صحافة دولية

إيكونوميست: لماذا تأخرت الكويت عن الإمارات وقطر؟

إيكونوميست: فشلت الكويت في مواكبة جيرانها- رويترز
إيكونوميست: فشلت الكويت في مواكبة جيرانها- رويترز
نشرت مجلة "إيكونوميست" تقريرا تتساءل فيه عن سبب تراجع دولة الكويت عن بقية جيرانها من دول الخليج، وتحلل فيه نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة. 

وتقول المجلة: "عادة ما يقارن الكويتيون بلادهم ببقية دول الخليج، ما يؤدي بهم إلى الشعور بعقدة النقص، صحيح أن لدى الكويت أعلى نسبة دخل قومي للفرد في المنطقة (ورابع دولة في العالم)، وهذا يعود إلى احتياطي النفط العالي الذي تتمتع به، وعدد سكانها الصغير، لكنها تراجعت مقارنة مع دول مثل قطر والإمارات العربية المتحدة، فيما يتعلق بالدينامية والجاذبية الدولية، واليوم حتى السعوديون يتطلعون للانطلاق من الناحية الاقتصادية".

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن "الكويت لا تزال تميز نفسها في ناحية واحدة، وهي أنها أقرب من جاراتها من الناحية الديمقراطية، فعائلة آل الصباح تتحكم بشدة في البلاد، حيث تقيد من حرية التعبير وتعين أبرز المسؤولين في الحكومة، بمن فيهم رئيس الوزراء (الذي يقوم باختيار بقية الوزراء)، ومع ذلك يتم اختيار 50 عضوا من المجلس الوطني من الشعب (بمن فيهم النساء)، وعادة ما تحدث فيه مشاكسات، وبالتأكيد ففي انتخابات 26 تشرين الثاني/ نوفمبر قرر الناخبون التخلص من نواب لهم مدة طويلة في المجلس، وفضلوا عليهم مرشحين وعدوا بمواجهة إجراءات التقشف الحكومية".

وتبين المجلة أن "الشيخ صباح الأحمد الصباح تحدث عن (التحديات الأمنية)، بصفتها سببا لإجراء انتخابات مبكرة، لكن الرأي العام كان مركزا على سلسلة من القرارات التي اتخذت بداية هذا العام، التي تم فيها زيادة سعر البترول والمواد المدعومة الأخرى، وقال الوزراء إن هذه القرارات مهمة؛ من أجل سد فجوة العجز في الميزانية، الذي وصل إلى 15 مليار دولار أمريكي العام الماضي؛ وذلك بسبب انخفاض أسعار النفط، الذي تشكل موارده نسبه 90% من ميزانية الحكومة، ووجد الناخبون في ذلك نذيرا لخطط تخفيض للنفقات التي تقدمها الدولة لنظام الرفاه الباذخ، ويريد الرأي العام وضع حد لهذا القتال".

ويلفت التقرير إلى أن "المؤيدين للحكومة يقولون إن المجلس الوطني يمنع تقدم البلاد بطريقة سريعة مثل بقية دول الخليج، حيث لا تحتاج العائلات الحاكمة هناك أي موافقة من المواطنين على خططها، وبالتأكيد، فإن المجلس الوطني الكويتي عادة ما يعرقل المشاريع بشكل يشعر الناخبين بالقلق على وظائفهم والخدمات العامة الرخيصة". 

وترى المجلة أنه "من الخطأ لوم المجلس الوطني وتحميله مسؤولية الركود في الكويت، فقد قام بدور الحكومة في السنوات الثلاث الأخيرة، وقاد التغيير في قانون الانتخابات عام 2012 الجماعات المعارضة إلى مقاطعة جولتين من الانتخابات، (لكن ليس الجولة الأخيرة)، ففي تلك الفترة حققت الحكومة تقدما في بناء البيوت والمستشفيات، لكنها لم تقدم رؤية اقتصادية واسعة، مثل التي تبنتها دول الخليج الأخرى".

وينوه التقرير إلى أن "دبي المبدعة هي المقارنة التي يريدها الكثير من الكويتيين المحبطين، ويعود جزء من هذا لأن الكويت كانت ذات مرة دولة رائدة في منطقة الخليج، وهي أول دولة في العالم قامت بإنشاء أول صندوق سيادي عام 1953، وكانت دولة قائدة في مجال الرعاية، وكانت أول دولة بدأت خطوطا جوية في منطقة الخليج، لكن تدهور خدماتها الجوية كان واضحا، فقد أصبح أسطولها عاجزا، وبدأت الخسائر تتراكم، وبدأت الطائرات التجارية القطرية والإماراتية بتقديم خدمات أفضل وبطرق جديدة، وبدأ الساسة يتحدثون عن الخصخصة، إلا أن البرلمان كان مترددا للتلاعب في إحدى أهم المؤسسات التي توفر الوظائف، ولهذا أحبطت هذه الجهود".

وتورد المجلة أن "الكثير من الكويتيين يقولون: (دع دبي تحتفظ بالسياح الذين يتشمسون على شواطئها بالبكيني ويحتسون الكوكتيل)، الذين ينظرون إلى هذه الأمور بتقوى وعدم قبول، لكنهم يحسدون دبي على طاقتها وكفاءتها، وتعد الإمارات العربية المتحدة (دبي واحدة منها) الدولة رقم 26 في العالم من ناحية سهولة إدارة الأعمال، بحسب مؤشر البنك الدولي، مقارنة مع الكويت، التي تأتي في المرتبة 102، وتشجع عائلة آل مكتوم الحاكمة في دبي على التطوير، من خلال سلسلة من الشركات التي يطلق عليها (دبي إنك)، وبحسب مايكل حرب، من جامعة جورجيا، فإن الدولة هي التي تملك الأرض في الكويت، و(لا يوجد الكويت إنك)". 

ويفيد التقرير بأن "عجز الحكومة يمتد إلى الخدمات العامة، فقد أهملت المستشفيات والمدارس، ويؤدي انخفاض أسعار الطاقة الكهربائية والحر الشديد إلى جعل الكويتيين أكبر مستهلك للطاقة في العالم بالنسبة للفرد، ومع ذلك، فإن الحكومة، التي تزود الطاقة للمواطنين، لم تستثمر الكثير في تحسين البنى التحتية، وقرر البرلمان تأجيل الجهود لتقوية الإمدادات، ففي عام 2014 أدى انقطاع التيار الكهربائي إلى وقف مصافي النفط الرئيسية في الكويت، ما أدى إلى إعاقة إنتاج الوقود لأسبوع، ويكمل الفساد المستشري الصورة القاتمة".

وتختم "إيكونوميست" تقريرها بالقول: "لهذا رد الكويتيون على دعوات التقشف الحكومية من خلال دعوتها إلى ترتيب بيتها أولا، لكن خلف معارضة التقشف هناك قلة من النواب ممن لديه رؤية عن التقدم للأمام، ويبدو أنه من المرجح أن تشهد البلاد فترة ركود أخرى، وربما انتخابات جديدة، فقد عقدت أربعة منها في السنوات الخمس الأخيرة؛ لأن النظام شبه الديمقراطي من النادر أن يكون مرضيا".
التعليقات (0)