ملفات وتقارير

هل تكون الوهابية الهدف التالي لحملة ابن سلمان وابن زايد؟

حملة ابن سلمان وابن زايد ضد قطر ركزت على زعم دعمها لـ"التيارات المتطرقة" - تويتر
يُنظر إلى الهجمة التي تشنها السعودية ودولة الإمارات على قطر، وقطع العلاقات الدبلوماسية معها، باعتبارها توجها مباشرا يتبناه في البلدين كل من ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، وهو ما تحدثت عنه تقارير صحفية غربية من بينها تلك التي كتبها الصحفي البريطاني ديفيد هيرست. 

ومن التبريرات التي ساقتها الرياض وأبو ظبي في إجراءاتها ضد الدوحة، دعمها ما تسميها بـ"التيارات المتطرفة والإرهابية"، وهي حملة لقيت مساندة من التيار الديني التقليدي في السعودية أو ما يصطلح على تسميته بـ"الوهابية" نسبة إلى مؤسسه الشيخ محمد عبد الوهاب.

وتسلحت وسائل إعلام سعودية وإماراتية بفتاوى ومواقف لعلماء المدرسة الوهابية، التي أيدت الإجراءات التي أعلنتها الرياض وأبو ظبي والعواصم التي لحقت بها، بل وصل الحال إلى مطالبة عائلة آل الشيخ "أحفاد الشيخ محمد بن عبد الوهاب" بتغيير اسم أحد أكبر مساجد الدوحة الذي يحمله اسمه، ونفت وجود ارتباط عائلي بينها وبين أسرة آل ثاني الحاكمة في قطر.

اقرأ أيضا: هندرسون: الأميران يغيران وجه الشرق الأوسط، للأفضل أم للأسوأ؟

تيار ليبرالي وتيار وديني

وتساءل متابعون على مواقع التواصل الاجتماعي عن سرّ، توحد ما يعرف بالتيار الليبرالي مع التيار الديني الوهابي في تبرير الخطوات التي أقدمت عليها دول خليجية ضد الدوحة، على الرغم من المعارك الطاحنة بين التيارين طيلة عقود.

غير أن عودة صغيرة للوراء تذكر بما وصفتها وسائل إعلام عربية حينها بـ"الحملة المنظمة" التي شنها محمد بن سلمان ضد التيار الديني في البلاد، توجّه بالإعلان عن تنظيم جديد لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتقليص مهامها وصلاحياتها، وهو ما قابله التيار الليبرالي باحتفاء واسع في السعودي.



حالة الوفاق بين التيار الديني والليبرالي في السعودية في ظل الحملة على قطر، لا تعني أن المعارك بينها قد توقفت، بل إن المتابع للنقاشات على وسائل التواصل الاجتماعي يلحظ استمرارها، ربما كان آخر محطاته الجدل الواسع الذي اندلع بعد استضافة قناة روتانا خليجية إحدى قنوات روتانا المملوكة للوليد بن طلال الداعية المثير للجدل عدنان إبراهيم وحديثه عن حقوق المرأة، وهو ما دفع بمفتي المملكة عبد العزيز آل الشيخ، لمهاجمته ووصفه بـ"المشبوه بأفكاره وآرائه".



حرب الحكومة السعودية

في المقابل، أشارت صحف غربية إلى التناقض لدى السلطات السعودية التي تستخدم رجال الدين في حملتها ضد قطر، وفي ذات الوقت تعمل على تحجيمهم وتهميش دورهم في الحياة العامة للسعوديين، انسجاما مع التوجه الذي بدأه ابن سلمان.

فقد نشرت صحيفة لوموند الفرنسية في أيار/مايو الماضي تقريرا عن ما سمتها "الحرب التي تخوضها الحكومة السعودية ضد مشايخ الوهابية"، من خلال برامج ترفيهية مختلطة حظيت بموافقة الحكومة السعودية، كونها تندرج ضمن الرؤية التي وعد بها محمد بن سلمان تحت شعار "رؤية 2030".


