ملفات وتقارير

ماذا يريد رئيس حكومة الوفاق بليبيا السراج من روسيا؟

فائز السراج ليبيا أ ف ب
فائز السراج ليبيا أ ف ب
ما زالت زيارة رئيس مجلس رئاسة حكومة الوفاق الليبية فائز السراج، ونائب رئيس الحكومة أحمد معيتيق، ووزير الخارجية محمد سيالة، ورئيس لجنة الترتيبات الأمنية العميد تجمي الناكوع إلى روسيا، يحيطها الغموض، في ظل تصريحات تغلب عليها العمومية.

إلا أن أجواء الزيارة جاءت عقب رفض اللواء المتقاعد خليفة حفتر الجلوس على طاولة تفاوض واحدة مع رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج، برعاية اللجنة الوطنية المصرية المشتركة في العاصمة القاهرة، منتصف فبراير/ شباط الماضي؛ للتفاوض بشأن تعديل الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات المغربية.

وعقب عودته في اليوم التالي، طلب السراج من حلف شمال الأطلسي تدريب قوات الجيش والشرطة الليبية، كرد مباشر على إفشال مصر، ورفض حفتر لقاءه في القاهرة، وهي رسالة من جانب آخر لروسيا التي تتبنى الدفاع عن معسكر شرق ليبيا، الذي يضم البرلمان وقوات حفتر.

يقولون المقربون من رئيس حكومة الوفاق إنه يرفض اختزال حكم ليبيا في العاصمة طرابلس، والقوى المؤيدة للاتفاق السياسي غربي البلاد، وأن يخضع الشرق الليبي لحكم حفتر العسكري، في تقسيم سلطات فعلية للبلد؛ لذا لجأ إلى إدارة الرئيس فلاديمبر بوتين؛ للضغط على حفتر وحلفائه الإقليميين؛ للقبول بدور للجنرال المتقاعد ضمن مرجعية اتفاق الصخيرات، وتحت سلطة حكومة الوفاق.

وماطل السراج في تسمية رئيس أركان للجيش، وإصدار قرارات بتعيين كبار قادة قوى الجيش والأمن في ليبيا، في انتظار أن يوافق حفتر ورئاسة مجلس النواب على التفاوض والدخول تحت مرجعية الاتفاق السياسي، ومن ثم إمكانية أن يسمي الشرق الليبي حقائبه الأمنية والعسكرية والمدنية.

ماذا سيقدم السراج لبوتين

ارتبطت روسيا بليبيا إبان نظام العقيد الراحل معمر القذافي بعقود في مجال التسليح، وإنشاء سكة حديد تربط شرق ليبيا بغربها وجنوبها، إلا أنها تضررت من ثورة فبراير/ شباط 2011، حيث دمر حلف شمال الأطلس ترسانة أسلحتها التي استعملتها كتائب النظام السابق في حرب الثوار، ما أضر بمبيعاتها من الأسلحة لبعض الدول، ومنها الهند التي أعلنت مراجعة بعض عقود التسليح مع موسكو.

وتسعى موسكو إلى الحصول على تطمينات بتفعيل عقودها السابقة مع نظام القذافي، من جميع الأطراف الليبية، ومنها حكومة الوفاق المعترف بها دوليا، كجزء من مناورة تقوم بها لحماية مصالحها. 

إضافة إلى مساومة القوى الغربية والولايات المتحدة الأمريكية في ملفات أخرى من خلال ليبيا، كأزمتها في شرق أوروبا، والملف السوري.

ويمنح استقرار روسيا موقعا متقدما على الأقل في الأشهر القادمة، في ظل انشغال إدارة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب بمشاكل داخلية، وقرب الانتخابات الفرنسية التي ينافس فيها اليمين الفرنسي على شغل رئاسة الجمهورية، مع احتمال دخول إيطاليا في العام الجاري على استحقاق انتخابي، يتصارع فيه اليمين واليسار على مقاعد البرلمان.

وتدخل الجزائر على انتخابات تشريعية في مايو/ أيار القادم، وانشغال نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بمشاكل داخلية، أبرزها الاقتصاد، ونصيحة إسرائيل للولايات المتحدة برفض تمكين دولة كمصر من ثروات ليبيا؛ لعدم وجود ضمانات استقرار نظام حكم مصر، وإمكانية انتقال السلطة فيها لنظام معاد لإسرائيل، يستفيد من تراكم ثروات ليبيا لدى مصر.

وتجعل كل هذه العوامل الدولية والإقليمية روسيا هي الأقدر -بسبب ما تحظى به من استقرار- على صناعة معادلات سياسية، سواء بين دول جوار ليبيا، أو الدول الإقليمية المتدخلة في الأزمة الليبية، كقطر وتركيا والإمارات والسعودية، وما تملكه من حق النقض داخل مجلس الأمن، إضافة إلى تنسيقها مع الصين في كثير من القضايا المتعلقة بالشرق الأوسط داخل مجلس الأمن.

حفتر والقاهرة

أبلغت اللجنة المصرية المعنية بالشأن الليبي رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج، أن قائد عملية الكرامة خليفة حفتر رفض لقاءه دون إبداء أي مبررات أو أعذار، وهو ما وصفه السراج بـ"الفرصة الضائعة التي كانت يمكن لها أن تكون مدخلا لإنهاء حالة الانقسام".

وفسر بعض المراقبين سلوك الجنرال الليبي المتقاعد بأنه بإيعاز مصري، وأنه غير قادر على مخالفة ما يمليه مسؤول الملف الليبي، رئيس أركان حرب القوات المسلحة الفريق محمود حجازي، الذي يدير دفة توجهات وقرارات رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، وقائد عملية الكرامة اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

بينما يجنح آخرون إلى أن حفتر يرفض في بعض الأحيان توجهات مصر في أزمة ليبيا، خاصة أن القاهرة مقتنعة بإمكانية تحقيق مكاسب بالسياسة، وأن الحل العسكري ليس ممكنا في جميع الحالات والظروف.

ويرى هذا الفريق من المحللين أن حفتر يتصرف مع القاهرة بطريقة الند، ليقينه أن مصر ليس لديها بديل عنه لتحقيق مصالحها في ليبيا، ويحمي حدودها الشرقية، ويمكن أن يكون جسرا لنظام الرئيس السيسي إلى مناطق أبعد من الشرق الليبي.

يبقى اتفاق الصخيرات السياسي هو المحطة الأخيرة من الصراع الليبي، إما أن يصمد بصورته الحالية، أو أن تتفق أطراف الأزمة على تعديله، أو ينهار وتدخل ليبيا في احتراب داخلي تغذيه أطراف إقليمية، إلا أنها حرب بلا منتصر. 
التعليقات (0)