مقالات مختارة

حين ماتت السياسة

فهمي هويدي
1300x600
1300x600
من أخبار الأسبوع أن أجهزة التفتيش والرقابة بوزارة الداخلية واصلت التحقيق مع 30 ضابطا وأمين شرطة وردت أسماؤهم في التحقيقات التي تجريها النيابة العامة مع تاجر المخدرات الشهير (كفتة)، بعد ضبطه أثناء تسلم صفقة مخدرات بأحد أحياء القاهرة؛ إذ كشفت التحقيقات عن تورط لواء شرطة وعدد آخر من الضباط من مختلف الرتب معه. 

وقال مصدر أمنى إن هدم «كافيتريا» خاصة بالمتهم ضمن حملات إزالة المقاهي المخالفة كانت وراء كشف خلاف بين التاجر وأحد الضباط؛ لأن الأخير لم يقم بما عليه في حماية المقهى، الأمر الذي سبب له خسائر قدرت بنحو مليون ونصف المليون جنيه.

وأضاف المصدر أن تحريات أجهزة وزارة الداخلية أفادت بأن المتهم صاحب المقهى كان يخزن المخدرات بأحد المدافن، وأنه سبق اتهامه في عدة جرائم، الأمر الذي أدى إلى تصنيفه «مسجل خطر فئة أ»، كما أنه كان أحد أعوان قيادة بالحزب الوطني المنحل (في عهد مبارك). وقد اتهم في جريمة قتل أثناء ثورة يناير، وألقى القبض عليه، وسجن ثلاث سنوات، قبل نقله إلى منطقة سجون طرة وتخصيص غرفة خاصة له مجهزة بجميع الأجهزة الكهربائية، قبل أن يخرج من السجن ويتولى حماية أحد مرشحي البرلمان بدائرة الخليفة.

في التحقيق مع المتهم، ذكر أن له علاقات متعددة واتصالات مع عدد كبير من ضباط الشرطة، وقد تم رصد عدة مكالمات له مع آخرين من الضباط كان أحدهم برتبة لواء. وأثناء التحقيق مع ثلاثة من أولئك الضباط أنكروا الاتهامات المنسوبة إليهم، وقالوا إنهم على علاقة بالمتهم، لكن ليست لهم صلة بتجارة المخدرات، وقد أورد التاجر أسماءهم نكاية فيهم لعدم التعاون معه في تجارته.

معلومات التقرير أعلاه وردت نصا في خبر نشرته جريدة «الشروق» على صفحتها الأولى يوم 24 فبراير الذي غادرناه توا، وكنت قد احتفظت بقصاصة الخبر لمتابعة الموضوع إلا أنني فوجئت بخبر آخر نشرته الجريدة ذاتها بعد أربعة أيام (28/2)، تحدث عن أن المحامي العام الأول لنيابات شمال الجيزة، أمر بحبس رئيس مباحث قسم شرطة شبرا الخيمة ثان واثنين من معاونيه أربعة أيام على ذمة التحقيقات؛ لاتهامهم بالاتجار في الأسلحة، على خلفية القبض على شبكة للاتجار فيها، وكانت تفاصيل القضية قد تكشفت في منتصف شهر فبراير حين ضبط أحد الأشخاص وبحوزته 22 سلاحا ناريا. وبلغ عدد المتهمين في القضية تسعة أشخاص بينهم 3 من تجار الأسلحة وأمينا شرطة وعاطل.

ما أزعجني أنني حين حاولت تتبع تلك الحوادث، وقعت على تقرير مثير نشره موقع «المصري اليوم» بتاريخ 16/11/2016، أعده الزميل أحمد خير الدين؛ إذ تضمن قائمة بالجرائم التي وقعت على مدى العام (2016)، وكان المتهمون فيها ضباطا وأمناء شرطة، وتراوحت تلك الجرائم بين القتل والاتجار في المخدرات والتزوير والسرقة.

في هذا الصدد، يحسب لوزير الداخلية أنه لم يتسامح مع تلك الانحرافات، وإنما أتاح للقانون أن يأخذ مجراه، في التحقيق والمساءلة. مع ذلك فإن التفاصيل المنشورة تثير عدة ملاحظات في مقدمتها ما يلي:

<إن الأخبار المنشورة تتعلق بتحقيقات لا عن إدانات أو أحكام نهائية، لأن الأمور عادة ما تختلف في المراحل الأخيرة.

< إن الانحراف لم يعد مجرد حالات فردية ولكنه أصبح ظاهرة في محيط الشرطة يتعذر التقليل من شأنها.

< إن نوعية الجرائم التي ضبطت ليست مألوفة (تجارة السلاح مثلا) فضلا عن أن نفوذ تجار المخدرات في قطاع الشرطة مثير للانتباه (تورط أحد اللواءات وتوفير كل الأجهزة الكهربائية لأحدهم في سجنه).

< إن تاجر المخدرات أدين في قتل أحد المتظاهرين أثناء ثورة 25 يناير، وكان ضمن معاوني أحد المرشحين للانتخابات البرلمانية.

< إن الكلام كله عن انحرافات رجال الشرطة في القضايا الجنائية، في حين أن ما يحدث في القضايا السياسية مسكوت عليه ولا ذكر له.

< إن المقاهي المخالفة التي غزت الأحياء الهادئة وأشاعت فيها الفوضى فضلا عن إزعاج السكان أقيمت إما تحت حماية الشرطة أو بالمشاركة مع ضباطها.

إن دور الشرطة في حماية المجتمع لا غنى عنه، ولا ينبغي التقليل من شأنه، لكن ظاهرة الانحراف الاستثنائية بين عناصرها تتطلب تحقيقا نزيها يتحرى الأسباب الكامنة وراء ذلك، خصوصا صلتها بنهج إماتة السياسة، وعواقب إطلاق يد الأمن في التعامل مع المجتمع دون مراجعة أو مساءلة له، وهو ما أعطى انطباعا بأن الشرطة فوق المجتمع والقانون وليست تحتهما، وهو ما أدى إلى زيادة حجم البقعة السوداء في الثوب الأبيض.

(عن صحيفة "الشرق" القطرية)
3
التعليقات (3)
مُواكب
الجمعة، 03-03-2017 04:09 ص
دائرة الحكومات المافياوية والمخابراتية تنمو وتتسع، من موسكو إلى القاهرة، تحت زعامة أقطاب المخابرات العالمية، من بوتين إلى السيسي وجنرالاته اللصوص في المجلس الأعلى للقوات المسلحة، مرورا بعلي مملوك واللواء حفتر العميل المعلن للمخابرات الأمريكية والمعجب بمهارة بوتين والسيسي في القضاء على أهل السنة. علاقة هؤلاء مع العصابات الإجرامية المنظمة تتفاوت من قيادة بعضها، كحال الرئيس الروسي، وزعيم الضاحية الجنوبية، إلى مُجند كحال الرئيس المصري. تجارة المخدرات هي عصب هذه المنظمات والحروب يجب أن لا تتوقف للتغطية. لهذا السبب فإن لم تكن هناك قاعدة أو داعش فيخترعونها ببساطة. ما تفضل الأستاذ فهمي بذكره لا يعدو أن يكون رؤوس أقلام .
طارق
الخميس، 02-03-2017 01:12 م
اين هو الثوب الابيض يا استاذ فهمى احلم ان ارى ولو قصاصه بيضاء

خبر عاجل