صحافة دولية

ميدل إيست آي: هكذا تبدو علاقة الإخوان مع دول الخليج

العلاقة بين الإخوان ودول مجلس التعاون الخليجي: علاقة معقدة وحلول صعبة- أ ف ب
نشر موقع "ميدل إيست آي" في لندن مقالا للباحثة في مدرسة لندن للاقتصاد في جامعة لندن، كورتني فرير، حول العلاقة المعقدة للإخوان المسلمين ودول مجلس التعاون الخليجي.

وتشير فرير إلى أن تلك العلاقة تعود إلى العقود الأولى من النمو النفطي في تلك الدول، حيث كانت قطر وجاراتها الدول الخليجية بحاجة لموظفين يشغلون الشواغر في المؤسسات التعليمية الناشئة والقضاء، فرحبت بالمتعاطفين مع الإخوان الفارين من سجون عبد الناصر في مصر.

وتلفت الكاتبة في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه "منذ تلك الحقبة في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، تغيرت مواقف تلك الدول تجاه الإخوان المسلمين بشكل كبير، ما يعكس مدى التأثر محليا بالحركة، وكيف ينظر كل نظام في الخليج لمدى خطورة الإخوان المحليين عليه".

وتبين فرير أن "معاملة الحكومات معهم تعتمد بشكل عام على مستوى المشاركة السياسية المسموح بها، ومدى ارتباطهم بالمعارضة الأوسع في نظر تلك الأنظمة".

وتقول الكاتبة: "يبدو أنه ينظر للإخوان المسلمين على أنهم أكثر خطورة سياسية في الأنظمة المغلقة، مثل السعودية والإمارات، حيث قام أشخاص مرتبطون بالإخوان بالمطالبة بإصلاحات خلال ثورات الربيع العربي، أكثر من دول مثل البحرين والكويت، حيث يشارك الإخوان في الانتخابات البرلمانية".

  

وتضيف فرير أن "الدول التي تستوعب الإخوان أو تعمل بجانبهم، تشعر بخطر أقل من ناحيتهم، على المستوى المحلي أو في الخارج، كما هو حال قطر، أما الإخوان القطريون فإنهم قاموا بحل تنظيمهم في 1999، وكان تركيزهم على الإصلاحات الاجتماعية بدلا من الإصلاحات السياسية، ولا يبدو أن للحركة المحلية طموحات أبعد من الجوانب الفكرية والروحية، ولم تتحول هذه الحركة إلى حركة إصلاحية ناشطة، ربما بسبب عدم وجود فرص سياسية، أو الرضا عن النظام القائم، بالإضافة إلى أن إعلان النظام القائم عن الحاجة للإصلاحات الديمقراطية يلغي مساحة المعارضة والتحريض، وفي المحصلة ساعدت هذه العلاقة غير الصدامية على جعل قطر أكثر تقبلا للإخوان المسلمين في داخلها وخارجها".

وتتابع فرير قائلة إن "سبب دعم قطر للإسلاميين في الخارج يهدف إلى حد كبير لتوسيع نفوذها على المستوى العالمي، وليس بهدف ترويج أيديولوجية معينة، ولو كان هدف قطر دعم الأيديولوجية الإسلامية لفعلت ذلك في بلدها، ورغبة قطر في التعامل مع الإخوان في الخارج ناتجة عن رغبة في تمييز نفسها عن السعودية".

وتجد الكاتبة أن "هذا كان مهما للشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، (الذي كان أميرا للبلاد في الفترة من 1995 إلى 2013)؛ وذلك لأن السعودية متهمة بالوقوف وراء محاولة الانقلاب عليه عام 1996، بالإضافة إلى أن جيل الشيخ حمد يذكر بخضوع بلادهم للسعودية تحت حكم الشيخ خليفة (1972- 1995)، فسمح تأييد الإخوان، أو عدم شن حملات ضدهم لقطر بأن تميز نفسها عن السعودية".

وتفيد فرير بأن "أحد الأسباب الرئيسة لخلاف قطر مع دول مجلس التعاون الخليجي عام 2014، هو سياساتها خلال ثورات الربيع العربي، وهي عامل مساعد أيضا للأزمة الحالية، ما أبعدها بشكل أكبر عن دول الخليج المجاورة، التي قادت ثورة مضادة ضد الثورات الشعبية في المنطقة".

وتنوه الكاتبة إلى أن "قطر شاركت بفعالية، فكانت أول بلد يعترف رسميا بالمجلس الوطني الانتقالي الليبي، واستضافت اجتماعا لمجموعة أصدقاء ليبيا، وأرسلت ست طائرات مقاتلة لتشارك طائرات الناتو في فرض الحظر الجوي في آذار/ مارس 2011".

