قضايا وآراء

فيلم المقاصة –الزمالك (2)

1300x600
عاشت مصر المحروسة الأسبوع الماضي الجزء الثاني من الفيلم الرديء الهابط المبتذل والمكرر فيلم  المقاصة –الزمالك، بعدما عاشت طوال شهر مارس/آذار تقريبا على إيقاع الجزء الأول الذي امتلك الدخيل على السياسة والرياضة المختطف للنادي الزمالك مرتضى منصور بعض الحق فيه، حتى لو استخدمه في الاتجاه الخاطىء والباطل.

أما في الجزء الثاني فقد بدا الدخيل عاريا حتى من دعم رعاته ومشغليه، مع حزمة من الترهات وتفاهات السحر والشعوذة وممارسة التكفير الرياضي بحق معارضيه، خاصة من أبناء الزمالك الأصليين "اللي بيفهموا كورة"، وهم من مثلوا ويمثلون عقدة تاريخية للدخيل سيئ الذكر.

في الفيلم الأول ارتكب الحكم الدولي رقم (1) في مصر جهاد جريشة صديق وحبيب سيئ الذكر، الذي كان تجاوز كل المعايير الاحترافية والرياضية عندما شارك في عراضة انتخابية له قبل عامين ارتكب خطأ كبيرا، ولكن وارد الحدوث، لم ير لمسة يد واضحة جدّا لمدافع المقاصة، كانت تستوجب ضربة جزاء. جريشة الحكم الجيد والمجتهد منعته زاوية الرؤية من متابعة اللعبة، بينما مرتضى منصور استغل الأمر إلى أقصى درجة، وأمر بالانسحاب في أثناء المباراة نفسها في مشهد مهين ومزري، ثم هدد بالانسحاب من الدوري، بعد ذلك، وطالب بإعادة المباراة في تعارض وانتهاك لكل قوانين كرة القدم، ووصلت المهزلة إلى حد المطالبة بإعادة المباراة منذ حدوث اللعبة؛ أي منذ الدقيقة 66.

طوال شهر تقريبا تنقل سيئ الذكر من قناة إلى أخرى، موجها التهديدات والشتائم والابتزاز لكل خصومه  ومعارضيه، مقابل خنوع بل صمت ومحاباة من قبل اتحاد الكرة، رغم أن الأخطاء هي جزء من كرة القدم  شغفها وإثارتها ومتعتها،كما أن الزمالك نفسه استفاد هذا الموسم، تحديدا من الأخطاء عدة مباريات مثل وادي دجلة، وحتى مباراة المصري في الدور الأول، التي تجاوز فيها جريشة نفسه عن ضربة جزاء واضحة  مماثلة لتلك التي حدثت في مباراة الأزمة.

الدخيل على السياسة والرياضة يمارس في الحقيقة الدور المرسوم له من قبل الغرفة السوداء، التي تدير البلد ككل، ولها أذرع عدة في الرياضة يعدّ مرتضى منصور إحدها كما الشركة الراعية للاتحاد اللقيطة برزتيشن التي تدير كرة القدم مباشرة، كما اعترف عضو الاتحاد كرم كردي التي يملكها أحد الجنرالات المتنفذين والحاكمين للبلد، بينما أحمد محجوب عبد الدايم أبو هشيمة ليس سوى قناع أو إداة لهذا الجنرال.

أما الدور المرسوم لمرتضى في السياسة والرياضة، فيتمثل بسياسة الإلهاء والإشغال وفق الوثيقة الأمنية التي كشف عنها الكاتب علاء الأسواني منذ فترة، وتتضمن إلهاء دائما للناس عن مشاكلهم ومشاغلهم وهموم حياتهم، وعن فشل وعجز النظام بإثارة سجالات وجدالات، وحتى نقاشات مستمرة، وفي عدة مستويات وسياقات سياسية اجتماعية فنية ورياضية، وتستحوذ الرياضة التي وصفها أحد المفكرين اللاتينين بأفيون الشعوب، تعدّ الحقل المثالي لممارسة هذه السياسة اللئيمة والمجرمة التي يمثل مرتضى منصور أحد ركائزها في الرياضة والسياسة على حد سواء.

إضافة طبعا إلى خدمة أسياده مشغليه سعى ويسعى مرتضى إلى تحقيق أهداف شخصية ضيقة، تتضمن التغطية على فشله، وعدم امتلاكه القدرات والمواهب اللازمة لقيادة نادي عريق بحجم الزمالك، وتهيئة الظروف لولي العهد ابنه أحمد لتولي الرئاسة بعده، على أن يرثه ولي ولي العهد أمير في سابقة لم تحدث في النادي، ولا حتى في الرياضة بشكل عام. ويبدو أنه استحضار بائس لفكرة التوريث، لكن في الرياضة برغم أن المبدأ نفسه سقط في جوهره السياسي مع ثورة يناير العظيمة.

