سياسة دولية

اعتقالات تركيا.. خلفيات التوتر بين الأكراد والدولة

أبرز النواب المعتقلين رئيسا حزب الشعوب صلاح الدين دميرطاش وفيغان يوكسك داغ- أرشيفية
أبرز النواب المعتقلين رئيسا حزب الشعوب صلاح الدين دميرطاش وفيغان يوكسك داغ- أرشيفية
أثارت حملة الاعتقالات التركية بحق نواب وقيادات كردية جدلا كبيرا بين المتابعين للشأن التركي، حول قدرتها على حل المسألة الكردية المستعصية، منذ بدء حزب العمال الكردستاني لعملياته العسكرية  في بداية ثمانينات القرن الماضي.

عملية السلام التي بدأت عام 2012 انتهت عام 2015، بعد استئناف حزب العمال الكردستاني لعملياته المسلحة ضد الأهداف التركية في مختلف المناطق، مستخدما العمليات الانتحارية والتفجيرات وإطلاق النار، حيث حصدت هذه العمليات ما يقرب من 600 شخص ما بين مدني وعسكري تركي.

فيما قدرت أعداد المسلحين الأكراد الذين قتلوا في عمليات الجيش، ما بين شهر تموز لعام 2015 وحتى شهر مايو لهذا العام بـ 4000 مسلح داخل المناطق الكردية وفي شمال العراق، وذلك حسب بيانات هيئة الأركان التركية.

نواب متهمون
وربط الصحفي "صالح عياد" وهو متابع للشأن التركي في حديث خاص لـ"عربي21" حملة الاعتقالات بقرار البرلمان التركي رفع الحصانة عن عدد من النواب بتهم دعم الإرهاب أو الفساد، وشملت قائمة رفع الحصانة نوابا من مختلف الأحزاب التركية، ولكن غالبيتها كانت من حزب الشعوب الديمقراطي "الكردي".

ويضيف "عياد" أن القضاء التركي قام بفتح ملفات تحقيق ضد نواب حزب "الشعوب"، وقام باستدعاء عدد منهم للامتثال للتحقيقات، ورفض بعضهم ذلك، مما قاد لاعتقالهم.

وأوضح "عياد" أنه هنالك اتهامات لبعض النواب بالمشاركة في جنازات بعض الانتحاريين التابعين لحزب العمال المحظور الذين قاموا بتفجير أنفسهم في أنقرة وإطلاق نواب وصف "الأبطال" عليهم. 

من جهته قال المحلل السياسي والمختص بالشأن التركي "معين نعيم" في حديث مع "عربي21" إن حملة الاعتقالات لم تشمل جميع نواب حزب الشعوب الديمقراطي، وأوضح :"الشعوب هو عبارة عن عدة تيارات يمينية ويسارية وقومية".

وأوضح نعيم إن من تم استهدافه هم النواب الذين يمثلون الجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني.

وأضاف إن الخشية الرئيسية للدولة التركية هي ردة الفعل العسكرية أو الأمنية من قبل حزب العمال.

وقال أيضا :"أفراد التيار الذي تم اعتقاله وعلى رأسهم صلاح الدين دميرطاش الرئيس المشارك للحزب لم يتمكنوا من فرض سياستهم على الحزب بل خضعوا لسياسات الجناح العسكري وعملية اعتقالهم فرصة لعودة ظهور تيار أوجلان الذي تم تهميشه بشكل كبير مؤخرا".

وكشف نعيم أن أوجلان رفض مؤخرا لقاء أي من هذه القيادات التي تم اعتقالها، مما يكشف غضبا كبيرا من طرفه ضد هذا الجناح.

عمليات تحرير
ونصت عملية السلام بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني على انسحاب الأخير من تركيا لجبال قنديل شمال العراق، وعدم ممارسة العمل العسكري، فيما أوقفت الحكومة التركية ملاحقتها لعناصر الحزب في المناطق الجنوبية والتي تسكنها غالبية كردية.

ويقول الصحفي صالح عياد :"بعد انهيار عملية السلام، لم تستطع القوات الأمنية دخول المناطق الكردية في جنوب البلاد، بسبب استغلال فترة السلام من قبل حزب العمال الكردستاني، حيث قام بإنشاء مقرات عسكرية له، إضافة لمخازن أسلحة ومتفجرات على نطاق واسع، مما دفع الجيش التركي للقيام بعمليات عسكرية واسعة النطاق."

ووصف عياد ما حصل في الجنوب بأن الجيش التركي قام بتحرير مدن بأكملها من قبضة حزب العمال، التي كان يسيطر عليها سابقا.

وأضاف: "موضوع سيطرة المليشيات الكردية على الطرف السوري من الحدود، أعطى حزب العمال أملا في تنفيذ ذات السياسة على الطرف التركي".

وأشار إلى أن العمليات العسكرية أحدثت فجوة بين "العمال" الكردستاني والمواطنين، بسبب نزول المقاتلين من الجبال والتمركز في المدن، مما جلب لهم ضررا كبيرا بسبب العمليات العسكرية.

تعويض السكان
من جهته أوضح "معين نعيم" إن الدولة التركية عن طريق مشاريعها "التوكي" تقوم حاليا بعمليات بناء واسعة لأبنية تضررت خلال العمليات العسكرية في عدد من مدن الجنوب، إضافة إلى دفع الدولة لتعويضات لجميع السكان المتضررين، وإعفائهم من الضرائب لمدة ثلاث سنوات للتخفيف عن كاهلهم، أو كما قال.

وأضاف أيضا:" الدولة من خلال هذا التصرف، تستطيع كسب قلوب السكان الأكراد، بأنها ليست عدوا لهم كما يروجه عناصر العمال الكردستاني".

وختم معين حديثه قائلا:" الرهان الآن هو على دعم تيارات أخرى باتت تبرز على الساحة الكردية، من خلال تنفيذها لنشاطات كبيرة تساهم في التخفيف عن السكان.

وكانت هيئة الأركان التركية قد أعلنت الشهر الماضي إنتهاء العمليات القتالية، وأعلنت السيطرة على جميع مناطق الجنوب التي خضعت لسيطرة المقاتلين الأكراد.
التعليقات (0)