سياسة عربية

هل يتجدد الصدام بين الحكومة واتحاد الشغل في تونس؟

الشاهد أقال وزيرا محسوبا على الاتحاد العام للشغل- أرشيفية
الشاهد أقال وزيرا محسوبا على الاتحاد العام للشغل- أرشيفية
قال عبيد البريكي عضو المكتب التنفيذي الأسبق للاتحاد العام للشغل ووزير الوظيفة العمومية والحوكمة المُقال، السبت، إنه تفاجأ بالتعديل الوزاري الذي باشره رئيس الحكومة يوسف الشاهد، مشيرا إلى أن الأخير اتصل به، ولم يُعلمه بأي تعديل.

وأعلن الشاهد، السبت، إجراء أول تعديل وزاري على حكومته التي باشرت عملها في 29 آب/أغسطس 2016، عين بموجبه أحمد عضوم وزيرا للشؤون الدينية، وخليل الغرياني وزيرا للوظيفة العمومية والحوكمة خلفا لعبيد البريكي، وعبد اللطيف حمام في منصب كاتب دولة مكلف بالتجارة.

اقرأ أيضا: يوسف الشاهد يجري أول تعديل وزاري على حكومة تونس

وكان البريكي، قد أعلن، الجمعة، أنه يُفكّر في الاستقالة مُؤكّدا وجود ضُغوطات من أطراف لم يُحدّدها، مُشيرا إلى أنه لا يُريد أن يتحوّل لعُنصر مُعطّل للعمل الحكومي، وأن قراره النهائي سيتوضّح في بداية الأسبوع القادم.

والبريكي، الذي لُقّب إعلاميا برجل الاتحاد داخل الحكومة، كان قد التحق بالتشكيل الحكومي الذي صادق عليه البرلمان التونسي يوم 26 آب/ أغسطس 2016، كترجمة لدعم الاتحاد لوثيقة قرطاج التي أفرزتها.

الاتحاد يرد

ولم يتأخّر ردّ اتحاد الشغل على هذا التّحوير، حيث تزامن بلاغ الحكومة مع نشره بيان مكتبه التنفيذي المنعقد الجمعة ليُسجّل "تواصل تعثّر المفاوضات في القطاع الخاص رغم مرور عام على إبرام اتّفاق مبدئي لإنهائها في آجال معقولة"، وهو ما "خلق مناخا متوتّرا في المؤسّسات أصبح يهدّد الاستقرار الاجتماعي ويعمّق الأزمة الاقتصادية الحالية"، داعيا اتحاد الصناعة والتجارة إلى الإسراع بالإيفاء بتعهّداته وإنهاء هذه المفاوضات بما يحقّق انتظارات عاملات وعمّال القطاع الخاص، وفق نص البيان.

وأشار البيان إلى "تردّي المناخ الاجتماعي في المؤسّسات التربوية بشكل بات يهدّد السنة الدراسية الحالية"، داعيا الحكومة إلى "وضع حدّ للاحتقان والتجاذب خدمة لمصلحة التلاميذ والحفاظ على المدرسة العمومية".

وأكّد البيان "استمرار تدنّي القدرة الشرائية للمواطنين نتيجة التهاب الأسعار وتواصل السياسات العاجزة على مقاومة مسالك التوزيع الاحتكارية وغير القانونية والضعيفة أمام شبكات التهريب الفاسدة"، مُطالبا الحكومة بالإسراع في "اتخاذ تدابير عاجلة لوقف هذا التدهور الذي تضرّر منه التونسيات والتونسيين منذ أشهر"، وفق تعبيره.

وندّد المكتب التنفيذي للاتحاد في بيانه بما أسماه "تلكّؤ جهات وزارية وإدارية في تطبيق ما تمّ الاتفاق عليه في عدد من القطاعات، وهو الأمر الذي خلق حالة احتقان وتوتّر ينذران بردود فعل لا يمكن ضبط عواقبها"، وفق المصدر ذاته.

رسالة مشفّرة

من جهته؛ قال الأمين العام المُساعد للاتحاد العام التونسي للشغل، سامي الطاهري، إن الاتحاد العام التونسي للشغل قرّر عقد اجتماع طارئ للمكتب التنفيذي، الأحد، لمُناقشة هذا التغيير الحكومي "الذي لا يُلبّي انتظارات جميع المتابعين للشأن الحكومي"، وفق تعبيره.

وأَضاف الطاهري، في تصريح لصحيفة "Tunisie Telegraph"، أن الاجتماع الطارئ سيناقش "الرّسالة المُشفّرة" التي أرسلها الشاهد للاتحاد، مُؤكّدا أن الاتحاد سيُناقش كل الاحتمالات.

وكتب الطاهري تدوينة على صفحته في الـ"فيسبوك" قال فيها: "رصّوا الصفوف .. توحّدوا..استعدّوا .. فالرسالة واضحة".



وقال المستوري القمودي، الكاتب العام للنقابة العامة للتعليم الأساسي في الاتحاد العام التونسي للشغل، إن "ما أقدم عليه الشاهد لا يرتقي أصلا لأن يوصف بأنه تغيير وزاري."

وأضاف القمودي، في تصريح لـ"عربي21"، أن الشاهد بمُحافظته على وزير التربية ناجي جلول الذي يُطالب الاتحاد بإقالته من جهته، وإقالة العبيد البريكي وتعويضه بشخصيّة عُرفت بعدائها للإتحاد العام التونسي للشغل من جهة أخرى، أعلن عن التصعيد مع الاتّحاد.

وتابع: "الرّسالة وصلت، ومن جهتنا، سنواصل تحرّكاتنا النّقابية إلى حين تحقيق مطالبنا".

يُذكر أن قطاع التعليم في تونس يشهد أزمة غير مسبوقة بين وزير التربية ونقابات الأساتذة والمعلمين التي تتهمه بأنه أهان المُربّين وأقصاهم من عملية الإصلاح التربوي وتُطالب بإقالته.

وضع قابل لكل الإحتمالات

واستبعد المُحلّل السياسي، علي اللافي، أن يمضي الاتحاد في معركة "كسر عظام" مع الحكومة، باعتبار أن أمينه العام الحالي، نور الدّين الطبوبي، ليس رجل صدام، وأنه رجل حوار ونقابي متمرس يؤثر الدور الوطني للاتحاد بدون أن يفرّط في مطالب منظوريه، وفق تعبيره.

وأكّد اللافي، في تصريح لـ"عربي21"، أن الوضع مفتوح على كل الاحتمالات، مُتوقّعا أن تشهد العلاقة بين الحكومة واتحاد الشغل أزمة سيقع احتواؤها، قبل أن تتفاقم.

واعتبر اللافي أن الرّسالة الأساسية التي أرسلها الباجي قائد السبسي عبر رئيس الحكومة يوسف الشاهد، وعبر هذا التغيير الوزاري، تتعلّق أساسا برفض تدخّل ااتحاد في الشأن السياسي من خلال مُطالبته الصّريحة بإقالة وزير التربية والضغط عبر إضرابات الأساتذة والمُعلّمين من أجل تحقيق ذلك.

وتابع: "السبسي مُصمّم على دفع الاتحاد للعودة والاكتفاء بمُربّعه الاجتماعي .. ولسان حاله يقول إن تركيبة الحكومة ليست شأنا نقابيا".
التعليقات (0)