صحافة دولية

لقاء تيريزا بدونالد: شخصان مختلفان سياسيا لكنهما مهمان للغرب

واشنطن بوست: ماي أول زعيمة في العالم تلتقي بترامب في المكتب البيضاوي- أرشيفية
واشنطن بوست: ماي أول زعيمة في العالم تلتقي بترامب في المكتب البيضاوي- أرشيفية
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا لكل من غريف وايت وآن غيران، حول زيارة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي اليوم الجمعة لواشنطن، لتكون أول زعيمة في العالم تلتقي بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في المكتب البيضاوي، مشيرة إلى أنه سيكون لديهما الكثير من الأمور المشتركة للتحاور فيها.

وتقول الصحيفة إن "كلا من ترامب وماي وصلا إلى السلطة إثر موجة من الصدمة الشعبوية عام 2016، وكلاهما وعد بتغيير جذري في بلديهما، وكلاهما يقود بلدا في قلب التحالف الغربي، الذي يواجه أخطر أزمة هوية منذ عقود".

ويستدرك التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، بأنه "مع ذلك، فإن خلف هذه التشابهات تكمن اختلافات جذرية في الأسلوب المضمون، ما يجعل التشبيه بثاتشر وريغان والتقارب بين البلدين غير صحيح؛ لأن هناك اختلافا في التوجهات السياسية بين ماي وترامب".

ويبين الكاتبان أن "ماي عكس ترامب تماما؛ فهي سياسية براغماتية، وعضو في مؤسسة سياسية، ولديها خبرة تمتد لعقود، ولها مواقف تتماشى مع التيار العام في القضايا المهمة، مثل التجارة والأمن، وهو ما يضعها في موقف خلاف مع ترامب، الذي يدعو إلى سياسة الحماية والانعزال، بالإضافة إلى أنها تغرد حول أعياد الميلاد واليوم العالمي للإيدز، وليس حول التزوير في الانتخابات والتزوير في وسائل الإعلام الإخبارية والمشاهير والمعارضين السياسيين، وتقدر قيمة حلف الناتو العسكري، ونظرتها لروسيا متشككة، الأمر الذي لم يتضح لدى ترامب بعد".

وتقول الصحيفة: "إن كانت هذه الفروقات ستسيطر على اجتماعهما، أو أنهما سيتمكنان من الاتفاق على ظروفهما المشتركة، فيمكن أن تكون هذه أكبر لحظة للزعيمين، وقد يكون لدى ماي المزيد لتكسب أو تخسر، بما في ذلك خطاب لأعضاء الكونغرس الجمهوريين قبل مقابلة ترامب بيوم، وستقول ماي إن الـ(بريكسيت) يوفر فرصة لشراكة جديدة مع أمريكا، بحسب مقتطفات من تعليقاتها للجمهوريين، التي تم نشرها يوم الأربعاء".                                                                                                                                                                                                                                 
ويورد التقرير أن ماي ستقول خلال خطابها: "في الوقت الذي نكتشف فيه ثقتنا معا، وفي الوقت الذي تجددون فيه دولتكم، ونجدد نحن دولتنا، لدينا الفرصة، بل المسؤولية لتجديد علاقتنا الخاصة لهذا العصر الجديد، ولدينا الفرصة ثانية لنقود (العالم) معا ثانية".

ويلفت الكاتبان إلى أنه مع تحضير بلد ماي لمغادرة الاتحاد الأوروبي، فإنها تراهن في رئاسة الوزراء على تمكنها من تشكيل علاقات جديدة خارج القارة، وفي أعلى القائمة تحقيق علاقات أنجلو أمريكية قوية، بالإضافة إلى أنها تحتاج إلى إقناع ترامب بأن الناتو يتماشى مع رؤيته "أمريكا أولا" في أمور الدفاع والمشاركة في الخارج.