وتورد فرير أن "قطر أثارت الجدل في دعمها للجماعة الليبية المقاتلة (إسلامية سلفية)، التي يرتبط بها محمد علي الصلابي، الذي عاش في قطر لحوالي عشر سنوات، بالإضافة إلى أن دعم قطر لإسلاميي ليبيا كان له أثر على مجريات الأمور في الأزمة السورية، حيث وصلت المساعدات لسوريا عن طريق الثوار الليبيين، الذين سيطروا على ليبيا بعد القذافي، ودعمت قطر كلا من جبهة النصرة وأحرار الشام، مع إصرارها على أنها تدعم المقاتلين ضد رئيس النظام السوري بشار الأسد، ولا تهدف لتأييد أي اتجاه سياسي". 

وتبين الكاتبة أن "ما جعل قطر تعبر بأن ميولها إسلامية هو دعمها للرئيس الإخواني المنتخب محمد مرسي في مصر، من حزيران/ يونيو 2012 إلى تموز/ يوليو 2013، حيث قدمت لمصر 7.5 مليار دولار، وتصر قطر على أنها لم تقدم المساعدات للإخوان المسلمين، بل لحكومة مصرية منتخبة". 

وتشير فرير إلى أنه "منذ الإطاحة بمرسي، في تموز/ يوليو 2013، أوقف النظام العسكري، بقيادة عبد الفتاح السيسي، المفاوضات لشراء غاز قطري، وأعاد ملياري دولار كانت قطر أودعتها في البنك المركزي المصري خلال حكم مرسي، وفي الوقت ذاته تقريبا وافقت السعودية على تقديم 5 مليارات دولار، والإمارات 3 مليارات دولار، مساعدات لمصر، ووقع السيسي على تسليم جزيرتي تيران وصنافير للسعودية".

وتلفت الكاتبة إلى أن "السعودية والإمارات والبحرين استغلت هزيمة الإخوان في مصر لعزل قطر أول مرة عام 2013، وتحت حكم الشيخ تميم آل ثاني، الذي تنازل له والده عن السلطة في حزيران/ يونيو 2013، بدت العلاقات بين السعودية وقطر في تحسن، في البداية على الأقل، حيث كانت السعودية أول بلد يزورها الشيخ تميم بعد تسلمه السلطة، بالإضافة إلى أنه رضخ لشروط اتفاقية مجلس التعاون الموقعة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2013، التي طالبت بعدم دعم قطر لمجموعات أو أشخاص يهددون الأمن والاستقرار لدول مجلس التعاون الخليجي، سواء كان ذلك من خلال عمل أمني مباشر، أو من خلال التأثير السياسي وعدم دعم الإعلام المعادي".

وتقول فرير إن "اعتبار أن قطر لم تلتزم أدى إلى سحب سفراء البحرين والسعودية والإمارات من الدوحة في آذار/ مارس 2014، وعادوا في تشرين الثاني/ نوفمبر 2014، بعد أن قامت قطر بطرد 7 أعضاء كبار في الإخوان المسلمين، ووعدت بالتوقف عن مهاجمة مصر عبر  قناة (الجزيرة)، حيث أوقفت برنامج الشيخ يوسف القرضاوي (الشريعة والحياة)".

  

وتنوه الكاتبة إلى أنه "منذ ذلك الحين، بدت العلاقات في تحسن بين قطر والسعودية ومجلس التعاون الخليجي بشكل عام، وفي الواقع وبعد أول زيارة للشيخ تميم للرياض، وفي وجه الاتهامات المصرية في شهر شباط/ فبراير 2015، بأن قطر تدعم الإرهاب في ليبيا، وقف السكرتير العام لمجلس التعاون الخليجي، عبد اللطيف الزياني مدافعا عن قطر، قائلا إن تلك الاتهامات لا أساس لها، وأنها تنافي الواقع، وتهمل الجهود التي تبذلها قطر ومجلس التعاون الخليجي والدول العربية في مكافحة الإرهاب". 

وتذكر فرير أن "السعودية استضافت في فترة التصالح تلك مؤتمر اتحاد علماء المسلمين، الذي يرأسه الشيخ يوسف القرضاوي، في الوقت الذي أدرج فيه الاتحاد على قائمة الإرهاب التي صدرت عن مجلس التعاون، وعقد المؤتمر في شباط/ فبراير، بدعوة من الملك سلمان، وكان وزير الخارجية سعود الفيصل قال في وقت سابق من ذلك الشهر إن الحكومة (ليست لديها مشكلات مع الإخوان المسلمين)، وجعل هذا البعض يعتقد بأن هناك انفراجا في علاقة السعودية بالإخوان، ما سيؤدي لعلاقات أفضل بين السعودية وقطر".