وبينما تورد الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21" رأي ابن سلمان بهذه المشاريع بقوله: "الأجدر إلحاق المملكة بركب الدول التي تولي أهمية للمتعة والترفيه"، تنقل في ذات الوقت موقف مفتي البلاد الذي اعتبرها "غير أخلاقية نظرا لأنها تشجع على الاختلاط بين الجنسين".

الإرهاب والوهابية 

ويشكل استخدام الرياض وأبو ظبي مصطلح "التطرف والإرهاب" في تبرير الحملة على قطر وتسويقها غربيا، سلاحا ذا حدين، يمكن أن يستخدم في مرحلة ما ضد السعودية نفسها، إذ بادر سياسيون أوروبيون وأمريكيون إلى ربط "الإرهاب" و"تنظيم الدولة" مباشرة بالوهابية وأفكارها.


جاء ذلك مؤخرا على لسان عضو لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب كيليان كونواي التي قالت إن "السعودية تتهم قطر بتمويل الإرهاب، وهي تمول الحركات الوهابية الأكثر تطرفاً في العالم الإسلامي".


كما تحضر عند مناقشة أي صفقة سلاح بين الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية فكرة أن 15 شخصا من أصل 19 من المتهمين بتنفيذ تفجيرات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر هم سعوديون.

وفي هذا السياق، نشرت صحيفة "لافانغوارديا" الإسبانية تقريرا لها في العاشر من الشهر الجاري، علقت فيه على اتهامات الرياض للدوحة بدعم الإرهاب بالقول إن "السعودية تدعم الإرهاب أيضا".

وتشير الصحيفة في التقرير -الذي ترجمته "عربي21"- إلى أن "تنظيمي الدولة والقاعدة كانا المسؤولين عن سفك الدماء مرارا وتكرارا في كل من أوروبا والولايات المتحدة وغيرها من البلدان العربية الأخرى، وفي المقابل، تعد هذه الجماعات (أصدقاء ظلام) المملكة، حيث تتغذى على التطرف السني الذي تجسده لمدة عقود كل من السعودية الرائدة في الدعاية الوهابية الرجعية، جنبا إلى جنب مع قطر"، على حد قولها.


وتنقل الصحيفة عن الرئيس السابق لجهاز مكافحة التجسس الفرنسي إيف بونيه قوله: "نحن لا نجرؤ حتى على ذكر المملكة العربية السعودية وقطر، لكن من الضروري جدا أن يتراجع كلاهما عن تمويل بعض العمليات المثيرة للريبة".

كما كتب الصحفي المتخصص في شؤون الدفاع باتريك كوبيرن في أيار/مايو الماضي، مقالا في صحيفة "آي" البريطانية، هاجم فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في زيارته الأخيرة للرياض بالقول إنه "ألقى باللوم على الإرهاب، وبوجه خاص على إيران والأقلية الشيعية في المنطقة في حين أن تنظيم القاعدة نما في بلاد سنية مستمدا أفكاره من الفكر الوهابي المتشدد".

ماذا بعد قطر؟

ولا يخفي أنصار التيار الليبرالي في السعودية وداعميه في الإمارات على الرغم من التحالف الظاهري، محاولات الربط بين بعد رموز التيار الديني في السعودية وقطر وجماعة الإخوان المسلمين.

هذا ما يمكن ملاحظته في مواقع إخبارية إماراتية التي نشر واحد منها تقريرا يتهم الداعية المعروف محمد العريفي بتلقي مبلغ 7 ملايين ريال سعودي من مصرف قطري، في حين عرضت قناة أبو ظبي الأربعاء تقريرا عن العريفي اتهمته بالعلاقة مع جماعة الإخوان المسلمين وعضوية الاتحاد العالي لعلماء المسلمين الذي يرأسه الشيخ يوسف القرضاوي.



وتطرح الحملة على العريفي وغيره من رموز التيار الديني في السعودية بوسائل الإعلام التي تبث من الإمارات تساؤلات بشأن الهدف التالي لمحمد بن سلمان وبمحمد بن زايد، إذا ما أفضت إجراءاتهما بحق قطر وتيارات الإسلام السياسي إلى النتائج المرجوة منها.