كتاب عربي 21

العرب والمسلمون بعد صدمة ترامب: أين نحن من المتغيرات الدولية؟

قاسم قصير
1300x600
1300x600
لا يزال العالم واقعا تحت صدمة وصول المرشح الجمهوري دونالد ترامب إلى البيت الأبيض الأمريكي، فنجاح ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية شكل مفاجأة كبرى للعالم، خصوصا أن كل التوقعات واستطلاعات الرأي لم تكن تتوقع نجاحه وكانت تجزم بوصول المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون إلى البيت الأبيض.

وقد انقسمت ردود الفعل الدولية والإقليمية، ومنها ردود فعل العرب والمسلمين حول وصول ترامب، بين مرحب أو خائف أو مترقب، نظرا للمواقف والتصريحات التي كان يطلقها ترامب خلال حملته الانتخابية.

وقد نشرت مئات، إن لم يكن آلاف، التقارير والدراسات والأبحاث والمقالات حول دلالات وصول ترامب لموقع الرئاسة الأولى في أمريكا، وركزت معظم التقارير والأبحاث على تزامن هذا الحدث مع صعود موجات اليمين المتطرف في العالم وتصويت البريطانيين للخروج من الاتحاد الأوروبي وتراجع دور حزب أنجيلا ميركل في ألمانيا لصالح القوميين الألمان، وتوقع وصول مرشحة اليمين المتطرف في فرنسا ماري لوبان إلى موقع الرئاسة الأولى، مما يعني أن العالم يتجه نحو التطرف والأصولية السياسية والشعبية وأن هناك خوفا من عودة النازية والفاشية لحكم بعض دول العالم.

وما يهمنا نحن اليوم أن نركز على دراسة انعكاس هذه الظاهرة الخطيرة على مستقبل العرب والمسلمين وفقراء العالم ومهاجريه ولاجئيه، لأنه للأسف فإن البعض رحب بوصول ترامب إلى موقع الرئاسة الأولى في أمريكا وخسارة كلينتون، لأن ترامب لا يريد محاربة هذا النظام أو ذاك أو لأنه أطلق تصريحات إيجابية نحو روسيا أو غير ذلك من المواقف التي يعتبرها البعض مفيدة لفريق دون آخر.

لكن ما هو مهم اليوم أن يتم دراسة هذه الظاهرة بشكل شامل وكلي وليس من خلال الجزئيات والتفاصيل وبعض المواقف السياسية التفصيلية، مع أنه لابد من التوقف أمام خطورة مواقف ترامب وفريقه تجاه دعم الكيان الصهيوني وتحويل القدس عاصمة أبدية لهذا الكيان وغير ذلك من المواقف الخطيرة.

فنحن اليوم نواجه عالما يتغير بسرعة ويتجه نحو التطرف واليمين الانعزالي ويعمل لرسم سياسات تسيء للأقليات والمهاجرين، وقد يدفع أصحاب هذه الاتجاهات العالم نحو شن حروب عالمية جديدة قد تصل إلى حد التهديد بالحرب النووية، وقد يدفع العرب والمسلمون وفقراء العالم ومهاجروه ولاجئوه الثمن الأكبر من وراء هذه السياسات والحروب.

ومن هنا لا بد من طرح بعض الاسئلة البديهية: أين هي مصالحنا مما يجري في العالم؟ وكيف يمكن أن نواجه هذه المتغيرات؟ وهل نمتلك رؤية واضحة وشاملة وعميقة لفهم هذه المتغيرات وكيفية التعاطي معها؟

المتابع لردود الفعل العربية أو الإسلامية (إن على مستوى النخب أو الأنظمة أو القوى السياسية وحتى مراكز الدراسات) لما يجري في العالم، يكتشف غياب الرؤية الواضحة أو الشاملة، ويجد أن كل فريق أو جهة سياسية أو حزبية تنظر لما يجري من زاويتها الخاصة ووفقا لمصالحها الآنية.

وللأسف فإننا نكتشف أننا لا زلنا في حالة الجهل لما يحصل، ودائما نقع في خانة المفاجأة تجاه ما يجري وليس لدينا رؤية واضحة وعميقة لما يحصل، وكل ذلك يضعنا جميعا أمام مسؤولية كبرى من أجل إعادة فهم العالم بشكل صحيح وتحديد موقفنا ورؤيتنا تجاه هذه التطورات.

وبانتظار اكتمال الرؤية وتوحيد الموقف من التطورات، فإن الحد الأدنى المطلوب من العرب والمسلمين أن يعيدوا النظر بأوضاعهم ومشاكلهم ويبحثوا في كيفية وقف الصراعات فيما بينهم سواء كانت صراعات حزبية أو سياسية أو مذهبية أو جغرافية، فالعالم لا يحترم إلا القوى، وبغض النظر حول كيف سيتجه العالم في المرحلة المقبلة، فإذا كنا موحدين وأقوياء يمكن أن نفرض وجودنا وندافع عن مصالحنا، أما إذا بقينا غارقين في الصراعات والأزمات فإننا سنكون أمام موجات أو تسوناميات خطيرة ستأخذنا جميعا بعواصفها ورمالها المتحركة ووقتها لن ينفع الندم.
0
التعليقات (0)