سياسة عربية

محلل إسرائيلي يستعرض اتفاق المناطق الآمنة.. محور جديد يتشكل

قوات إسرائيلية في الجولان- أ ف ب
استعرض محلل إسرائيلي بارز للشؤون العربية، اتفاق إقامة "مناطق آمنة" في سوريا، وكيف ينعكس على مساعدة روسيا في الهرب من مسؤوليتها عن الهجوم الكيميائي في سوريا، وتشكيل محور جديد يحقق طموح إيران بأن تكون قوة عظمى، ويصور تركيا كدولة إقليمية حيوية.

استعراض سياسي الجديد

وقال محلل الشؤون العربية البارز في صحيفة "هآرتس" العبرية، تسفي برئيل؛ "بعد شهر من الهجوم الكيميائي في خان شيخون، وما تبعه من رد صاروخي أمريكي على سوريا، قدمت روسيا الاستعراض السياسي الجديد؛ مناطق آمنة".

وأكد برئيل، أنه في حال "نجاح روسيا في ذلك؛ فهذا من شأنه التسبب في نسيان مسؤوليتها عن الهجوم الكيميائي"، منوها أن "الاختراع القديم- الجديد الذي تطمح روسيا بواسطته لتقليص الحرب في سوريا والسعي إلى إيجاد حل سياسي؛ هو الاتفاق على إقامة مناطق قليلة التصعيد ومناطق آمنة".

فالاتفاق الذي وقعت عليه روسيا وتركيا وإيران دخل حيز التنفيذ منتصف ليلة الجمعة الماضي، وتم الإخلال به بعد عملية إطلاق النار التي وقعت في حماة، ومع معارضة بعض الفصائل للاتفاق بسبب توقيع إيران عليه، وفي ظل غياب الخطوات البديلة وعدم معارضة أمريكا له، "يجب منح الاتفاق فترة اختبار"، بحسب "معاريف".

ونوه المحلل، أنه رغم وجود اتفاق حول موقع المناطق الآمنة، لكن "رسم حدودها الدقيقة لم يتم بعد، وتنتظر المفاوضات التي ستجري في بداية حزيران القادم"، موضحة أن "المناطق الآمنة لن يكون فيها نشاط جوي، بما في ذلك نشاط قوات التحالف الدولي برئاسة أمريكا".

وأضاف: "تم الاتفاق على إقامة حواجز بين المناطق، وسيتواجد مراقبون سوريون لمتابعة تطبيق بنود الاتفاق، مع العمل على تقديم مساعدة إنسانية للسكان الذين يبلغ عددهم أكثر مليونين، في الوقت الذي سيتم فيه وقف فوري لإطلاق النار، وسيستمر تنفيذ الاتفاق لنصف عام مع إمكانية تمديده بناء على تفاهم الأطراف".

إسرائيل مستمرة بالعمل

وأشار برئيل، إلى أن "الاتفاق لا يمنع محاربة داعش، ويفهم من ذلك إمكانية الدفاع عن منظمات أخرى مثل "تحرير الشام" و"جبهة احتلال الشام" التابعتين للقاعدة، وذلك إضافة للمنظمات التي تعتبرها سوريا وايران منظمات إرهابية"، موضحا أن نجاح تطبيق الاتفاق "سيتيح لمئات آلاف اللاجئين والمشردين الانتقال إلى تلك المناطق، بما في ذلك من يعيشون في تركيا ولبنان والأردن، وبذلك يتقلص الضغط الاقتصادي على تلك الدول، وهذا يتطلب من المؤسسات الدولية زيادة مساعدتها للاجئين".

ولفت المحلل الإسرائيلي، إلى أن "اختيار الأماكن التي ستعتبر "قليلة التصعيد" ليس صدفة، فمنطقة درعا من المفترض أن تعطي إجابة على تخوفات إسرائيل من نشاط الجيش السوري والمليشيات التابعة لإيران في هضبة الجولان، في الوقت الذي يسعى فيه حظر الطيران إلى عدم قيام الأردن بالقصف".

وفي محيط إدلب يوجد تواجد مكثف لمحاربي المليشيات الذين تم اخلاؤهم من حلب ومدن أخرى، واقامة المنطقة الآمنة "ستمنح روسيا والقوات السورية إمكانية الرقابة على نشاطاتها، وفي المقابل، منطقة الحدود بين سوريا وتركيا، التي تعيش فيها أغلبية الأكراد، وتعمل فيها قوات حزب العمال الكردستاني، ستبقى خارج المناطق الآمنة، وبالتالي تستطيع تركيا الاستمرار في قصفها"، بحسب المحلل.

وتابع: "كما أن مدن الرقة ودير الزور التي ما زالت داعش تسيطر عليها، غير مشمولة في الاتفاق، والحدود السورية اللبنانية لا تشملها قيود القصف، وهو الأمر الذي سيمكن إسرائيل من الاستمرار في العمل في المناطق التي يتم نقل السلاح عبرها من سوريا إلى حزب الله في لبنان".

المناطق الآمنة ليست جديدة

وأكد محلل الشؤون العربية، أن "إقامة المناطق الآمنة ليست فكرة جديدة، وتركيا طالبت بإقامتها منذ بضع سنوات، حيث أن الهدف الأساسي منها؛ هو إنشاء مناطق على طول حدودها مع سوريا لمنع القوات الكردية من العمل"، موضحا أن "أوروبا والولايات المتحدة في السابق عارضتا هذه الفكرة خشية أن الرقابة ستتطلب التدخل العسكري في العمق السوري وإرسال قوات برية كبيرة لضمان ذلك".


ومع عدم توقيع أمريكا وحلفاءها في أوروبا على الاتفاق، فهم "غير ملزمين بالتدخل، وبالتالي أزيلت العقبة الأساسية أمام إقامة المناطق الآمنة، لكن ذلك لا يعفيهم من دفع ثمن نقل السيطرة الشاملة على تطورات الحرب الى أيدي روسيا، وهذا أمر ليس جديدا، فمنذ أيلول 2015 بدأ النشاط الجوي في سوريا، وسيطرت روسيا على الجبهة السياسية والعسكرية في الدولة وفرضت كيفية الحل هناك".

وأما الخطوة الأخيرة والجديدة بحسب برئيل، والتي هي على شكل إقامة المناطق الآمنة، واستمرارا لسياسة وقف إطلاق النار محليا، هو "مساحة المنطقة الكبيرة التي سيتم فيها وقف إطلاق النار ونجاح محور روسيا –ايران – تركيا في اقامة بديل حقيقي لتحالف الغرب".

ورأى أن أهمية هذا المحور "أكبر من نشاطه في سوريا، فهو يحقق طموح ايران بأن تكون قوة عظمى قادرة على المساعدة في حل الأزمات الاقليمية، كما أنه يصور تركيا كدولة إقليمية حيوية تحت مظلة روسيا وليس الولايات المتحدة".