في كل الأحوال لم يحدث شيء ولم تُعَدْ المباراة، وكل ما حصل عليه منصور غير البروبغندا إعلامية وخدمة أسياده، كان تأجيل مباراة واحدة للزمالك مع الجيش أوائل مارس مع حجب النقاش والانتباه عن حال التخبط وعدم الاستقرار الرياضي والمستوى المتدن، الذي وصل إليه النادي في عهده، بحيث بات يكافح للحفاظ على المركز الثالث وليس حتى مركزه المفضل الثاني، ناهيك عن المنافسة على اللقب.
في فيلم المقاصة الزمالك (2) ودائما من صنع المؤلف والمخرج عينه، وجد مرتضى نفسه في مواجهة برزنتيشن التي تدير كرة القدم، غير أنه انسحب فاتحا معركة مع اتحاد الكرة والمخلصين من أبناء الزمالك الذين رفضوا مجاراته  هذه المرة في الابتذال والهبوط.

كانت المباراة مقررة يوم 15 نيسان وصادف إجراء مبارتين في الدورى الإفريقي -لسموحة والمصري-. ولأن الشركة الراعية التي يمتلكها ويديرها العسكر- ضمن هيمنتهم على مناحي الحياة كافة، ونهب البلد وخيراته- تريد تحقيق أكبر  فائدة مالية وإعلامية، ولأن من الصعب التحكم بالاتحاد الإفريقي وأجندته، قررت الشركة تأجيل مباراة الزمالك والمقاصة إلى اليوم التالي، ولكي لا يظهروا في الصورة أو يكونوا في دائرة الضوء، ولا يضطروا لدفع ثمن مادي، ولو ضئيل لمرتضى منصور قرروا استغلال الحجة المثالية التي لا يستطيع أحد مواجهتها، حجة الأمن، وضربوا كالعادة خطابات من الأمن لتأجيل المباراة، والموافقة على إجرائها في اليوم التالي 16 نيسان، وبالتالي بات مرتضى محشورا؛ كونه يعرف السبب الحقيقي للتأجيل، لكنه لا يستطيع فتح فمه عن المتحكم بالأمن الذي يديره لمصلحته، وبعد التراجع عن الانسحاب الأول في الجزء الأول من الفيلم الهابط، لم يكن أمامه إلا التمسك بالانسحاب في الجزء الثاني في مشهد مشين آخر وأمام عدم امتلاكه لأي حجة ولو واهية، لتبرير موقفه فتح المعركة على أعضاء اتحاد الكرة الضعاف المغلوب على أمرهم، كما على بعض معارضيه من الإعلاميين وأبناء نادي الزمالك المخلصين ورموزه، وطبعا دون أن يتجرأ على مواجهة أو انتقاد من تلاعبوا بالجدول ومن أجّلوا المباراة فعلا.

إضافة إلى الأسباب السابقة، وفي الحد الأدنى مارس منصور في الفيلم الثاني أيضا سياسة الإلهاء والإشغال، ولذلك تم الرفق معه من قبل مشغليه ومحركيه، ولم يتحدث الناس عن تفجير الكنائس أو قانون الطوارىء أو حتى الحرب على الأزهر، وانشغلت الساحة لأسبوع كامل تقريبا بمهزلة الانسحاب والعقوبات، ولولا الازدحام والأجندة الكروية لتواصل عرض الفيلم المكرر الهابط والمبتذل لشهر كامل، كما حصل في الجزء الأول.

في الحقيقة، إن مرتضى منصور يشبه أكثر ما يشبه نظام السيسي، هو الشخص الأكثر تعبيرا عن فظاظة وبشاعة وعنجهية وإجرام النظام، وصل الزمالك في عهده إلى الوضع الأسوأ؛ بحيث بات مدمرا تماما، كما أقر هو شخصيا منذ أيام في استعارة لما فعله السيسي مع البلد برمته، وعموما يمكن وضع الدخيل على السياسة والرياضة في السلة نفسها مع توفيق عكاشة أحمد الزند وآخرين، سيسقط مرتضى ويكون في مكانه الطبيعي السجن، عندما يسقط النظام عاجلا أو آجلا، وقد يتحول حتى قبل ذلك إلى عبء على النظام؛ نتيجة لأي خطأ أو حسابات ناقصة، ويتم التخلص منه تماما وإلقاؤه من السفينة الغارقة تماما، كما حصل مع رفاقه وأصدقائه عكاشة والزند.