وتشير الكاتبة إلى أن "التوتر بين قطر وجاراتها تزايد عام 2017، ما أعاد القضايا الماضية من عام 2014 إلى الواجهة، فمثلا استضافت قطر في أيار/ مايو اجتماعا لحركة حماس، التي أعلنت أن لا علاقة لها بالإخوان، وقدمت برنامجا سياسيا لتلطيف صورتها، وأبدت استعدادها لقبول دولة فلسطينية في حدود 1967، وهذا لم يعكس فقط النفوذ الذي يتمتع به الإسلاميون، بل يعكس أيضا كيف أوجدت قطر لنفسها موطئ قدم في قضايا إقليمية حساسة". 

  

وتفيد فرير بأن "تصريحات وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، في منتصف أيار/ مايو 2017، بأنه يدعم الحوار بين دول مجلس التعاون، وتأكيده أن قطر لم تحظر الإخوان المسلمين، لم تساعد التوترات الموجودة، مع أنه صرح قائلا: (لا نؤيد، ولن نؤيد، ولم نؤيد الإخوان المسلمين)، ولم يعتذر آل ثاني عن سياسة قطر في تأييد أي شخص يتسلم الرئاسة في مصر بطريقة واضحة وشفافة".

وتلفت الكاتبة إلى أن "زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي فكرت إدارته في إدراج الإخوان على قائمة الإرهاب، شجعت الحكومة السعودية، فضاعفت من خطابها ضد قطر، وشجعها أكثر دعم الإمارات، التي اعتقلت حوالي 100 عضو مرتبط في حركة الإخوان عام 2012، ويلتقي سفير أبو ظبي في واشنطن بشكل منتظم مع مستشار ترامب وزوج ابنته جارد كوشنر".

وتنوه فرير إلى أن "قناة (العربية) بثت في آذار/ مارس 2017 تقريرا كان مؤشرا على التحول ضد الإخوان، خاصة أن محمد بن سلمان كان يرتفع في الرتب، وكان التقرير حول محادثة بين ترامب وابن سلمان حول علاقة زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن بالإخوان المسلمين".

وتذهب الكاتبة إلى أن "سبب انزعاج السعودية والإمارات من الإخوان المسلمين هو الشعور بأنهم يشكلون خطرا وجوديا عليهما، في الوقت الذي يراهم فيه القطريون شركاء سياسيين محتملين". 

وتوضح فرير أنه "لذلك، فإنه يبدو بالنسبة لمصر والسعودية والإمارات، أن سياسة عزل الإخوان وقطر معهم أمر منطقي؛ لأن حركات مرتبطة بالإخوان في تلك الدول بذلت جهودا لتحقيق الإصلاح السياسي، ومع ذلك فإن وجود جماعة مرتبطة بالإخوان المسلمين (المنبر) في البحرين إشكالي".

  

وتستدرك الكاتبة بأنه "بسبب كون المعارضة في البحرين كانت بشكل عام شيعية، فإن الإخوان المسلمين فيها تحالفوا تقليديا مع عائلة آل خليفة الحاكمة، ودخلوا البرلمان منذ عام 2002، وحرصت (المنبر) في البحرين على تمييز نفسها عن بقية الإخوان المسلمين المعارضين، خاصة بعد الربيع العربي، حيث تقول إنها حركة موالية للفكر الإخواني السني، ويهمها أسلمة المجتمع من خلال الحكومة، لكن ليس كحركة تمتد عبر الحدود".

وتقول فرير إنه "بغض النظر عن حظر الإخوان المسلمين في دول الخليج من عدمه، وبعيدا عما سيحصل لقطر، فإن التأييد لهذه المعتقدات سيبقى، وفي الوقت ذاته سيستمر الزعماء في كل من السعودية والإمارات في تشككهم تجاه الإخوان؛ لثلاثة أسباب أساسية: لا يمكن شراء فكرهم، وللحركة جذور دولية، وارتباط حركات محلية طالبت بإصلاحات سياسية خلال الربيع العربي بالإخوان".

وتختم الكاتبة مقالها بالقول: "بناء على ما تقدم، فإنه من الصعب التوصل إلى حل وسط مع الإخوان أو الحركات المرتبطة بهم، وهذا سيجعل التوصل إلى حل في الأزمة الحالية أمرا صعب المنال".