سياسة عربية

عيد السوريين بالقاهرة.. الطعم شامي والنكهة مصرية

يتركز معظم السوريين بمدينة السادس من أكتوبر غرب القاهرة- فيسبوك
"العيد؛ هو الشام.. وذكريات الشام.. وريحة الشام.. وطالما الشام موجوعة وبعيدة وولادنا تعبانين بيضل العيد ناقص، كل عام وأنتم بخير وإن شاء الله الشام ترجع بخير"، كانت تلك هي كلمات الفنانة السورية المقيمة في مصر كندة علوش عبر صفحتها بتويتر.

علوش المتزوجة مؤخرا من الفنان المصري عمرو يوسف، عبرت عن مشاعر ملايين السوريين في يوم عيد الفطر والذين هجرتهم الحرب الدائرة لأكثر من 5 سنوات على أرض سوريا، إلى جميع بلدان العالم.

11 مليون لاجئ

وبلغت أعداد اللاجئين السوريين بسبب الحرب 11 مليون نسمة منهم 4 ملايين لاجئ، في دول العالم نصفهم بتركيا، فيما شردت الحرب 7.2 بالداخل السوري، حسب إحصاء المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، نهاية 2015.

وكشفت الأرقام الصادرة عن المفوضية أن عدد اللاجئين بمصر بلغ 186 ألف لاجئ، بينهم نحو 131 ألف سوري، إضافة إلى لاجئين من 60 دولة أخرى، فيما قدرهم إحصاء صادر عن شبكة "راديو سوا" الأمريكية، بـ132 ألف لاجئ سوري.

يذكر أن قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي زعم في كلمته أمام الأمم المتحدة، أيلول/سبتمبر 2016، أن مصر تتحمل أعباء استضافة قرابة خمسة ملايين لاجئ سوري.

ويتركز معظم السوريين في مصر بالقاهرة الكبرى وبشكل خاص بمدينة السادس من أكتوبر غرب القاهرة، والقاهرة الجديدة والتجمع الخامس شرق القاهرة، والعاشر من رمضان بالشرقية.

فكيف يقضي السوريون عيدهم في مصر، بعد 4 سنوات من الغربة عن الوطن، وهل حملت أعيادهم النكهة المصرية أم أن الطعم ومازال سوريا؟

الغصة ما تزال حاضرة


 يقول الإعلامي السوري ياسر الحلاق، "نحن نفتقد اليوم أحبابنا في سوريا (أحياء أم أموات) ونتألم لألم كل جائع أو محاصر أو معتقل على أرضها؛ لكن تبقى فرحة العيد واجبة شرعا وأملا في عيد قادم يعيدنا إلى هناك، حيث توجد أرواحهم وذكرياتهم".

وقال الحلاق لـ"عربي21"، "رغم أن السوريين في مصر قد نجحوا في استعادة بعض الطقوس الخاصة بهم في عيد الفطر والأضحى من خلال إنشاء شبكة علاقات اجتماعية جديدة وتأمين الحاجات السلعية الأساسية إلا أن الغصة ما تزال حاضرة عند غالبيتهم".


وكشف مدير فريق الطوارئ السورية التطوعي في مصر، أسباب غصة السوريون في العيد، وقال إن "أهمها هو غياب الأهل وكثير من الأصحاب عن المشهد المعتاد وبقاء أرواحهم وذكرياتهم في وطنهم الأم (سوريا) على الرغم من أن المصريين كانوا سندا حقيقيا ووفيا لأشقائهم المهاجرين بحسن الاستضافة ووافر المحبة والعطاء".

وأضاف الحلاق، "لقد نجح السوريون في التكيف مع الواقع الجديد بل واندمجوا فيه بكثير من التفاصيل فالكحك المصري مثلا أضحى اليوم صنفا محببا لدى العديد منهم، وكذلك أداء صلاة العيد في الساحات العامة بهذا الشكل الجماعي الملفت".

كثير من الحنين قليل من الألم

 "اللهم إرزقنا صلاة العيد القادم في شامنا الحرة"، كانت تلك أمنية الإعلامية السورية، سهير أومري، عقب صلاة عيد الفطر بين المصريات بمسجد بلال بن رباح بمدينة نصر شرق القاهرة.
 أومري، قالت لـ"عربي21"، "برغم أن أوضاعنا كسوريين بمصر، أفضل من إخواننا بدول الجوار أو اللجوء (الأردن ولبنان وحدود تركيا الجنوبية) حيث يعيشون بمناطق للإيواء؛ إلا أن عيدنا بمصر يطغى عليه كثير من الحنين لعيد سوريا".

وأضافت أومري المقيمة بالقاهرة وزوجها المهندس منذ عام 2012، "نعيش مثل المصريين ونسكن في عمارات سكنية مثلهم"، مؤكدة أن "هذه الميزة جعلت لدي السوريين بمصر كثير من التوازن والشعور بوجود الوطن البديل للمعيشة بشكل مؤقت، دون نسيان الأرض السورية والاستقرار بتراب غير ترابها".

وقال أومري "عشت وأسرتي آخر عيد لنا بسوريا عام 2012 بين القصف وصوت القذائف والانتقال من بيت لآخر فكان عيد مؤلم، واليوم رغم البعد عن الأهل والاغتراب عن الوطن فإن أولادنا يشعرون مع الأمان بالعيد، الذي بدأنا طقوسه مع الصلاة بالتجمعات الرائعة بالساحات، وسط المصريين وتبادلنا الحلوى والبلح".

الفرحة عبر الشات فقط

وأكدت أومري أن "طقوس السوريين بالعيد تنطوي على كثير من مشاعر الألم والحزن وانحصرت الفرحة أمام الشاشات وفي غرف الدردشة عبر سكايب ووسائل التواصل الأخرى للحديث مع الأهل والأقارب والأصدقاء المشتتين بكل دول العالم والتي غالبا ما تصحبها الدموع على ذكريات لا نعرف متى تعود".

 وحول الأطعمة والحلويات المصرية أكدت أومري أنهم تأثروا إلى حد ما بالكحك المصري الذي يأتيهم كهدية من الجيران المصريين؛ إلا أن ذلك لم ينسيهم أبدا المعمول السوري الذي يحرصون على صناعته بالمنزل أو شرائه جاهزا.

وأشارت إلى حرص السوريين على التجمع بالعيد ببعض المدن وخاصة مدينة العاشر من رمضان التي شهدت احتفالا وتجمعا كبيرا للسوريين يوم العيد، بجانب تنظيم رحلات للتسرية على الأطفال الأيتام بحدائق ومتنزهات القاهرة.

وأضافت أومري أن هناك حالة من التكافل بين السوريين مع فقرائهم عبر جمعيات اجتماعية مرخصة مثل (سوريا الغد وحمد الخطيب لرعاية الأيتام ومكتب نوافذ وأبواب مفتوحة)، مشيرة إلى أنها تعمل لخدمة السوريين رغم أن الحاجة تفوق القدرة بكثير خاصة مع قدوم عدد كبير من السوريين من السودان إلى مصر.