الفترة المقبلة حراكا كبيرا من الطبقة الفقيرة في مصر، والتي كانت تعتبر السيسي منقذا لها في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية، لكن الآن أصبحت مصالح هذه الطبقة متضررة وبشكل مباشر من خلال ارتفاع الأسعار، وتفشي البطالة وارتفاع تكلفة الرعاية الصحية".