وتجد الصحيفة أن "الدعوة لأن تكون ماي أول زائر أجنبي للرئيس ترامب مجاملة دبلوماسية كان مشكوكا في حدوثها قبل أسبوع تقريبا، وجاءت بعد سلسلة من أفعال قام بها ترامب، التي يمكن قراءتها بسهولة على أنها ازدراء، فبعد فوزه في الانتخابات مباشرة، دعا ترامب المعارض للاتحاد الأوروبي نايجل فراج للقائه في برج ترامب، ثم قام بعدها بالتغريد قائلا إن فراج مناسب لأن يكون سفيرا لبريطانيا في أمريكا، وبحسب نص مسرب للمكالمة الأولى بين ترامب وماي، فإن ترامب اقترح إن كانت ماي ستمر من واشنطن أن تعلمه بذلك".

ويفيد التقرير بأن تجاوز البروتوكول الدبلوماسي أقلق فريق ماي، التي ترى في فراج خصما متطفلا، وبدلا من توجيه وخزة مضادة، فإن مكتب رئاسة الوزراء بدأ بالتزلف لكسب الود، فقام وزير الخارجية بوريس جونسون بمقاطعة اجتماع للاتحاد الأوروبي لمناقشة فوز ترامب، بالإضافة إلى أن ماي رفضت انتقادات إدارة أوباما لإسرائيل، ورددت ما يقوله ترامب.

ويذكر الكاتبان أن بعض المسؤولين البريطانيين ذهبوا أبعد من ذلك، بأن روجوا لفكرة أن تؤدي ماي مع ترامب الدور الذي أدته ثاتشر مع ريغان في إحياء للعلاقات بين واشنطن ولندن، على نمط علاقات ثمانينيات القرن الماضي.

وتستدرك الصحيفة بأن المراقبين البريطانيين يقولون إنه من الصعب العودة إلى دفء العلاقات التي كانت في ذروة الحرب الباردة؛ لأن هناك خلافات أساسية بين رؤية كل من الزعيمين للعالم، حيث إنه في الوقت الذي تقف فيه ماي موقفا صارما من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فإن ترامب يقول إنه يسعى إلى علاقات أقرب معه، بالإضافة إلى أن هناك فروقا كبيرة بين الزعيمين، بخصوص قضايا أخرى، مثل التجارة العالمية والناتو والاتفاقية النووية مع إيران.

وبحسب التقرير، فإن زيارة ماي بعد أسبوع من تنصيب ترامب تشكل فرصة له ليخلق لحلفاء أمريكا، الذين فوجئوا بنتائج الانتخابات، جوا من الشرعية، وتأكيد السياسات والأولويات في أمريكا.

وينوه الكاتبان إلى أن "العلاقة الخاصة"، وهو الاسم الذي يطلق على التحالف الأمريكي البريطاني، كانت دائما غير متكافئة، فأمريكا هي الشريك الأثرى والأقوى، مستدركين بأن هذه الشراكة تعود على أمريكا بفوائد كبيرة، خاصة في مجال المعلومات والدبلوماسية والعسكرية، حيث يتشارك البلدان في المعلومات، ويتحركان معا دبلوماسيا، واعتمدت أمريكا على القوات البريطانية المدربة بشكل جيد في العراق وأفغانستان وأوكرانيا، وتسبب ذلك أحيانا بأن دفع الزعماء البريطانيون الثمن السياسي محليا لذلك التعاون.

وتفيد الصحيفة بأن ترامب ألمح إلى استعداده التفاوض على تجارة حرة من بريطانيا، بمجرد أن تترك الاتحاد الأوروبي، مشيرة إلى أن المسؤولين البريطانيين رحبوا بذلك، وقالت ماي إن ذلك سيكون في أعلى قائمة أولوياتها عند لقائها مع ترامب، وقالت للبرلمان يوم الأربعاء إن اللقاء "مؤشر على قوة العلاقة الخاصة بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة، علاقة خاصة ننوي أنا وهو أن نبني عليها".

وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى أنه مع ذلك، فإن المحللين البريطانيين يرون أن ماي تخدع نفسها إن هي ظنت أن ترامب هو من تحتاجه لتضمن خروجا آمنا من الاتحاد الأوروبي، حيث يقول مدير المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية مارك ليونارد: "إذا نظرت إلى الطريقة التي ينظر فيها ترامب إلى عقد الصفقات، فإن الذهاب إلى هناك في أسرع وقت ممكن، والظهور بأنك مضطر، لا يكون لصالحك؛ ولذلك لا أظن أن ذلك كان ذكاء منها من وجهة نظر تكتيكية".
التعليقات (0)